سأطرح في موضوعي هذا كلمات حساسة جدا ، وأتمنى أن تركز جيدا عزيزي القارئ على هذا الطرح حتى تتمكن من إدراك الرسالة بمرادي ومقصدي الذي حملني على كتابة هذا المقال، وحتى لاتتسرع بالحكم سلبا ومفهومك بالفكرة لازال قاصر. حقيقة هنالك خلط للأوراق ومساومة خليجية تحدث علنا بالثورة الجنوبية المباركة دون مراعاة أو إحساس بحجم التضحيات الجسيمة التي بذلت في سبيل تحقيق أهداف تلك الثورة، وهناك أيضا تخوف وقلق شديدان على قضية شعبنا الجنوبي المستهدف بسم السياسات الناقع المدسوس بوجبات الوعود الوهمية على طاولة سرية لا أدري لماذا أقدمت عليها القيادات الجنوبية بشراهة. ويمكن لمن عايش الأحداث على أرض الواقع وتابعها من خلال الأخبار التي تبثها الفضائيات العربية وبالذات الخليجية المروجة لما يسمى بالشرعية اليمنية أن يستنبط القاعدة الأساسية التي تدحض كل المعطيات الوهمية إضافة إلى إدراك الرؤية العمقية المستقبلية للسعودية ودول الخليج على حقيقتها في التعامل مع قضية شعب الجنوب على الصعيدين السياسي والعسكري.
طبعا شعبنا الجنوبي العظيم حتى اليوم قد قطع شوطا كبيرا في سبيل تحقيق أهدافه المتمثلة بتحرير و استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة ومر بمنعطفات كثيرة كلفته المزيد من التضحيات لكنه لم يبارك للتحالف عملياته في الجنوب ضد الحوثيين ليفرض علينا بالقوة مايسمى بالشرعية اليمنية، وما خرج كذلك شعبنا يوما من الأيام إلى شارع أو جبهة من جبهات القتال إلا وهو يحمل راية التحرير وهدف الاستقلال أما دون ذلك فلا، وعلى السعودية ودول التحالف أن تحترم إرادة الشعب الجنوبي المطالب بحقه في تقرير المصير.
على كل حال الأيام التي مرت برهنت سوء ظننا بالجيران وكشفت لنا الكثير مما يخفيه لنا أشقاؤنا في السعودية ودول الخليج وربما سيأتي اليوم الذي نصف فيه التحالف العربي بالعدوان كما يفعل الشماليون إن استمر على النهج هذا دون النظر إلى شعب يرزح تحت وطأة الاحتلال منذ عام 1994م واستلهم طريقته للفكاك من الورطة قبل أن يسيطر الحوثيون على العاصمة اليمنيةصنعاء، ويعلم القاصي والداني إن الحرب شمالية جنوبية وإن الدماء الجنوبية الزكية ماروت الأرض للدفاع على الشرعية اليمنية التي هي تكريسا للاحتلال اليمني بحد ذاتها وأجزم بألا قبول لعبدربه منصور هادي في الجنوب تحت هذا المسمى.
وفي الوقت الذي لم تلتئم فيه الجراح من جراء قصف التحالف لمواقع المقاومة الجنوبية في الضالع ولحج وعدن عن طريق الخطأ وقد نوهت مرارا وتكرارا بإن الخطأ مقصود وإن السعودية لاتنوي للجنوبيين خيرا، طبعا والجرح لم يندمل شن التحالف العربي غارات جوية على جبل الزيتون المحاذي لقاعدة العند حيث تتمركز المقاومة الجنوبية الخالصة وأودت الغارات بحياة ستة عشر شهيدا وأكثر من خمسين جريح وكلهم من أفراد المقاومة الجنوبية الخالصة التي توافدت من الضالع ويافع وردفان لإقتحام قاعدة العند والسيطرة عليها حينما سئموا الإنتظار لأكثر من ثلاثة أشهر والعميد جواس لم يحرك ساكنا وفي انتظار أوامر تأتيه من السعودية، فكانت الغارات الجوية جزاء للمقاومة الجنوبية التي خالفت أوامر السعودية فسيطرت على المواقع العسكرية المحيطة بالقاعدة وأعلنت جاهزيتها للإقتحام الأمر الذي أزعج السعودية فكانت للمقاومة بالمرصاد، ثم لايخفى على أحد أن السعودية تستكمل إعداد 6 ألوية عسكرية من الشماليين في صحراء العبر بقيادة اللواء المقدشي مهامها التوغل بقاعدة العند عقب تحريرها لأن سيطرت المقاومة الجنوبية عليها يعني الوصول إلى الهدف المنشود لدى شعب الجنوب إضافة إلى سعيها في الجنوب لشراء الذمم والأبواق المروجة للوقوف إلى جانب شرعية الرئيس هادي، والأكثر خطرا من ذلك إنها تسعى لدمج المقاومة الجنوبية بالجيش الشرعي الموالي لدولة الوحدة فإن نجحت السعودية في ذلك ربما تتمكن من القضاء على الثورة الجنوبية التي يتصدر عنفوانها الشباب، ومن هنا أوجه رسالتي إلى كل من يهمه مستقبل الجنوب من شباب وقادة وعلماء ومثقفين داعيهم إلى أخذ الحيطة والحذر كون الإندماج بجيش غالبيته من الشمال يعني ضياع مستقبلنا من أيدينا ولايقل أهمية عن خطأ الإندماج في الشعب الشمالي أثناء قيام الوحدة اليمنية المشؤومة.
