تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    مليشيا الحوثي تعمم صورة المطلوب (رقم 1) في صنعاء بعد اصطياد قيادي بارز    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    الخميني والتصوف    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة والإعلام.. وجهان لنجاح عظيم
نشر في الجمهورية يوم 29 - 09 - 2014

نصف قرن وسنتان هو عمر ثورتنا السبتمبرية الشامخة، خمسة عقود ونيف هو مشوار عظمتها وشموخها، اجتازت خلالها الكثير من النكبات والانتكاسات وتخطّت كل التحديات والأزمات، لكنها لم تلن وتضعف، بل أثبتت خلالها أنها عظيمة وسامقة وأبية وأنها ثورة شعب مغوار أبى إلا أن يتحرر من كهنوت العزلة والانغلاق الذي كانت تعيشه اليمن إبان العهد الأمامي البائد.. ثورة شعب أبي لم يرتضِ لنفسه الذل والخنوع والعبودية وقيد السجون وظلمة العقول والأغلال وشبّ عن طوق الجور والهوان لمداءات الحرية ولفضاءات رحبة يتنسّم فيها عبق الحرية والفكر والوضاء والتنوير الثقافي والعلمي والتحرري على كافة الأصعدة والمستويات..
وفي مسيرة الثورة الشماء ومنذ اندلاعها في 26 من سبتمبر 1962م ظل الإعلام هو الرديف الأساسي لنجاحها والشريك الرسمي لها في مراحلها المختلفة وعايش كل تفاصيلها وإرهاصاتها وكان عاملاً مساعداً ساهم في تدعيم أركانها وتثبيت مبادئها القومية في صفوف الجماهير اليمنية، ودعم نجاحاتها لما له من دور فعال في بث روح الحماسة وتثبيت روح الولاء الوطني للمجتمع بشكل عام نظراً لقربه الشديد من المواطن وملازمته لعقله وسمعه وبصره في أغلب ساعاته سواء في النهار او الليل..
لا نبالغ بالقول إن قلنا إن أساس كل ثورة ناجحة إعلام ناجح يضاعف من إنجازاتها ويبعث الهمة في نفوس مواطنيها في أرجاء الوطن، وبالتالي فهو يتناسب تناسباً طردياً مع الثورة ويعكس مدى التزامه بالمسئولية الوطنية تجاه المجتمع والعمل على المحافظة على تاريخنا العريق ومتابعة لكل الأحداث المستجدة .
وجهان لنجاح واحد
وإذا كنا نريد الحديث عن كل هذه المرحلة من التاريخ اليمني مرحلة الثورة وارتباطها بالإعلام، باعتبارها تمهيداً للمرحلة الحديثة ونبرز الدور الحيوي للصحافة والإعلام في تجسيد وبلورة أهداف الثورة وكونه ساهم في إنجاحها, فمن الإنصاف أن نقول إننا لن نستطيع أن نلم بكل جوانب إرهاصات تلك المرحلة المُعقدة ولن ننصفها أو نوفيها حقها أبداً في هذا الحيز الصغير باعتبارها مرحلة مهمة جداً ومرحلة مفصلية في حياة الشعب اليمني خاصة وعلى صفحات التاريخ بشكل عام, وقد شهدت الكثير من التعقيدات والمتغيرات والتحولات الخطيرة جداً و التي كان الإعلام فيها لاعباً أساسياً ورئيسياً ومؤثراً تأثيراً جوهرياً على سير الأحداث ومجملها.
لذا يتوجب أن نتوقف عند هذه المرحلة بروية وتحليل أكبر، وذلك لما لها من بروز للنضال الشعبي والعسكري والجمعي والمؤثر في أعماق ووجدان الشعب اليمني وكيانه وحياته وحاضره ومستقبله, لكننا سنحاول في ثنايا هذه الأسطر أن نسلط الضوء على هذا الدور الذي لعبه الإعلام في اليمن بعد قيام الثورة اليمنية سبتمبر 1962م وكيف كان الإعلام وسيلة هامة ومؤثرة في حياة المجتمع اليمني بحيث بث فيه روح الحماسة والولاء الوطني وأشعل فيه توقه للحرية والانعتاق حفاظاً على مكتسبات ومبادئ هذه الثورة العظيمة وأهدافها الجليلة التي حررت الشعب من دياجير الظلم والاستبداد ..وهل كان الإعلام والثورة وجهين لنجاح عظيم واحد؟
التزام ومسئولية
نستطيع أن نقول إن الإعلام يعكس التطور الذي طرأ على المجتمع كالتزام ومسئولية وطنية جادة وفعالة تجاه أهداف الثورة وزرعها في عقلية المجتمع اليمني من حيث التوعية بها وتنشيط الجهود الوطنية للعمل وإذكاء الروح الوطنية والثورية لدى اليمنيين والمحافظة على مبادئ الولاء للوطن وأيضاً متابعته لتسلسل الأحداث الثورية في مواقع مختلفة من النضال بالفكر والقلم والكلمة والعمل العلمي من أجل تغيير الأوضاع الراكدة والجامدة التي كانت تحاصر المجتمع اليمني في عهد الإمامة في الشمال والاحتلال البريطاني في الجنوب.. وبعد تحقيق ثورة 26 سبتمبر 1962م نهض الجانب الثقافي والإعلامي بشكل عام في بلادنا وشب وبقوة عن طوق الاستبداد السياسي الذي كان يعانيه في عهد الإمامة ,إذ لا يمكن للإعلام أن ينهض بدوره الثوري إن كان تحت الهيمنة أو تحت الوصاية الاستبداد السياسية والاستبداد والرق المهيمن, فلا حرية ولا تحرير إلا ببديل سياسي يحمل رؤية ثورية للمجتمع.. فكان لزاماً على الإعلام أن يمسك براية الثورة ويسير معها جنباً بجنب كشركاء كفاح وهدف واحد وينهضا بواقع المجتمع اليمني للانعتاق والنجاة والتحرر ويجسدا نشر مبادئ ثورة قومية تحررية لا استبداد فيها ولا كهنوت ولا طغاة .
