سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صحيفة ألمانية: بعد أن تم مسح تاريخ الجنوب من الذاكرة إقناع الجنوبيين بترك الاستقلال مستحيل وعلى المجتمع الدولي التنازل لمطالب الحراك إذا أراد الحفاظ على الوحدة
ترجمة /إياد الشعيبي قبل ما يزيد عن أسبوع تمكنت المقاومة الجنوبية بمساعدة قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية من انتزاع مدينة الميناء الجنوبيعدن من أيدي المتمردين الحوثيين وميليشيات حليفهم علي عبد الله صالح. وحتى يتم التمكن من تأمين عدن بصورة دائمة فإنه لا بد من التعاون بين المقاومة الجنوبية وحكومة المنفى اليمنية في الرياض والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد ميليشيات صالح والحوثي التي تتشقق بسرعة. وفي نفس الوقت الذي يتواصل فيه الاقتتال يستمر تدهور الوضع الإنساني في البلاد. وفقا لأحدث تقارير منظمة أوكسفام فإن نصف الشعب هناك يتضورون جوعا. في حين يمارس طرفي الحرب العديد من الجرائم ضد المدنيين. ففي حين قصفت طائرات التحالف مدنيين في المخا، ميليشيات الحوثي- صالح استهدفت المدنيين في مدينتي عدن وتعز وارتكبت جرائم حرب عديدة في الأشهر الأخيرة. في عدن العاصمة السابقة لجنوب اليوم التي توحدت في العام 1990 مع الشمال، تكتسب ومنذ عدة سنوات مزيد من الأصوات المتشددة التي تطالب بالاستقلال عن الشمال. في خطابهم أصبح الشمالي في نظر الجنوبيين بغض النظر عن العمر والجنس خاليا من الإنسانية. وإلى أن غزت ميليشيات الحوثي – صالح الجنوب، ظل ما يسمى الحراك الجنوبي في الحقيقة ينتهج الخيار السلمي. مطالبات الجنوبيين بالاستقلال عن الشمال هي من تبعات الحرب الأهلية في العام 1994، التي ربح فيها الجيش اليمني الشمالي تحت قيادة علي عبد الله صالح ضد الجنوب. ونتيجة لذلك ، تم إقصاء أجزاء كبيرة من قوات الأمن الجنوبيين والموظفين الإداريين قسرا دون تعويض أو معاشات تقاعدية. تم مسح تاريخ الجنوب من الذاكرة الوطنية، بينما حظي اليمنيون الشماليون على المناصب العليا في الجيش والإدارة في الجنوب نفسه. منذ العام 2007 احتج الجزء الأكبر من سكان اليمنالجنوبي السابق ضد "الاحتلال" من قبل الشمال. والآن غزت القوات الشمالية مرة أخرى الجنوب، ما دفع الحراك الجنوبي إلى التخلي عن موقفه السلمي والاضطرار إلى مقاومة ميليشيات الحوثي – صالح بالوسائل العسكرية. العدو المشترك المقاومة الجنوبية وإلى حد كبير لا تدين بالولاء للرئيس الذي فر إلى الرياض في مارس الماضي عبد ربه منصور هادي. على الرغم أن هادي تعود جذوره إلى الجنوب لكنه فر بعد الحرب الأهلية في الجنوب وفي وقت مبكر من العام 1986 إلى الشمال ودعم قوات اليمن الشمالي في حرب 1994 ضد الجنوب. وعلى الرغم أن المقاومة الجنوبية وحكومة المنفى بإدارة هادي قاتلوا مع قوات التحالف العربي عدوا مشتركا ، لكن يخشى الحراك الجنوبي من أن هادي سوف يحاول منع إقامة جنوب يمن مستقلا. لكن هذه المخاوف ليست عارية عن الصحة. الجزء المصغر من الحكومة التي عادت من الرياض بعد أيام من تحرير عدن من ميلشيات الحوثي-صالح يبدو الآن أنها تريد أن توسع نطاق سلطتها وبمساعدة التحالف السعودي على اليمن بأكملها. على الصعيد الدولي، لا يكاد يوجد دعم لإقامة دولة مستقلة في جنوباليمن. السبب الأول يرجع إلى أن الجنوب فشل حتى اللحظة في تشكيل قيادة موحدة يمكن أن تؤدي إلى استقلال الجنوب عن اليمن. علاوة على ذلك فإن المجتمع الدولي ليس لديه حاليا اهتمام من خلال دعم جهود استقلال جنوباليمن إعطاء المواد الغذائية للأقليات السياسية والعرقية حول العالم. وأخيرا فإن الانقسام بين شمال وجنوباليمن الذي يملك معظم حقول النفط والغاز وقلة السكان، في حين شمال اليمن أكثر سكانا، من شأن ذلك أن يزيد من حالة الفقر، لذلك يفضل الحل الفيدرالي لليمن. مخاوف الجنوب ومع ذلك فإن محاولة إقناع سكان الجنوب بالتراجع عن مطالبهم بعد أحداث الأسابيع الأخير هو أمر تقريبا مستحيل. إذا يريد شخص ما المحاولة، فعليه أخذ مخاوف الجنوب من التهميش الاقتصادي والسياسي في يمن موحد على محمل الجد. تدابير بناء الثقة فيما بينها تستوجب وفور تأمين مدينة عدن، بدء إعادة إعمار مدينة عدن ودمج الكثير الجنوبيين في برامج "المال مقابل العمل". بالإضافة إلى ذلك يجب على اللجان التي وضعت في عام 2013 لتسوية المنازعات المتعلقة بملكية الأراضي الجنوب ولجان تعويض الموظفين المبعدين استئناف عملهم في أقرب وقت ممكن. هنا تقع على عاتق المجتمع الدولي واجبات، حيث أن القدور المعدة لدفع التعويضات لم يتم ملأها بما فيه الكفاية. إذا أراد المجتمع الدولي الحفاظ على وحدة اليمن، فإن عليه وأكثر من أي وقت مضى التنازل لمطالب الحراك الجنوبي.
* التقرير نشر في صحيفة "TAZ" الألمانية الأحد 9 أغسطس 2015