منذ أن بدأت الاعمال العسكرية التي ينفذها التحالف العربي بزعامة المملكة العربية السعودية لاجل استعادة الشرعية في اليمن والشكوك على مستوى الرأي العام الجنوبي تتزايد يوماً بعد يوم بأن صناع "العاصفة" يريدون للجنوب أن يظل مدنا محتلة وكانتونات حبيسة بين عجز ذاتي يمنعها عن الالتحام في قدرات اكتفائية ملتئمة الجسد .. وربما كان هذا الهدف هو موضع الاتفاق الوحيد الجامع بين طرفي "العاصفة" في الميدان فهناك اتفاق سكوتي بينها مفاده أن مصالحهما المشتركة تتفق على الإبقاء على الوحدة في اليمن ، وان سقف الغضب المستعر بينهما على الارض بسبب القصف الجوي والتسلل على الحدود يجب ألا يصل بينهما إلى سقف التفكير بأي طريقة كانت في المساس بهذا المقصد المتفق عليه.. وهذا يعني من الجهة المقابلة إن التحالف مع الجنوبيين من قبل الحلف العربي يجب الا يمكنهم من الإضرار بواقعية هذا الهدف ميدانياً وعسكرياً بفرض واقع عسكري جديد يجعل الوحدة اليمنية خلف خط الأحداث المتجهة إلى التحرير والاستقلال واستعادة مشروع الدولة الجنوبية بحدود العام 90م .. ووفقاً لهذا التدبير تم التآمر على جبهات الحرب الجنوبية في كل المحافظات الجنوبية دون استثناء فعلى سبيل المثال في جبهة أبين تركت الجحافل الغازية تتحرك بأمان وفي وضع ائتمان ضد القصف الجوي منذ أن انطلقت من معسكرات الحرس الجمهوري في البيضاء ونواحي رداع حتى قطعت اميالا في مرمى القطع البحرية في طريقها بإتجاه احتلال خور مكسر وكريتر والمعلا والتواهي ، مرت بسلام لتتغير بها كل المعادلات الميدانية التي كانت تنزاح لكفة المقاومة في جميع جبهات مديريات عدن المختلفة .. وبذات الشكل عبرت جحافل الحوثيين إلى عتق وبيحان والصعيد ونصاب لتحتل أكبر مسطح جغرافي مقاوم في مناعة متفق عليها ضد قصف جوي يستطيع أن يستهدف فأرا هائما في تلك الصحاري التي تتوزع اليها جغرافية شبوة .. وتترك حضرموت - حتى الساعة - في وضع "تظاهر" معلوم "النفاق" بانضمام قوات المنطقة العسكرية الأولى إلى جبهة الدفاع عن الشرعية بينما يحذق الجميع بما فيهم أرباب العاصفة بأن تلك القوات هي أظافر "حوفشانية" تضع مقدراتها في جوارب خادعة خشية أن تتعرض للقصف أن هي جاهرت بدعم الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح .. ولذات السبب تركت الضالع للموت لولا معجزتها في التحرك ضد "المعقول" لتأتي تأثيرات "العاصفة" في تلك الجبهة لاحقة لبوادر نصر أطل من المدينة بالقصف الجوي الذي شاءت "الفضيحة" أن يتخلف عن يوم النصر الموعود يوم اقتحام معسكرات اللواء "33" المليئة يومها بالترسانة البشرية والعسكرية التي ظن الجنوبيون تحت تأثير الإعلام أن "العاصفة" قد دمرتها بموجات القصف التي مرت بجانب تحولات النصر الاساسية في جبهة محافظة الضالع .. وفي عدن تجتمع كل عيوب "العاصفة" التي وزعتها على بقية محافظات الجنوب ، فسياسة قضم المحافظة وتجزئة احتلالها على الحوثيين يخدم برنامجها الأصلي في نزع الطابع الجهوي الجنوبي لنوع المقاومة الحقيقة التي تشكل ساند أرضي لاي انتصار يحتمل أن تحققه في هذه الحرب .. ولهذا السبب تصر الماكينة الإعلامية التي تتبع "العاصفة" على سحب الأهمية والحيوية والاستراتيجية إلى مقاومات "توم" و "جيري" التي تجري في محافظاتالجوف ومارب وتعز .. أما عن سلوك "العاصفة" في الداخل المقاوم فحدث ولا حرج عن التلوين المقصود الذي تتبعه العاصفة في تصنيف مكونات المقاومين ، والتمايز في الدعم الذي يستتبع هذا التصنيف ويؤدي إلى توفير الدعم الأساسي إلى المكونات السلفية التي باتت تتصدر بسبب سخاء هذا الدعم جبهات المقاومة الرئيسية في الجنوب ، وهنا يتضح جليا أن "العاصفة" حريصة كل الحرص على عدم دعم مقاومات الحراك الجنوبي حتى لا يشب حلم التحرير على قدميه ومن ثم يتحرك خلال هذه الحرب مع موجبات مطالبه الأساسية التي تمس بشكل مباشر الهدف المتفق عليه بين طرفي "العاصفة" .. "العاصفة" تظل وفيه لهذا المتفق عليه وهي تضخ دعمها الحقيقي للمقاومة غير التشطيرية التي تستطيع السيطرة على جموحها من خلال فتوى شرعية تصدر من علماء أهل السنة والجماعة في الشقيقة الكبرى .. وعلى الصعيد السياسي ظهرت أقصى جهود "العاصفة" في إشباع نظرية الحق الجنوبي في النظرة الترقيعية التي تبناها مؤتمر الرياض في طريقة المناصفة في المقاعد كآلية تعبيرية ترمز إلى محتوى الحل المنتظر التي تعتقده العاصفة كنهاية للأزمة في الجنوب .. ولا يفوتنا أن نتذكر هنا أن تلك المناصفة كانت اختراعا مسجلا باسم الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يعتبر هو ذاته اختراعا شماليا لاجل تدمير مكونات مشروع التحرير والاستقلال .. على العموم لا يزال قرار السلم والحرب بيد المقاومين على الارض وستظل الغلبة لخيارهم مهما حاولت "العاصفة" أن تتخذ منهجا يتجاوز فهمهم لاهدافهم الواضحة من الكفاح المسلح ،،،