فترة كفاح ونضال
ندرك جميعاً أن حجم الكفاح في حياة الشعب اليمني كبير جداً خلال تاريخه القديم والمعاصر وندرك مدى نضاله باستبسال وقوة في سبيل نيل الحرية والكرامة والاستقلال الوطني والحفاظ على سيادة أراضيه وصيانة تربة وطنه من كل معتد غاشم أو محتل آثم فبعد انطلاق ثورة 26 سبتمبر الخالدة شكلّت منعطفاً تاريخياً ومفصلياً غاية في الأهمية وآثر تأثيراً قوياً على مسيرة النضال الوطني ومستقبل اليمن وفيه لعبت وسائل الإعلام دوراً بارزاً وهاماً وبالذات حينما انتقل ثقل الأحداث السياسية من عدن إلى صنعاء وانتقل الآلاف من أبناء الوطن إلى صنعاء كي يحافظوا على الثورة والجمهورية.
حينها انقسمت وسائل الإعلام في عدن بين مؤيد ومعارض ومؤيد للدول التي تقف ضد الثورة والجمهورية.
وذلك جعل من قوى الثورة في صنعاء تقوم على تشكيل الجبهة الوطنية ثم جبهة التحرير وكانت حينها إذاعة صنعاء تبث روح الحماسة والوطنية في أوساط المجتمع الوطني وسخّرت برامجها للإشادة بالثورة السبتمبرية والأكتوبرية أيضا واستمرت بجهودها الإعلامية في إنجاح الثورة اليمنية واستنهاض الهمة الوطنية في صفوف المحاربين ضد بقايا الملكيين.
أي أن هذه الفترة كان كفاح الشعب اليمني يسير باتجاهين، الاتجاه الأول ضد قوى الاستعمار من جهة ومن جهة أخرى الحفاظ على مكتسبات الثورة ووحدة اليمن وبناء دولة قوية مناهضة للإمامة.
وقد واجهت هذه الفترة الكثير من الكوارث والمعوقات من دول إقليمية معادية لم تكن تريد لليمن الخروج من عنق الظلم والظلام والظلمات فعملت جاهدة على مناوئة الثورة والجمهورية, ومن هنا كان الإعلام يقوم بمهمته الكبيرة والمضطلعة في الوقوف إلى جانب الثورة والجمهورية والتحريض وتشكيل رأي جماهيري عام ومؤثر نتج عنه التجاوب الكبير لكل جماهير الشعب اليمني بكل فئاتهم ورؤاهم ومشاربهم سواء على مستوى المهاجرين خارج الوطن أو على مستوى الداخل فبدأوا بالانخراط في الحرس الوطني بشكل متدفق وذلك للتصدي لبقايا الإمامة في كل من تعز وإب وعدن والحديدة وخمر ويافع وحجة وردفان وذمار والبيضاء وأبين حضرموت ولحج....إلخ.
وكان هذا التجاوب الوطني والاندفاع المستلهم من حس وطني بحت لا يحركه إلا حب الوطن والولاء له ويدل لنا دلالة واضحة على عمق الولاء والنضال الوطني الشعبي الذي كان متجذراً و ضارباً أطنابه في جذور التاريخ اليمني القديم والحديث والمعاصر وفي حياة شعب عريق لا يهادن على وطنه أبداً ويقدم كافة التضحيات من أجل الحفاظ على أرضه وثورته المجيدة..
صحف ثورية وإذاعة حماسية
بعد اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962م تم وقف الصحف الصفراء التي كانت تصدر في عهد الإمام وتم إصدار صحف جديدة باسم الثورة والجمهورية وصحيفة الأخبار وقد كانت هذه الصحف هي الناطق الرسمي باسم الثورة وأخذت النهج الثوري للثورة بمفهومها العام والشامل.. وقد نجحت هذه الصحف في تشكيل يقظة نوعية ووطنية بين أوساط الشباب الذين يمتلكون الفكر و التعليم وساهمت كثيراً في بلورت أفكارهم أكثر من خلال أهداف الثورة اليمنية بكل جوانبها وأهدافها المؤثرة.
