تدق طبول الحرب الأهلية في اليمن بدوي يتصاعد يوما بعد يوم، في ظل التناحر بين أطراف ثلاثة تتصارع على "كعكة" وطن يتمزق بفعل التنافس الإقليمي الذي يزكي النعرات الطائفية والدينية ليبقى الوضع على ما هو عليه، وسط معاناة مواطني اليمن من الجوع والفقر وتدهور جميع الخدمات العامة الصحية والتعليمية والمواصلات والاتصالات في ظل غياب الدولة بشكل واضح. تتخذ الأطراف الثلاثة المتصارعة على السلطة في اليمن استعدادات عسكرية متسارعة بهدف تعزيز قوتها في صراعها المرتقب، سواء من قبل الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي أو من قبل جماعة الحوثيين (الشيعة المسلحة) الذين باتوا يفرضون السيطرة بشكل كامل على كل مقدرات الجيش اليمني، أو من قبل الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي بدأ يتحرك عسكريًا ضد هادي وأنصاره. مواجهات عسكرية بين أنصار هادي والمخلوع صالح واعترضت السلطات الأمنية اليمنية التابعة للرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، اليوم السبت، كتيبتين من كتائب القوات الخاصة، الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، كانتا تتحركان باتجاه عدن، وذلك بعد أيام من تهديد صالح لمن سماهم الهاربين إلى عدن. وكشفت تقارير صحفية وإعلامية أنه تم اعتراض الكتيبتين في منطقة طور الباحة في محافظة لحج شمال غرب عدن، في الوقت الذي تحركت فيه كتيبتين أخريين من القوات الخاصة مواليتين لصالح من صنعاء إلى محافظة تعز بهدف إبقاء عدن تحت التهديد. وكان الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح قد صرح قبل أيام مهددًا من سماهم الهاربين إلى عدن بعدم إتاحة الفرصة لهم للهروب، مبينًا أنه في حرب عام 1994 سمح للهاربين بالخروج من اليمن عبر ثلاثة معابر حدودية، إلا أن الهاربين إلى عدن – في إشارة إلى الرئيس هادي وأنصاره – سيكون لهم خيار وحيد للخروج من اليمن وذلك عبر ميناء الحديدة، وهي التصريحات التي اعتبرها هادي مناكفات يجب التوقف عنها. هادي يحاول إعادة التوازن للجيش في المقابل عزز الرئيس هادي من تواجد قواته الموالية له في عدن، وذلك باستقدامه قوة تابعة للواء 113 من محافظة أبين، حيث تمركزت على مقربة من معسكر الصولبان الذي تعسكر في القوات الخاصة في عدن، والتي يرفض قائدها التسليم لخلفه المعين من قبل الرئيس هادي. وقام الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أيضًا بإصدار قرارات رئاسية جديدة، جاءت بحسب مراقبين تعزيزًا لقدراته العسكرية، حيث شملت القرارات أيضا إعادة عشرات الضباط والعسكريين الذين كان قد تم تسريحهم من وظائفهم في عهد المخلوع صالح بعد حرب عام 1994، التي تعرف بحرب الانفصال، بالإضافة إلى تعيين 20 ألفا من أبناء الجنوب في الجيش اليمني. واعتبر مراقبون أن تعيين أبناء الجنوب في الجيش تأتي لإعادة التوازن في مكوناته، خاصة بعد مطالبة الحوثيين بتعيين 20 ألف حوثي من الشماليين، وسيطرة أنصار الرئيس المخلوع الشماليين أيضا على الجيش خلال السنوات الأخيرة. وجاءت قرارات الرئيس هادي بعد يوم من قيام الآلاف من الحوثيين بإجراء مناورات عسكرية بالأسلحة الثقيلة، الخميس الماضي، في منطقة البقع في معقلهم الرئيسي في محافظة صعدة اليمنية الشمالية القريبة من الحدود السعودية. الحوثيون يستولون على القاعدة الجوية من جهة أخرى، قام الحوثيون في صنعاء بالاستيلاء على قاعدة الديلمي الجوية بشكل كامل، وطردوا أركان حرب القوات الجوية في الجيش اليمني، العميد عبد الملك الزهيري، بعد محاصرة مكتبه في القاعدة، حيث حذروه من العودة لممارسة عمله. وحذر الحوثيون – بحسب بعض المصادر – منتسبي القوات الجوية من نقل أي عتاد عسكري لأي محافظة موالية للرئيس هادي، وخاصة محافظات الجنوب، حيث منعوا طائرة "يوشن" كانت في طريقها إلى مدينة سيئون في محافظة حضرموت من الإقلاع لكونها تحمل عتادا عسكريا، حيث توضح المصادر أن الحوثيين يتخوفون من منتسبي سلاح الجو كون معظمهم يرفض الإجراءات الحوثية، مبينة أن الحوثيين عينوا مراقبين لهم داخل القاعدة الجوية فيما يحاصرونها بإقامة العشرات منهم في منازل حول القاعدة، بحسب الشرق الأوسط اللندنية. واستولى الحوثيون قبل عدة أسابيع على صفقة صورايخ طائرات كانت قادمة من روسيا، بالإضافة إلى عدة طائرات عسكرية كانت رابضة في القاعدة الجوية في مدينة الحديدة الإستراتيجية، حيث نقلوها إلى مطار صعدة الذي تحول إلى ميناء دولي ويملك الجيش اليمني 120طائرة عسكرية متنوعة منتظمة في 10 أسارب، معظمها يتمركز في قاعدة الديلمي في العاصمة صنعاء، والتي يوجد فيها سربان من طائرات ميغ 29 فيما يوجد سرب في الجنوب، ويوجد في صنعاء أيضا 3 أسراب من نوع سيخوي فيما يوجد من هذه الطائرات سرب في الحديدة، التي يوجد فيها سربين آخرين من نوع ميغ 21، أما على مستوى طائرات الهليوكوبتر، فيوجد في صنعاء 10مروحيات ومروحية أخرى في الحديدة وثانية في حضرموت بالإضافة إلى طائرات الشحن يوشن العملاقة وطائرات انتونوف الصغيرة المخصصة للدعم اللوجستي. ويوضح المراقبون أن ما يقوم به كل من الرئيس هادي والرئيس المخلوع علي صالح والحوثيون من تحركات عسكرية في اليمني، يؤشر إلى قرب اندلاع حرب أهلية، خاصة مع تسلح القبائل اليمنية الموالية لكل طرف والتي ستكون حتما طرفا في هذا الصراع، محذرين من عواقب تلك الحرب - التي توشك على النشوب – وأنها قد تدمر مستقبل اليمن وتؤثر على باقي دول المنطقة.