الإهداء الى القيادات التاريخية الجنوبية في الشتات والمنافي الذين يعول عليهم شعبنا في تتويج آخر أنتصارات الوطن الكبير جنوبنا الحبيب . نسافر في مرحلة التطفيف الملتهب الذي يعظ ما تبقى من هشاشة الروح البنيوية وعسر التعايش في وسط يلبس ويسكن معاطف النار والحديد ويجعل طريق العيش ملغومة بشتى ملامح القفور والمقابر سجون كبيرة تساوي مساحة دولة كان يقطنها بشر لهم تاريخ ناصع وتواضع عظيم ساد قرون . الان فقد الإنسان الجنوبي جميع أشكال حقوقه الإنسانية أن صح القول جراء هذا الاحتلال الذي ما فتئ المخططون المنفذون لها المعنيون بتكريسه على مدار ما يقارب العقدين ونيف يجردون هذا الإنسان منها فهم في حالات ينتهكونها وفي أخرى يشوهونها وثالثة يتجاهلونها ورابعة ينكرونها عليه ولا يعترفون بها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من بؤس وحال مزرية وكان الهدف ولا يزال من وراء ذلك كله يكمن في إجبار شعب الجنوب وإكراههم على نسيانه والتعايش مع الظروف اللاإنسانية التي فرضت عليهم بهدف إطفاء صورة الوطن في ذاكرتهم الوطنية وكثيرة هي المليونيات التي خرج بها شعبنا من أجل إيصال صوته المنادي بالحرية الى المحافل الدولية للنظر فيها وتصحيح اعوجاج المسار الذي فرض عليه وفي حقيقة الأمر فان إثارة موضوع حقوق الإنسان في الجنوب كانت ولا تزال تشكل إرباكاً وشعورا بعدم الراحة للسياسة العديمة التي تنتهجها المنضومة الشمالية المفككة أصلا الأمر الذي دفع بساستها إلى الضغط في كافة الاتجاهات والمحاور للالتفاف عليها وجعلها خارج إطار اهتمامات السياسة الدولية ذلك أنها تفتح صفحات سوداء تكشف عن ممارسات غير إنسانية في حق هذا الإنسان وآخرها التراجيديات الشنيعة التي يعيشها شعبنا ومع ذلك فان الكثيرين في العالم يتخيلون هذه الصورة القاتمة التي باتت جلية يدركها القاصي والداني بفعل عوامل شتى ولم يعد هناك من سبب وراء تكرار محاولات معارضة مناقشتها محلياً وإقليميا و دوليا إلا الإصرار والعناد على النهج المتبع الذي درجت عليه بعض القوى الفوقية في جحر الدولة العميقة في ما يخص هذه الحقوق فان الجنوبيين يعرفون ما يريدون وهم يناضلون بغية الوصول إليه فخارطة حقوقهم الإنسانية مرسومة بدقة وعناية وهي لا تقل بأي شكل من الأشكال عن حقوق أية بشر إنسانية أخرى في التحرر والحرية والمساواة وحق تقرير المصير على أرضهم الجغرافية ودولتهم المستقلة وهم يدركون أيضا أن تحقيق الذات وهو حق شرعي لا يمكن أن يتم إلا عبر منظومة حريات التعبير والتملك والإرث والتوريث والبناء والإعمار والتنقل والحفاظ على المفاهيم والقيم والمثل الخاصة والتعامل مع الآخرين في إطار الاحترام المتبادل وأخيرا لا آخرا حق الدفاع عن كل هذه الحقوق بشتى الوسائل المشروعة المتاحة إلا أن المشكلة كانت ولا تزال تكمن في سياسات القبائل ورجال الاعمال وأمراء الحروب في الشمال وفلولهم الديكتاتورية وأزلام القوى التقليدية وهي التي ما زالت تصر على تطبيق ممارسات تتنافى وابسط حقوق الإنسان المتعارف عليها ويبدو أن هذا النهج ثابت وليس آنيا طارئا وإنما سياسة بدء بتفعيلها منذ أن شرد الجنوبيون من أراضيهم وديارهم وأوطانهم بدءا بإلغاء الصفة الوطنية عنهم كونها مرتبطة بوطن صودر منهم عام 94م إن الجنوبيين لا ينسون مسلسل مصادرة حقوقهم وانتهاكها ولا ما تعرضوا له على الدوام وأولاها استكمال اجتياح وتدمير بلادهم ووصف نضالاتهم المشروعة بأنها عمل من أعمال العنف والإرهاب والخارجة عن القانون وأن أيادي مناضليهم ملطخة بالدماء وجراء ذلك تعرض شعبنا اخيراً إلى سلسلة من العقوبات الجماعية والجرائم البشعة قل إن تعرض شعب آخر لمثيله في التاريخ وسوف تظل الذاكرة الجنوبية تختزن الكثير الكثير من صور هذه العقوبات والدمار وإذا كانت هذه الانتهاكات تتخذ لها مسارين هما إنسانية الإنسان من جهة والماديات من جهة أخرى فان حرب الحوثيين والمخلوع صالح وسقوط آلاف الشهداء والجرحى كانت تشكل مسارا ثالثا هو الأخطر كونها انتهاكا صارخا وحرمانا غير مبرر على الإطلاق لحق الإنسان الجنوبي في الحياة إن كل هذا وغيره الكثير يرسم في مجموعه صورة مزرية متردية لحقوق شعبنا أيا كانت ولا ينطبق عليها إلا وصف واحد أنها تحت الصفر وتحت طائلة الهيمنة ثمة حقائق في هذا الصدد لا ينبغي إغفالها أو التغاضي عنها أو الالتفاف عليها الحقيقة الأولى مفادها أن الشعب الجنوبي قد تصدى وما زال يتصدى بأقصى ما أوتي من طاقة ومقدرة لمخططات استهداف حقوقه السياسية والإنسانية المشروعة التي كفلتهما له الشرائع السماوية والأرضية وهو على شرف هذه الوطن قدم الآلاف من الشهداء والجرحى والمعوقين وما زال يقدمهم غير شاك ولا متذمر الحقيقة الثانية حالة الصمت التي أصابت التحالف العربي وهي بصحيح العبارة حالة من التعاجز وعدم المبالاة إزاء كل ما يدور على الساحة وبخاصة تلك التي تتعلق بانتهاكات حقوقه ولا قضيته التي ما عادت لها تلك الأولوية على الأجندات السياسية إن حق شعبنا ليس محلا للمزايدة والمساومة عليه وأن المقاومة الشرسة الصامدة على الارض تحمل أكثر من معنى ومغزى وهو حق جديد مكتسب في إطار أستعادة حريته ويظل الإنسان المقاوم الجنوبي هو الحصن الحصين والمدافع عن حقوقه الإنسانية التي لم يفرط بذرة واحدة منها برغم كل سنين القهر والقمع في الوطن وجغرافيا شتات المنافي إذن فهناك الكثير من المداخل للحل إذا توفرت النية الصادقة والاعتراف بحق شعبنا للخروج من الأزمة قبل أن تصل الأمور إلى درجات من التعقيد حيث يستعصي حلها هذا مانتمناه في أي تسوية سياسية قادمة وما نرجوه لشعبنا الثائر ولا يجوز بأي شكل من الأشكال في مفصل تاريخي وبالغ الأهمية في لحظة تاريخية من حياتنا بأن لاترسم مستقبل شعبنا ومشروعه التحرري خلال هذه المرحلة ..والله من وراء القصد وهو خير ناصر