هذا بالإضافة إلى تفاعل الإذاعة ودورها الفعال في بث الحماس وإيقاظ المشاعر الثورية والحماسية بين المواطنين والمحاربين أيضاً عن طريق الأناشيد الثورية والأشعار الحماسية والبرامج الوطنية المختلفة.
ومن الأهداف التي عملت الصحف على بلورتها, العمل على تنظيم الشعب في صفوف تنظيم سياسي موحد يشارك في عملية البناء الثوري للتصدي لقوى الإمامة وبقايا التخلف.
بناء جيش قوي وثوري وبناء المجتمع الجديد في المجالات والإصلاحات الاجتماعية والإقتصادية والسياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الاقتصادية و الاجتماعية... إلخ.
القضاء على كل بقايا الحكم الأمامي لحساب المنظومة الأيديولوجية للثورة اليمنية.. العمل على إحياء الشريعة الإسلامية الصحيحة وإنقاذها من تلك الخرافات والخزعبلات التي كانت سائدة في ظل الحكم الإمامي. . إذن فقد كان للإذاعة ايضاً دور بارز في مساندة الثورة السبتمبرية في تلك الإثناء وفي تلك الفترة الخطيرة وهذا ما ذهب إليه الأديب والشاعر الدكتور عبدالولي الشميري.
سفير اليمن في القاهرة سابقاً حيث قال: ثورة 26 سبتمبر كان أبرز إعلامها إذاعة صوت العرب من القاهرة. يوم لا تلفاز في اليمن ولا إذاعات إلا في صنعاء بثها ساعات نشرة الأخبار ولا تغطي كل اليمن، لكن فيما بعد عام قامت مصر بتأسيس إذاعة تعز وأعرف المؤسسين لها من مذيعي صوت العرب وقصة تأسيس إذاعة تعز كانت لغرض أن تكون هي مصدر البث البديل لإذاعة صنعاء في حالة استطاع الملكيون إسقاط صنعاء والاستيلاء على الإذاعة وخاصة عندما تطورت قوات الملكية ووصلت محيط صنعاء.
فكانت إذاعة صنعاء تقول إذاعة الجمهورية العربية اليمنية من صنعاء وتعز. وكذلك إذاعة تعز تقول في بثها من صنعاء وتعز. وكانت إذاعة المملكة المتوكلية اليمنية من الجوف أقوى بثاً وعزفاً وأخصب تهديداً وترهيباً.
الرصاصة والكلمة في خط نضال واحد
واصل الشعب اليمني كفاحه بكل فئاته ومنظماته السياسية والاجتماعية والعسكرية يجمعهم هدف مشترك واحد هو النضال لتحقيق الهدف الأسمى وهو انتصار الوطن متمثلاً بثورته ويسانده في ذلك القلم والكلمة وشكلا ظهيراً قوياً لدحر كل الحركات المناوئة الاقليمية والعربية التي تشكلت بعد قيام الثورة التي أعادت للجميع قوة الإرادة والثبات على مبادئ الحرية والكرامة وإعلاء المصلحة الوطنية العليا للوطن.
وبالفعل كانت الرصاصة والكلمة في خط نضال واحد للحفاظ على الثورة ومكتسباتها كما أفاد الأخ عبدالله سلطان.. صحفي واعلامي..
بالطبع كان للإعلام دور كبير جداً , وليس فقط بعد الثورة اليمنية فقط، بل كان من قبل الثورة ..فقد كانت توجد صحف معارضة لحكم الإمامة مثل الحكمة وصوت اليمن ولم تكن في شمال الوطن بل في المحافظات الجنوبية في عدن وكانت تلعب دوراً كبيراً جداً في عملية التحريض على الثورة ضد الحكم الأسري الحميدي في شمال الوطن وأيضاً كانت هناك صحيفة اسمها «الفضول» حق عبدالله عبدالوهاب نعمان في عدن وكانت من الصحافة المعرضة لحكم الإمام وكان في صحف كثير تلعب دوراً كبيراً جداً في تغيير تفكير الناس وكشف الحكم الإمامي المتخلف الجامد الأسري وعندما قامت الثورة كان هناك صحف تُسرب للشمال من عدن صحف مصرية مثل روز اليوسف، آخر ساعة 52 عن طريق عدن وتدخل الكثير من الصحف العربية إلى الشمال بالتهريب من عدن كلها طبعا تعارض سياسة الإمامة وتصنع تحولاً فكرياً داخل الشمال لصالح قيام الثورة اليمنية .
طبعا كان هناك ارهاصات كانت قد بدأت في 1948م و1955م و 1958م حدث تمرد قبلي في المناطق الشمالية وكل هذا نتيجة التحولات التي عرفوها عن طريق الصحافة في مصر بعد 1952م. وبعد الثورة لا ننسى أنه كان هناك مناوئة للثورة من الرجعية العربية ومن الاستعمار العالمي وصحافتهم كانت تلعب دوراً كبيراً في مناهضة الثورة.
