بالتزامن مع صمت خليجي يثير الجدل، بل ودعم سخي لعصابات القتل والإجرام الذين تربعوا في عرش الحكم بصنعاء عقودا عدة، وفي ظل قهر ومعاناة وألم لايحتمله بشر على وجه الكرة لأرضية، عانى شعبنا الجنوبي الأبي زمنا ليس بالقليل يقاسي مثل هكذا ويلات، ومازال يعاني لكنه شق من صلب هذه المعاناة الطريقة المثلى للدفاع عن النفس التي ظل يبحث عنها أثناء خوضه التجربة السلمية الغير مجدية مع نظام قبلي متخلف وكذا عدم شعور الأشقاء في السعودية والخليج بالمسؤولية تجاه المجازر الوحشية التي ارتكبها هذا النظام بحق شعبنا الجنوبي -المغلوب على أمره- طيلة ثمان سنوات هي عمر الحراك الجنوبي (السلمي). فضلا عن الجرائم الدموية والاغتيالات لرموز وقادات الجنوب منذ ميلاد الوحدة اليمنية المشؤومة. ومع هذا كله برزت في الآونة الأخيرة نبرات داخلية تنوعت بين سرية وعلنية وهي وهمية بحد ذاتها مفادها أن المملكة العربية السعودية تقف إلى جانب إنفصال الجنوب وهو الأمر الذي يرفضه العقل والمنطق، وإن كانت السعودية قد أوهمت قيادات في الحراك الجنوبي بهذا الشأن فإن الدلائل والبراهين على أرض الواقع تثبت عكس ذلك، ولا أعتقد أن شعبنا في الجنوب يجهل المغزى السعودي من وراء دعم المقاومة الجنوبية في ظروف بالغة الصعوبة كالتي نمر فيها.
ومن المعلوم أن السعودية لاترحب بوجود دولة في الجنوب على الإطلاق خشية من عودة النظام الإشتراكي السابق الذي نصب العداء للسعودية علنا وانتهج سياسة ظلت مصدر إزعاج للسعودية وبعض دول الخليج، وللنظام السعودي مآرب من وراء دعم المقاومة في الجنوب أهمها القضاء على المد الشيعي الممول من إيران والذي تعده السعودية تهديدا لمصالحها وزعزعة أركان نظامها فيما تستخدم الجنوبيين أداة لتحقيق مآربها الخاصة فضلا عن استغلال شعب الجنوب بقضيته العادلة وبالتزامن مع الإصرار الشعبي على عودة الدولة الجنوبية مهما كلف الثمن.
نعم ! تلك هي سياسة الشيطان التي تلعبها السعودية لتضرب عصفورين بحجر واحد وتظل ثقة الجنوبيين بالجانب السعودي مهزوزة على الرغم من محاولة السعودية جذب واستعطاف أبناء الجنوب في المرحلة الحالية، وكلنا يدرك أن السعودية تلعب على الحبلين لتحقيق أهدافها فقط، وخير شاهد على ذلك مؤتمر الرياض الذي غيب قضية الجنوب بل استفز من يدافعون عنها في مستهل المؤتمر.
وهنالك أسباب جمة جعلت من الثقة الجنوبية بالأشقاء في السعودية تتراجع إلى أبعد الحدود لعل أهمها ماسأورده هنا بشكل مختصر بناء على رأي شخصي مدعما بحديث الشارع في الجنوب، وهي على النحو التالي:
أولا: الصمت السعودي والخليجي بشكل عام على الجرائم التي أرتكبها نظام صنعاء بحق الجنوبيين منذ الحرب الظالمة في صيف 1994م أو حتى منذ انطلاق الثورة السلمية في العام2007م فماذا قالت السعودية عن مجزرة زنجبار التي راح ضحيتها أكثر من عشرين شهيد في يوم واحد، وماذا قالت عن مجزرة المعجلة وماذا قالت عن مجزرة سناح بالضالع لا إدانة ولا استنكار ولا مساعدة. أبهذه التصرفات يقفون إلى جانب شعب الجنوب في تقرير مصيره.؟!
ثانيا: تهميش قضية الجنوب وعدم تناولها في وسائل الإعلام الخليجية خلال مرحلة النضال السلمي وحتى الآن بل وقلب الحقائق واعتماد هذه الوسائل الإعلامية على مراسليها ذو الأصل والهوية الشمالية. إضافة إلى ذلك تهميش دور المقاومة الجنوبية وخلط الأوراق والحديث عنها بصفتها تابعة لشرعية هادي اليمنية وهو ماترفضه المقاومة الجنوبية رفضا قاطعا، فوصل بهم الأمر إلى إتصال قناة الحدث بإعلامي جنوبي تطلب منه عدم استخدام مصطلح (المقاومة الجنوبية) في حديثه مع القناة. ومن المعروف مسبقا أن السعودية تستخدم قضية الجنوب ورقة ضغط ومصدر تهديد اقتصادي للشمال لتنال من مطالبها لا أقل ولا أكثر والأمر كالشمس في رابعة النهار.
ثالثا: المعونات الإنسانية التي ترفض إرسالها إلى عدن وهي في قبضة المقاومة الجنوبية بحجة خوفها من سيطرة الحوثيين عليها ويتم إرسالها إلى الحديدة مكان استراحة الحوثيين الأمر الذي أثار تساؤل وقلق الجميع عن مثل هكذا تصرفات. فلماذا السكوت عن الحصار الغذائي والدوائي الذي تشهده كل من مدن عدن ولحج والضالع؟
رابعا: تكرار جريمة القصف الذي شنه التحالف بقيادة السعودية على أماكن تمركز المقاومة الجنوبية في عدن ولحج والضالع وشبوة عن طريق الخطأ -حد تبرير الأشقاء- والذي راح ضحيته العشرات من الجنوبيين. طبعا هذه البادرة الخطيرة التي تكررت أكثر من مرة تسببت في انسحاب المقاومة الجنوبيه من عدة مواقع خشية أخطاء الطيران (المقصودة) وتكرار الجريمة كما هو معروف إثبات للعمد. إذا ماذا عن ثقة ستترتب بعد هذا كله؟!
خامسا: الدعم المقدم للمقاومة الجنوبية عن طريق الانزال الجوي هو عبارة عن سلاح مؤقت لايتعامل إلا مع نوع خاص به من الذخيرة وهذا مايشير إلى أن السعودية تنوي الالتفاف على المقاومة باسم الشرعية فور تطهير الجنوب من الحوثيين وقوات صالح. ولي أن أتساءل لماذا تتخاذل السعودية في دعم المقاومة الجنوبية حتى تتمكن من تطهير عدن وسائر مدن الجنوب؟ أليست تنتظر ألوية المقدشي الذي يعد الاحتلال الشمالي الثالث للجنوب بالنكهة السعودية!؟
سادسا: إرسال كميات من الأدوية منتهية الصلاحية ومستلزمات أطفال مشرفة على الإنتهاء. والحديث عن هذا حديث طويل لكني أود ألا أخوض فيه حتى لا أسهب وأختم حديثي عند هذه الفقرة متمنيا أن تكون الرسالة قد وصلت، وبعد كل الذي أوردته بهذا المقام أترك المجال لك عزيزي القارئ لتقيم الثقة الموجودة وماذا عن تعزيزها أو تقهقرها بين الجانب السعودي وشعب الجنوب ممثلا بقيادة المقاومة الجنوبية التي تخوض هذه الأيام معاركا شرسة لم يشهدها الجنوب حتى في حرب الاجتياح التي نشبت في صيف1994م.