وأعتقد أنه كان الأولى بشعب الجنوب أن يجرب ويدعم شرعية الحوثيين الثورية في حكم البلاد إن كان راغبا بالبقاء في إطار اليمن الموحد، طبعا قد يقول البعض لماذا ؟ ولكن الإجابة عن هذا السؤال تكمن في أن شرعية هادي والإصلاحيين وحكومتهم مجربة لدى شعب الجنوب ومن نتائجها تدمير محافظة أبين وقتل المئات من المتضاهرين السلميين في مختلف مناطق الجنوب وكذا سلسلة إغتيالات لقاداتنا العسكرية هنا وهناك، بينما لم يحدث إن جربنا النظام السياسي الذي يسعى الحوثيون لإقامته في اليمن، وهذه الفكرة أو المقترح أقوله -فقط- إن كان شعبنا مرتضي بشرعية الاحتلال الذي يمثله هادي، والأصح الذي أنا أتفق معه هو الوقوف بوجه أي شمالي أو جنوبي يمثل الاحتلال اليمني في العاصمة عدن بغض النظر عن توجهاته العقائدية أو السياسية أو القبلية ومن هذا المنطلق نكون قد خطونا خطوة جيدة في سبيل بسط السيطرة على أراضي الدولة الجنوبية.
بالتالي فإن إصرار السعودية في تجاهل مطالب الجنوبيين ودعم خصومهم سيحملها المسؤلية الكاملة عن النتائج السيئة التي ستحدث في الجنوب -إذا سمح الله- في حال فكرت بحماية مايسمى بالشرعية اليمنية المزيفة علما بإنها تدرك من هي القوة الفعلية التي حررت العاصمة عدن وبعض مدن الجنوب حتى الآن وماهي أهدافها الحقيقة.
وختاما فإن كشفنا لتآمرات السعودية إلى جانب مايسمى بالشرعية اليمنية على الجنوب لايعني وقوفنا مع الحوثيين وإنما حرصا منا على شعبنا الجنوبي وقضيته العادلة ، وإلا فإن كلاها يعتبر احتلال بالنسبة لنا في الجنوب. لكنه لاح في الأفق هدف السعودية الأول والأخير ألا وهو حماية شرعية الاحتلال اليمني ممثلة بهادي وحكومته ودعمها عسكريا لتذهب تلك الوعود الوهمية للجنوبيين أدراج الرياح، لذلك علينا شباب ومقاومة الجنوب أن نستعد لخوض الحرب القادمة ضد الشرعية إن أردنا تحرير واستعادة بلادنا وبناء دولتنا المدنية المواكبة لمتغيرات وتطورات العصر.
خاطرة: الرئيس هادي هو أداة الشرعية لضرب الجنوب في حرب صيف 1994 واليوم أصبح الشرعية نفسها ويمكن أن نلاحظ أنه غريب في تقلب أفكاره وتوجهاته وتماشيه مع القوة الفاعلة على الأرض وخير شاهد على تذبذب هذا الرجل مايلي: أولا: في عهد المخلوع صالح كان هادي أداته لضرب خصومه في الجنوب حتى عينه نائبا له. ثانيا: ولما أطاحت ثورة الشباب2011م بصالح بقي هادي أداة الأخوان المسلمين (الإصلاح) في تنفيذ توجيهاتهم بضرب الحراك السلمي الجنوبي وتذكروا معي مجزرة ساحة العروض التي راح ضحيتها 25شهيدا. ثالثا: ولما سيطر الحوثيون على صنعاء ظل الأداة نفسها ولكن هذه المرة للحوثيين فلم يحرك ساكنا ضدهم حتى مكنهم من أن يتوغلوا في الجنوب. رابعا: وحتى الآن مازال أداة للسعودية في محاربة وضرب المقاومة الجنوبية حيثما وجدت. لهذا لم نفهم سر عداء هادي للجنوب إلى الآن. فهو الأداة لغيره وسيظل الأداة لأي قوة فعلية تثبت وجودها على الأرض ولا مانع عنده من أن تكون ضد الجنوبيين.