فبعد الثورة بعد سنة أو سنتين كان هناك جيل من الصحفيين والكتاب والاعلاميين الذين لعبوا دوراً كبيراً في الصحافة اليمنية المقاومة ومناهضة للهجمة الشرسة التي كانت على الثورة ولعبت دوراً كبيراً في إذكاء الروح الوطنية الثورية المقاومة للحرب الاستعمارية التي كانت تُشنّ على الثورة المباركة .
وأضاف: في هذه الفترة وجدت صحافة حكومية من ضمنها الجمهورية والثورة لعبت أيضاً دوراً كبيراً من خلال كتاب كثيرين صعب جدا أسرد أسماءهم وأتذكرهم مثل الدكتور عبدالعزيز المقالح وعمر الجاوي رحمه الله ومحمد الزرقة والكثير لا أتذكرهم في هذه العجالة.
ولا ننسى أيضاً إذاعة صنعاء التي ساهمت كثيراً في مقاومة المد الاستعماري الرجعي الذي كان يستهدف ثورة 26سبتمبر.
احتدمت المعركة والهجمة الشرسة على الثورة والجمهورية في حصار السبعين يوماً في 67 و 68 وكان للصحافة دور عظيم، رغم أنهم كانوا محاصرين داخل صنعاء ولا ننسى ايضاً إذاعة تعز وهي أول ما فتحت من أجل دعم ثورة 14 أكتوبر في جنوب الوطن ونقلت أخبار العمليات الفدائية والعسكرية وإذكاء روح المقاومة والنضال لتحرير الجنوب، وكان في عدة جبهات وعدة مجاميع انطلقت الثورة في 14 اكتوبر وكانت في خدمتها إلى جانب خدمتها العامة للثورة السبتمبرية، وكان هناك برامج في إذاعة صنعاء يقدمها الجبري وحمود زيد عيسى باللهجة القبيلة كي توصل لأكبر شريحة من المواطنين البسطاء وعامة الشعب.
نستطيع أن نقول إن الرصاصة والكلمة كانتا جنباً إلى جنب تعملان على الحفاظ على الثورة الى أن أسقط الحصار ونجحت الثورتان العظيمتان .وما في شك أن هذا الموضوع ليس بالسهولة أننا نطرح دور الإعلام في الفترة هذه خاصة الفترة من 26 سبتمبر إلى نهاية 68م لأنها كانت فترة نضال، الكل يناضل بالكلمة وبالرصاصة الجندي بالموقع والكاتب والصحفي على صفحات الجرايد وكان لها تأثير في إقناع الشعب بالدفاع عن الثورة والجمهورية وتكونت المقاومة الشعبية لتحل محل القوات المسلحة والأمن في داخل المدن كي تقوم بالنواحي الأمنية ويخرجوا منهم للمعارك التي تدور خارج صنعاء وكانت عاملاً مساعداً وظهيراً للجيش والأمن .. من الصعب سردها وكانت مرحلة معقدة وهامة وليس من الإنصاف أن نتحدث عن هذا الدور الهام في عجالة، كان هناك تلاحم قوي شعبي وعسكري وسياسي بين أبناء الشعب وبين قادة الثورة في تلك الفترة وبالتالي كان النصر حليفاً للثورة لما لعبه الإعلام من أدوار كبيرة في تغيير تفكير الناس وأنه لابد أن نمضي للأمام والإيمان الحقيقي بإرادة وبقضية وطن .
قراءة متأنية
الأخ عبدالملك المثيل. كاتب وصحفي يقول: الحديث عن 26 سبتمبر كثورة كما نسميها نقلًا عن الأنظمة الجمهورية التي تلت ما بعد ذلك التاريخ، أو كانقلاب عسكري قام به مجموعة من الضباط الأحرار كما يذهب بعض المفكرين والمؤرخين، حديث يجب كما أرى أن يحدد معالم النجاح لإيجابيات تحققت أفادت الشعب اليمني، ويجب الاستمرار في بقائها وكذلك تطويرها لتتوافق مع متغيرات الزمن، ويحدد أيضا السلبيات التي استمرت أو تواجدت بصورة أو بأخرى ، لنتمكن كشعب من معرفة الأسباب، حتى نبحث عن حلول مناسبة تؤدي إلى القضاء على السلبيات المعيقة لبناء اليمن الأرض والإنسان، لأن 26 سبتمبر كحدث تاريخي التزم بذلك.
