لم تقم المقاومة الشعبية الجنوبية بقرار سياسي ولم يكن مخطط لها من الأساس ، بل أن أبناء الجنوب سجلوا هذا الموقف بعد أن تخلت عنهم وعن مناطقهم كل القيادات السياسية والعسكرية التي ظلت ممتنعة عن تسليح الناس حتي آخر يوم قبل ان تفر هاربة بمجرد أن دخل المعتدين مناطق الجنوب ، فأعاد الشعب تنظيم صفوفه من تلقاء نفسه ليكون بذلك هو صاحب الكلمة العليا في إعلان قرار المقاومة والتصدي لجحافل الحوثي وعفاش وبالتالي فإن قرار المقاومة الجنوبية والإعلان عنه كان قرار شعبي بامتياز . في المقابل بدأنا نسمع في هذه الأيام عن تحرك تحت اسم المقاومة الشعبية في بعض محافظات الشمال ومن بينها محافظة تعز التي يقود صفوف المقاومة فيها الشيخ القبلي وأحد قيادات حزب الاصلاح حمود سعيد المخلافي هذا التحرك الذي جاء بعد أكثر من عشرون يوما من الحرب الظالمة والطاحنة والغير مبررة التي أعلنها كلا من الحوثي وعفاش علي أبناء الجنوب ومدنهم لتصل جحافل قواتهم ومليشياتهم الي عدن بعد أن مرت من تعز ومن قبلها مناطق شمالية أخري بسلام دون أي مقاومة تذكر لا شعبية ولا حزبية ولا شمالية ولا إصلاحية . فقرار المقاومة المسماة بالشعبية في محافظات الشمال والتي نقر لها بأنها تبلي بلاء حسن حتي هذه اللحظة في المواجهات العسكرية التي تخوضها خصوصا في تعز تعد في الأساس موقف سياسي يحسب في المقدمة لحزب الإصلاح الذي قرر بعد أن توفرت أمامه مجموعة من العوامل داخلية منها ( الصمود والاستبسال الجنوبي في وجه الحوثي وعفاش ) وخارجية وأبرزها ( تحالف عاصفة الحزم وقرار مجلس الأمن الأخير بشأن اليمن تحت البند السابع ) قرر حزب الإصلاح أن يخوض مواجهة انتقامية مع القوى التي تحالفت ضده وانتصرت عليه بالأمس وشردت قياداته وهي قوي الحوثي وعفاش . إذا فإن قرار المقاومة في هذه الحالة هو قرار سياسي حزبي بامتياز ولا يمثل إرادة شعبية كما يحاول البعض تصويره أو ربطة بما يحدث الآن في الجنوب ، مع إدراكنا خروج آخرين في الشمال لمجابهة الحوثي ممن ليس لهم انتماءات حزبية وهم الذين خرجوا بدافع ديني طائفي . وإذا ما نظرنا بشكل ادق الي واقع وخلفيات العمليات العسكرية التي تتم حاليا في محافظات شمالية عدة ضد قوات صالح والحوثي سنجد أن تلك العمليات المسلحة لم تكن لتحدث في تلك المحافظات لو لم تكن قد توفر لديها الغطاء السياسي الدولي بل وضمنت ايضا تلك المحافظات مشاركة ودعم القوات العسكرية النظامية المتواجدة فيها التي تدين قياداتها بالولاء لحزب الاصلاح بعد أن اتضح الموقف الخليجي والعربي والدولي من الأحداث في اليمن ، ذهب الاشقاء في المملكة الي تجميع رموز قيادات حزب الاصلاح المتواجدة في الداخل والخارج الي الرياض ومن اجنحة قصر اليمامة بداء حزب الاصلاح عاتب علي الجانب السعودي كون المملكة كانت قد تخلت عنه خلال معركته الاخيرة مع الحوثي وصالح التي خرج منها حزب الاصلاح خاسراً بعد ان كانت داعمة له ولصالح لعقود من الزمن بل اننا في تلك الفترة كنا نسمع عن مباركة ودعم السعودية ورضاها عن تقدم الحوثي نحو صنعاء علي حساب حزب الاصلاح نزولا عند الرغبة الأمريكية في القضاء علي سلطة الإخوان التي صعدت عقب ثورات الربيع العربي في عدد من الدول العربية أو لحسابات خاصة بها ، المهم أن الإصلاح قرر خوض المواجهة بعد كل هذه الترتيبات . في كل الأحوال سيسجل التاريخ لكلا موقفه سواء في الجنوب أو في الشمال ، ومع تسليمنا بأنه لا ضير في أن تتعلم الشعوب وتستفيد من ثقافات بعضها البعض وتقليد الجوانب الإيجابية في محطات الشعوب لا سيما نضالات أبنائها وتضحياتهم في سبيل ما يؤمنون به لكن يبقى