هل علينا الزعيم صالح بخطاب حرب آخر متوعدا أبناء الجنوب بالتهجير إلى جبوتي، خطاب يذكرنا بإعلان الحرب في 27 ابريل 1994م تلك الحرب التي أصابت الوحدة في مقتل وأوجدت جرح غائر في النفوس تحول معها الجنوب إلى ميدان استباحة وقتل يومي، والحال كذلك في حروب صعده الست، أصبح معها الزعيم جدير بلقب زعيم الحروب. ما يدعو للدهشة ان الرجل يتحدث بثقة تؤكد ما كان يردده البعض من انه لا زال هو المسيطر على القوات المسلحة وبوصفه رئيسا اخر يملك حق اصدار قرار الحرب او انه يعتبر البلاد (حقه) حتى لو كان هناك رئيسا منتخبا يقود دفة البلاد. في الوجه الاخر من الصورة يطل علينا السيد عبد الملك الحوثي بين يوم واخر بخطب لا تخلو من وعيد تحمل، فيما يخص الجنوب، طروحات تناقض نفسها، فبعد ان كان انصار الله هم النصير الشمالي الوحيد لأبناء الجنوب لدرجة ان كنا نتعاطف معهم في ما واجهوه من حروب ظالمة تحولوا، بعد السيطرة على صنعاء، الى مقولة (العدل) لأبناء الجنوب (وما فوق العدل ظلم) حد تعبير السيد وكان ذلك اول التفاف على حق الجنوبيين قبل ان يختمها الاخ محمد عبد السلام (الناطق الرسمي لأنصار الله) بشرط تعجيزي (وحدة الجنوبيين) ليمثل ذلك التنكر الواضح والصريح. في خطب السيد والزعيم لم نسمع كلاما عن التعاطي مع واقع الحال بتجرد من ال (أناء) كأن يتحدث أي منهما عن معالجة قضايا الناس بما يرضي الناس، والجنوبيين على الأخص، وبعلاقات متوازنة مع الآخر بعيدا عن الاستقطاب الإقليمي، تضع مصالح البلاد على نفس مستوى مصالح الإقليم والعالم، بل لها الأولوية. نبحث في خطبهم عن ملامح مستقبل يحمل حلولا لكنا لا نرى الا نذر حروب، نبحث عن مشروع خلاص فلا نرى الا مشاريع (حكم)، نبحث عن مستقبل مشرق فلا نرى الا مستقبل مفخخ. كنا نظن ان معاناة السنوات الماضية، بما حملته من آثار كارثية مست شخصيهما، فالسيد خسر والده وشقيقه وكثير من انصاره في حروب نقر بانها ظالمة، والزعيم عاد من انياب الموت في جريمة نستنكرها، كنا نظن ان ذلك سيعيد لهما التوازن النفسي والاندفاع نحو الخلاص من الصراعات، لكن ما نراه هو استخدام كل منهما للأخر لتحقيق مشروعه الخاص،، ولا ندري لماذا يظنان ان عجلة الصراعات ستتوقف اذا سيطر احدهما او كلاهما؟. نحن في الجنوب، كنا ننشد العدل لصعده وأصبحنا اليوم ننشد العدل من صعده، كنا نطالب بإنصاف صعده فأصبحنا اليوم نطلب الإنصاف من صعده، والسبب، ببساطة شديدة، ان صعده امتلكت القوة، وكما نرى فان القوة وحدها لا تقدم حلولا دائمة لان القوة متغيره والمتغير لا يصنع ثباتا. يتفق السيد والزعيم في الانتقاص من حق الجنوب والجنوبيين ويستخف، كل منهما بطريقته، بحق الجنوبيين في التحرير او تقرير المصير، ولا ادري هل يتفقا في ان الجنوبيين ليسوا الا بقايا هنود، بمعنى اخر، يريدون جنوب بلا جنوبيين!؟، فهل ذلك يرجع الى ان الجنوب اعزل وصعده مسلحة؟. في التاريخ كثير من العبر التي لا نتعظ منها، فيها كثير من الطغاة الذين كانوا يحملون معول الهدم بيد والمدفع بيد أخرى، ولكل منهم أعوان وحملة مباخر ومصفقين، لا يحملون مشاريع أوطان تخلدهم، فذهبوا تحفهم لعنات التاريخ وبقيت الأوطان، ولم يعد احدنا يذكر نيرون روما، نذكره فقط حين نقرأ قول الشاعر محمود درويش: نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل وحبوب سنبلة تموت ستملأ الوادي سنابل