ما يحسب لذلك التاريخ ثورة كان أم إنقلاباً، نجاحه في هدم التمييز الطبقي الاجتماعي ولو بصورة نسبية، خاصة في جانب الحكم والسلطة، لأن النظام الإمامي طوال عقود، حصر الحق في الحكم في آله فقط، والواضح أن الأنظمة المتتالية فشلت للأسف في تطوير المساواة الاجتماعية بين الناس كشعب واحد ، خاصة في ظل نظام المخلوع علي صالح ، الذي استنسخ مشائخ بالآلاف ودعم وجودهم، بطريقة لم تكن سوى كارثة حقيقية، أثرت على أهداف 26 سبتمبر بصورة سلبية إن لم تكن قد قضت عليها، إذ إن تمييز المسيدة والعرق المنزه كان يخبو علنًا، لكن تمييز المشيخة أعاد له بريقه، ليحدث ما يحدث اليوم . من الممكن القول أيضًا، إن 26 سبتمبر، نقل الناس من نظام ملكي محصور في أسر بعرق ما، إلى نظام جمهوري ، شارك فيه الناس حسب قدراتهم، وكان من المفروض أن يتم تطوير النظام الجمهوري، لتنتقل اليمن إلى دولة ديمقراطية، تحكمها مؤسسات الدولة، بمراقبة أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني والنقابات، لكن الهفوات التي وقعت فيها القوى السياسية، للأسف الشديد، لم تساعد على ذلك ، وخلاصة القول هنا إننا بحاجة لمراكز إستراتيجيات وبحوث سياسية، تقلب تاريخنا بصورة علمية ومهنية وتاريخية حقيقية، لنتمكن كشعب، من قراءة تاريخنا بصورة تساعد على بناء الحاضر ورص المستقبل بنجاح لأجيالنا اليمنية القادمة.
الإذاعة و الثورة
لا أحد ينكر دور إذاعة تعز الكبير في دفاعها عن الثورة وإشعال همة الشعب في الحفاظ عليها والتمسك بأهدافها ..عمار المعلم مدير إذاعة تعز يدلي بحديثه بقوله: تردد الحديث عن دور إذاعة تعز على مر العقود الخمسة من عمر الثورة اليمنية ولاشك أن إذاعة تعز كما قيل كانت الرديف الأساسي لثورة ال 26 من سبتمبر وال 14 من أكتوبر وإذاعة تعز اليوم الآن تحتفل بذكرى إنشائها هذه الإذاعة التي جاءت بدفع وحماس وتحفيز القائد البطل جمال عبدالناصر أثناء زيارته لليمن ومدها بمحطة تقوية بدأت منها البث الإذاعي في سنة 92.
كانت أثناء حصار السبعين في صنعاء هي الأساس او الرديف لإذاعة صنعاء فيما لو ضربت إذاعة صنعاء تبدأ الأخبار من إذاعة تعز.
فبعد الثورة اضطلعت بدور كبير وأساسي في نشر الوعي المعرفي ورفع منسوب الوعي المجتمعي بعد أن كان الجهل متفشياً في أوساط المجتمع وقدمت الصورة الوطنية المثالية لأهداف الثورة وكيفية ترجمتها إلى واقع عملي بين أوساط الناس منها التحرر من الاستبداد والاستعمار وإقامة الحكم الجمهوري العادل وإزالة الفوارق بين الطبقات.
إذاعة تعز بعد ذلك عملت على دعم ثورة الجنوب العربي ضد الاحتلال البريطاني وقامت ببث برامجها لدعم الجنوب الثائر منها برنامج «التلال الملتهبة» وبرنامج «الجنوب الثائر الواقع الحر» وأيضاً قدمت بعض برامج باللغة الإنجليزية صفية العنسي وبعض العاملات في إذاعة تعز وتحت أصعب الظروف قدمت برامج مترجمة للانجليزية للبريطانيين المحتلين ليقولوا لهم نحن لسنا على خلاف ولكننا مختلفين مع الاحتلال اتركوا لنا أرضنا ووطننا.
لم ينته دور إذاعة تعز عند هذا الحد ولكن استمر في دعم القضايا الوطنية منها الانتخابات والتصالح الوطني ومؤتمرات التصالح التي قامت في خمر في قعطبة في عدن في تعز في صنعاء من أجل الوفاق الوطني والخروج من كل أزمات الوطن.
واستمرت في دعم كافة الأنظمة الوطنية التي عملت على ترسيخ النظام الجمهوري بين الناس ونزلت بمواكب إعلامية إلى أوساط الريف قدمت الإعلام بصورته المثالية التي تنتصر لقضايا الناس وتنتصر لهموم المواطن وتطلعاته نزلت إلى الأرياف والمديريات عبر وسائل إعلامية مختلفة وعبر أناس لازالوا حتى اليوم يتصدرون المشهد الثقافي منهم أنيسة محمد سعيد محمد، علي الحاج، أمة العليم السوسوة، عبدالواسع السقاف هؤلاء الناس الذين مازالوا وشماً في تاريخ الأجيال ولن تنساهم .
إذاعة تعز قدمتهم بالصورة الجمالية من خلال برامجها الحوارية والميدانية والأخبار والرسائل الإعلامية المختلفة من خلال التناولات الجماهيرية بمختلف القضايا .
اليوم ايضاً تستمر إذاعة تعز في تواصلها مع الناس وتجسيد مبادئ الولاء الوطني ورفع منسوب الوعي المجتمعي بالقضايا الموجودة على الساحة اليمنية كالحوار الوطني ومخرجاته وتنفيذ أولوياته عودة إلى الانتخابات في كافة المراحل التي مرت بالوطن عودة إلى الانتصار لقضية الوحدة اليمنية التي ظلت طوال عقود كثيرة هاجساً يؤرق الشعب اليمني بمختلف فئاته وجماهيره باعتبارها الحلم الأوحد والقضية المركزية للشعب اليمني ظلت إذاعة تعز تحرص على أن تكون الرديف الموضوعي لهذه الوحدة اليمنية حتى تحققت وشاء الله لها الخلود.