كل ذلك مع الاحتفاظ بخصوصية تلك التضحيات وما يميز أصحابها عن غيرهم ونسبها إليهم . وحقيقة ما جرا ويجري الآن في الجنوب والشمال لن تستطيع أن تغيره سياسات الدول ولا طبول الإعلام الموجه أو شهادات الساسة الزائفة وتطلعاتهم الخائبة ، فالجنوب اليوم وفي مقدمته عاصمته عدن يعيش حالة ثورية ومقاومة شعبية بكل ما للكلمة من معني ويرسم بدماء شهداء أبنائه ويسجل اروع الملاحم والبطولات بكل عفوية وبقناعة ذاتية وبنفس الدافع وذات العقيدة المقاومة التي تحرك شعب الجنوب من أقصاه الي أقصاه ،نعم قرر الجنوبيون الدفاع عن أرضهم وعرضهم ودينهم والإنتصار لقضيتهم دون إيعاز أو توجيه من أي طرف كان داخلي أو خارجي ، قرر الجنوبيون المقاومة في الوقت الذي لم يكن يمتلك أكثرهم قطعة سلاح ( آلي) ومن يوجد لديه لا يملك عشر طلقات من الرصاص فقتحموا مستودعات السلاح والذخيرة بصدور عارية للحصول عليها ليتسنى لهم من خلالها الوقوف في وجه برابرة هذا الزمن بعد ان خذلتهم القيادة القادمة من صنعاء لتحتمي بعدن وتركتهم يواجهون مصيرهم بلا وسيلة يدافعون بها عن انفسهم وليس كما حاول تصويرهم البعض بأنهم مجموعة من النهابين الذين يموتون علي أبواب تلك المستودعات لغرض السرقة . خاض الجنوبيون مواجهتم الغير متكافئة بكل المقاييس خصوصا في الايام الاولي للحرب ولم يكونوا حينها يعلمون بقدوم مقاتلات طائرات تحالف عاصفة الحزم وبارجاته البحرية ولم ينتظر الجنوب صدور قرار مجلس الأمن ضد الحوثي وعفاش تحت البند السابع ، قاوم الجنوب معتمدا علي الله وعدالة قضيته وسواعد شبابه الفتي الذي أبهر العالم بتضحياته وصموده ليعلن بكل ذلك للعالم أجمع عن المقاومة الشعبية الجنوبية وفرض هذا المسمى بقوة رغم محولات أطراف عدة وصفها بالمقاومة الشعبية دون الجنوبية إلا أنهم في نهاية المطاف سيسلمون للواقع المفروض بقوة تضحيات أبناء الجنوب . وهنا أود أن أتوجه بالرسائل التالية : الرسالة الأولي للجنوبيون أنفسهم ، الذين يتوجب عليهم الاستفادة من كل ما تم تحقيقة ليس خلال هذه الحرب فحسب ولكن منذ انطلاقة نظالهم السلمي منذ عدة سنوات ، فاليوم يجب تعاضد كل الجهود الجنوبية بمشاركة كل القوي وفي مقدمتها قوي الحراك وأيضا كل من كان له موقف ثابت وواضح من قيادة السلطات المحلية في مختلف محافظات الجنوب والإعلان عن نفسها كحامل سياسي قوي للقضية الجنوبية ومقاومته البطلة الموجودة في ميادين التضحية . الرسالة الثانية للاشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ، عليكم إعادة النظر في مواقفكم وسياساتكم تجاه قضية الجنوب بما يتوافق مع المعطيات الراهنة علي الأرض اليوم بل وما يتناسب مع مواقف القيادات الجنوبية السابقة ورفضها الارتماء في أحضان إيران عندما كان الجنوبيون في أمس الحاجة الي موقف دولي يعزز ويتبنى قضيته فأبا الجنوب قيادة وشعب إلا أن يكون عربي ولم وأثبتت الوقائع أن هناك مصير استراتيجي مشترك يجمع الجنوب بأشقائه بعيدا عن الابتزاز السياسي وثقافة التربح وتبديل الولاءات حسب من يدفع أكثر . الرسالة الثالة الي الرئيس هادي وبحاح ، أضنكم اليوم أصبحتم تدركون جيدا ان الجنوب لن يقبل إلا بأن ينتصر لقضيته ولن يكون مصير تضحياته ما آلة إليه تضحيات أخواننا طلاب دماج الذين كانوا اول من أدركوا مخطط الحوثي وعرفوا مدي حقده علي هذا الشعب لكننا مع الأسف لم نكن نستوعب ذلك وانتهت تضحياتهم باتفاق سياسي دفن كل ذلك الصمود والإستبسال لأبطال دماج . الرسالة الأخيرة لصالح والحوثي ولمن والاهم ، ولن اقول لهم أكثر من أن رسالة الجنوبيون لكم قد وصلتكم . والله من وراء القصد .