منذ سقوط العاصمة صنعاء في ال 21 من سبتمبر من العام الماضي بيد جماعة الحوثي، وحتى قيامها بالانقلاب على الشرعية واحتجاز الرئيس هادي ووضعه تحت الإقامة الجبرية، ظلت مدينة تعز تعيش أجواء آمنة، وحالة رائعة من التماسك والهدوء، عكست وعي أبناءها بضرورة التزام السكينة ونبذ الفوضى، حفاظاً على أمن مدينتهم، كما على السكينة العامة للمواطنين، إلى أن أبَتْ جماعة البغي والكهنوت إلاّ أن تُقحمها في صراعاتها العبثية. فها هي قذائف الموت تتساقط اليوم حقداً أسوداً على أبناء هذه المدينة الحالمة، لا لشيء سوى لتأديبها والانتقام منها، ولم لا؟! فهي كانت السبَّاقة دوماً في الفعل الثوري، فمنها انطلقت الشرارة الأولى لثورة فبراير- شباط 2011 المباركة، ومنها انطلقت مسيرة الحياة الراجلة إلى صنعاء، كما خرجت منها أول مسيرة ترفع صور الملك سلمان وتقول "شكراً عاصفة الحزم" بعد 6 ساعات فقط من انطلاق العاصفة، كتعبير عفوي وتلقائي ينمُّ عن وجعها الصامت وجرحها الغائر، جراء سياسات الاستعلاء والتهميش المناطقي والطائفي السافر، الذي ظلت تمارسه عليها قوى الكهنوت والظلام طوال العقود الماضية. ها هي ذات العصابات الإجرامية، تعيد الكرة في استفزاز تعز، وتحاول امتحان شموخها وكبريائها، بعد أن فشلت في إحراز أي نصر أو تقدم على كل جبهات القتال، في عدن والضالع ومأرب وشبوة، وغيرها من الجبهات، في محاولة يائسة منها لتحقيق أي منجز ولو كان وهمياً، لتجد بالمقابل كل أبناء الحالمة لها بالمرصاد، فقد خرج شبابَها وفتيانها وكل أبناءها إلى الشوارع والأزقة والحارات، مُتوشحين كبريائهم، ومُرتدين عنفوانهم، وأعلنوا النفير العام، لتطهير مدينتهم من كل النفايات التي لطالما لوثتها، ولتنقيتها من آثار ذاك الغبار الجاثم عليها منذ عقود طوال، والذي ظل يحجب حقيقة جمالها وصفائها، كما قرروا تصفيتها من كل تلك القاذورات، التي شوَّهت سحر طبيعتها ومنظرها الخلاب. تعز بدأت النفير إذاً .. وهي التي لم يعرف أبنائها يوماً سوى لغة القلم، بديلاً حضارياً عن لغة "الفاشية"، التي لا تجيدها سوى تلك الكائنات القادمة من كهوف ومغارات ما قبل التاريخ، وللأسف فإن عبد الملك الحوثي ومن قبله المخلوع علي صالح، لا يُدركون -حتى الآن- ما معنى أن تعلن تعز النفير؟! نقول لهم أن ذلك يعني ببساطة شديدة، أن لعنات التاريخ والجغرافيا قد بدأت –ومنذ هذه اللحظة- تلاحقكم إلى قبوركم، وليس فقط إلى جحوركم، وأن تاريخاً جديداً قد بدأت أولى سطوره تكتب الآن، ستقرأه كل الأجيال القادمة حتماً، هذا التاريخ سيقول للأجيال بأن آخر سطر من تاريخ علي عبد الله صالح السياسي كان قد كُتب في تعز، كما أول سطر من تاريخ حياته السياسي كان قد كُتب في تعز أيضاً.