المخاطر التي أحاقت بالوحدة اليمنية فيما بعد ظلت إذاعة تعز تقف ضدها وتضافرت جهود الإعلاميين العالمين فيها لإعلاء الروح الوطنية في نفوس المواطنين اليمنيين.
المدخلات الوافدة على العقل اليمني كثيرة الانترنت منظمات المجتمع المدني تقدم مدخل الصحافة تقدم مدخل المواقع الإليكترونية تقدم مدخل هذه المدخلات كلها كرست ثقافة جديدة دخيلة على الشعب اليمني عملت على اهتزاز مجمل القيم الموجودة عند الشعب.
لم يكن الشعب طوال ستين عاماً يفكر بالطائفية ولا المذهبية حتى العقد الأخير التسعينيات تتعامل بالعنصرية كما اليوم، وأتمنى ألا ينجر الشعب اليمني إلى هذا المنعطف الخطير، لأنه فعلاً منعطف وخيم الكوارث يلقي بظلاله الكئيبة على الشعب اليمني ومن هنا يأتي دور الطليعة المثقفة من المثقفين بتوعية الناس بمخاطر هذه الآفات والابتعاد عنها.
لغة الثورة أقوى من لغات الرجعية
راسل عمر القرشي صحفي. قال: لم يكن طريق الثورة اليمنية 26سبتمبر و 14 أكتوبر المجيدة مفروشاً بالورود , بل جاءت بعد مخاض عسير ونضالات متواصلة استمرت لسنوات , وبعد تقديم الكثير من التضحيات التي روت شجرة الثورة بدمائها الزكية وقضت على كل صور البؤس والحرمان , وعلة تلك الأجواء البائسة السائدة آنذاك, المطوقة بأسوار العزلة والمشحونة بالغصص والمتاعب، والغارقة في الظلم والظلام.
لقد توزعت أدوار المناضلين في جميع الاتجاهات، حيث لم تكن الثورة رصاصة حافلة بصرخات الألم وأنين الشكوى لتوجه بقوة صوب صدر التخلف والجهل والجوع والاستلاب وحسب, وإنما كانت أيضا كلمة هزت عرش الاستبداد وهيأت الأجواء من سنوات سابقة على إعلان قيام الثورة المباركة ومضت صوب تحطيم كل أسوار ودياجير الجهل والتجهيل, ليأتي الانعتاق والتحرر وتحيا الأرض من جديد بعد موتها.
نعم.. كانت الكلمة هي من مهدت الطريق لبدء لغة البندقية المقاتلة وكما قال الشهيد أبو الأحرار محمد محمود الزبيري: إن الأنين الذي كنا نردده..
سراً غد صيحة تصغي لها الأمم ..
كان للكلمة دور كبير في إخراس ثرثرات وأباطيل الاستبداد الإمامي في شمال الوطن والاستعمار البغيض في جنوب الوطن وأجبرتها على الرحيل, ومن ثم البدء بكتابة سطور الدولة اليمنية الجديدة بعناوين الجمهورية, وبالروح العظيمة للمارد الذي خرج من قمقمه وغادر للأبد, وبالعمل الشاق والجسور لتحقيق أهداف الثورة التي قامت واستعلت في كل الأرجاء من أجل تحقيقها،ورغم أن الوضع الصحفي والإعلامي في شمال الوطن لم يكن عند المستوى المطلوب إلا أن الكلمة كانت حاضرة سواء في الداخل الوطني أو خارجه, واستطاعت مجلة «الحكمة اليمانية» التي كانت متعددة الاهتمامات وتقدمية التوجه بموضوعاتها الداعية إلى الانفتاح والتخلص من العزلة وكل صور وأشكال التخلف أن تزرع الوعي في نفوس الشعب بشكل كبير, على الرغم من أن المتابعين لها ممن يستطيعون القراءة والكتابة لم يكن كبيراً.. إلا أن ما يكتب فيها كان يتم تناقله من شخص إلى آخر, وتلك المواضيع التنويرية كانت سبب إغلاقها بعد أقل من ثلاث سنوات من إصدارها.
أما في جنوب الوطن فكان للصحافة حضور وحراك ملفت أكثر مما كان سائداً في الشمال، واستطاع المناضلون اليمنيون الفارون من عسف الجلاد وجبروته أن يصدروا العديد من الصحف ومنها صوت اليمن «الفضول» , وأسهموا من خلالها في نشر الوعي الثوري وكان يتم تهريب أو إدخال تلك الصحف إلى شمال الوطن بسرية تامة, ويتم تناقلها من شخص لآخر لتعم الفائدة وتتهيأ الأجواء لبزوغ فجر أيلول الأغر.
كما أن الصحف الأخرى الصادرة من دول المهجر بريطانيا واندونيسيا وبعض دول القرن الأفريقي من قبل المغتربين اليمنيين كصحيفة «السلام» الصادرة من بريطانيا والتي أصدرها الشهيد عبدالله الحكيمي كان لها دور لا يمكن نسيانه أو تجاهله والقفز عليه, حيث أسهموا بتعريف العالم بالقضية اليمنية ولفتوا نظره إلى هذا الوطن الرابض تحت نيران وجحيم الاستبداد.
لا يمكن تجاهل الدور الصحفي والإعلامي للكثير من الأسماء اليمنية اللامعة سوء التي كانت تسكن في صنعاء مثل أحمد عبدالوهاب الوريث وأحمد بن أحمد المطاع الذي كان ضمن جماعة الأحرار اليمنيين الذين قاموا بثورة 48 الدستورية وأُعدم مع قادة الثورة عقب فشلها , أو تلك التي اتخذت من عدن مدينة للنضال الثوري مثل عبدالله عبدالوهاب نعمان ومحمد أحمد نعمان الذي تبنى الدعوة للجمهورية والوحدة اليمنية عبر مقالاته ومحاضراته وكانت راعيها الأول.. والكثير من الأسماء التي لا تحضرني الآن ولا يمكن للتاريخ أن ينساها.
لقد استطاع هؤلاء الأحرار وغيرهم أن ينشروا عبر الكلمة أمزان الثورة على قمم الجبال وسهول الأودية أحيوا الأرض بعد أن كانت ميتة. هذا ما يخص الدور الصحفي قبل إعلان قيام الثورة المباركة 26 سبتمبر 1962م.
أما بعد قيامها وإعلان الجمهورية فبدأت الصحف اليمنية تظهر تباعاً وبشكل واضح دون خوف من إمام ظالم مستبد أو مستعمر متجبر ومتعجرف.
بدأت إذاعة صنعاء ومن ثم صحيفتا الثورة والجمهورية وإذاعة تعز ووكالة سبأ للأنباء والتلفزيون ودخلت صحف أخرى على خط التنوير والدولة اليمنية الجديدة لتستمر لغة الثورة تسطر أروع الملاحم البطولية قولاً وحقيقة , وتزرع قناديل الغد عبر الكلمة الحرة لنأخذ حقائق الثورة المتوهجة بالصدق والقدرة المتجددة على العمل الأصيل والمتطور مكانها في حاضر شعبنا الوضاء المسطر بعظمة التضحية والفداء.
الثورة بناء دائم ومستمر جاءت لتؤسس للغد وتبني وطنا مغايراً، حيث لا ماض إمامي مستبد ولا حكم أسري متخلف وبها ومعها مضى الشعب صوب غده الأجمل وفي سياق متصل ومتواصل مع لغة العصر التي لا تعني غير الشراكة والمشاركة الشعبية في رسم ملامح الدولة الجديدة وتحقيق مجمل الطموحات والتطلعات.
وفي هذا السياق كان للرسالة الصحفية والإعلامية دور في بناء الثورة واستمراريتها كجزء لا ينفصل عن الكل الوطني ووقفت في خندق الثورة مدافعا ومهاجما كل لغات التآمر التي سعت وحاولت إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ولكن هيهات فلغة الثورة كانت أقوى من لغات الرجعية المستبدة.
لقد استفادت الصحافة اليمنية التي بدأت تتشكّل عقب الثورة المباركة من خبرات إخواننا المصريين الذين ساندوا الثورة وأسهموا في تحقيق نصرها المبارك وبدأ ذلك بوضوح من خلال البرامج الثورية التي كانت إذاعة صنعاء ترسلها عبر الأثير ومن خلال مشاركته الفاعلة في ربط بثها بإذاعة صوت العرب من القاهرة, كما كان لصوت « الثورة» الصحيفة التي تأسست في 29 سبتمبر 1962م بعد ثلاثة أيام من إعلان قيام الثورة المباركة, وبدأت تصدر من مدينة تعز ولصحيفة «الجمهورية» التي صدر عددها الأول في 20 أكتوبر 1962م, كان لصوتيهما كبير الأثر في انتصار الثورة والمضي صوب بنائها قولا وعملا وفعلا وحقيقة.
استمد دور الكلمة في التصاعد وتمكنت الصحافة اليمنية أن تكون شريكاً مع الدولة في بناء الثورة وتحقيق الانتصارات المتلاحقة التي تحققت على أرض الواقع عبر المراحل الوطنية المختلفة.
الإذاعة ثورة
أما طارق عبده سلام فيقول: إذاعة تعز تعد من أهم الوسائل التي شكلت الوعي الثوري والرأي الإعلامي المناصر للحركات التحريرية في بلادنا, وعلى الرغم من أن ظروف تأسيسها كانت تفتقر إلى المقومات اللازمة للعمل بها فقدمت كذلك مجموعة من البرامج باللغة الانجليزية لابناء الجنوب وبرامج أخرى ك «الجنوب الثائر، التلال الملتهبة والجبهة القومية» وغير ذلك فتاريخ الإذاعة واسع وكبير وكلل كذلك بالعديد من البرامج والفعاليات اثناء قيام الثورة اليمنية وأهمية الحفاظ عليها وإمداد الرسائل والأخبار الإعلامية حين انقطاع اذاعة صنعاء بسبب حرب السبعين يوماً.
في نهاية عام 1964م بثت إذاعة تعز برامجها الثورية الموجهة إلى أبطال الكفاح المسلح والفدائيين في جبهة الجنوب وأبناء اليمن في مناطق وصول البث، الإذاعة بدأت بثها من قصر الضيافة ثم وضع حجر الأساس لمبنى الإذاعة في الحوبان وكانت البداية بخبرات مصرية وطاقم يمني وفي نفس العام كان تلفزيون عدن بدأ البث إلى جانب إذاعة الجنوب العربي تحت سلطة الاستعمار، ولأن الأمية منعت الناس من الاستفادة من الصحف فقد كانت أجهزة الراديو في أيدي أعداد متزايدة من الناس بعكس ما كان في عقد الأربعينيات، حيث كانت أجهزة تلقي الإذاعات الدولية معدومة.
وبعد ثورة 26سبتمبر 1962م تغير الوضع فظهر الفرق كبيراً بين ظروف ثورة 1948م، سبتمبر وأكتوبر 1963م، إذ ثار الشعب في الشمال بمجرد إعلان بيان الثورة السبتمبرية من إذاعة صنعاء مقارنة بثورة 1948م وفي عام 1964م كانت ثورة يوليو في مصر قد بلغت 12عاماً وثورة 26سبتمبر عامين وثورة 14أكتوبر عام وتراكم الإرهاصات ودور إذاعة تعز المؤازر لها عمق الثقافة الثورية وجاء دعم مصر عبدالناصر ليعزز عوامل نجاح الثورة ضد الاحتلال البريطاني.. ففي مدينة تعز ذاتها كان للإذاعة الموجهة لدعم ثوار 14أكتوبر من الفاعلية والتأثير بحيث كان المواطنون يستقبلون برامجها طيلة ساعات إرسالها بنشوة ودون ملل حسب ما ذكره محمد محمد المجاهد صاحب كتاب «تعز.. غصن نظير في دوحة التاريخ العربي» وفي عدن كانت بعض الصحف كالأيام تتناول ما تبثه إذاعة تعز من أخبار وبيانات تفضح روايات إعلام الاحتلال في عدن وأخبار من وصلوا إلى تعز ومواقفهم الثورية وغير ذلك مما ذكره د. سيف علي مقبل في كتابه «دور عدن في الثورة التحررية المسلحة في الشطر الجنوبي من الوطن اليمني 64 1967م».
تطور بث الإذاعة بعد أشهر من تأسيسها من ثلاث ساعات إلى ثماني ساعات يومياً تبدأ من الساعة الثانية بعد الظهر حتى العاشرة مساء، كما كانت برامجها باللغة الانجليزية تستمر لمدة ساعتين في اليوم فقط.
ومن أشهر برامجها أثناء الكفاح المسلح برنامج «صوت الجنوب الثائر»، وهو برنامج يومي مدته نصف ساعة استمر بثه منذ عام 1383 ه/ 1963 م وحتى انتصار ثورة أكتوبر في 30 نوفمبر 1967 / 27 شعبان 1387ه وقد أسهم هذا البرنامج في تأجيج الثورة وإيصال صوتها إلى مختلف مناطق الوطن اليمني.
أخيراً.. هكذا رأينا أن الثورة كانت وما زالت قلماً يصدح وحرفاً يحارب وكلمة تنوء عن الوطن, والكلمة أيضاً كانت ومازالت ثورة عصية على الانكسار.. فالكلمة والثورة رديفان لنجاح عظيم واحد.
والثورة اليمنية العظيمة شرف يكلل جبين كل يمني من أقصى اليمن لأقصاه وملحمة بطولية شامخة نزفت فيها كل مكونات المجتمع اليمني ولاء وتضحية وإباء, فالدم كان ينزف في المعركة والحرف ينزف في المحبرة وبينما محاجر الأرواح الطيبة للشعب اليمني تتكاتف بكل ولاء وحماسة من أجل فداء اليمن لتشكّل بمجملها لوحة شرف خالدة ممزوجة بماء الذهب وبقطرات الدماء الطاهرة الزكية التي ضمخّت تربة هذه البلاد العظيمة والتي ومهما تكالبت عليها المحن تزيد قوة وشرفاً وإباء وتنهض من جديد كمارد جبار لن تقهره تقزمات المعضلات مهما عتت ومهما تجبرت ومهما تطاولت تظل متقزمة أمام صولات وجولات وطن أبي اسمه اليمن وشعب مغوار سيبقى مدى الدهر سامقاً بنضالاته التي طاولت شرفات السماء ومجلدات التاريخ، وسبقى الوطن شامخاً أبياً وسيخرج من كل محنه بمشيئة الله.. وتحيا الثورة والجمهورية والوحدة اليمنية فوق رؤسنا وبين نبض أرواحنا كتاج نرفعه حتى الرمق الأخير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.