هذه الأفكار و الخواطر و الانطباعات والنتائج و الاستخلاصات و الأستلهامات نابعه من الأزمة والحرب العبثية التي مرت بها البلاد وما تزال مستعرة حتى كتابة هذه الأفكار و الخواطر . أن هذه الحرب التي لم تشهد البلاد لها مثيلاً لا في تاريخها القديم ولا في تاريخها الحديث والمعاصر خاصة من حيث محاصرتها للمواطن وحرمانه من كل مقومات الحياة وسلبت منه آمنه المعيشي والنفسي و أفقدته حريته وأبسط حقوقه الإنسانية والآدمية الضرورية و أهدرت دمه وكرامته وقيمته ككائن كرمه خالقة سبحانه وتعالى , وهاهو اليوم في بلاده قد وجد نفسه في لحظة ما محاصراً بين بحر من وراءه وعدو لدود من أمامه خاصة في الجنوب وليس له خيار سوى المقاومة والدفاع عن نفسه وعرضه و أرضه أمام هذا العدو الغاشم الذي انقلب على الشرعية وعاث في الأرض فساداً وطغى وتجبر وشل حركة الحياة والدولة و الحكومة حتى وصلت البلاد إلي مرحلة الشلل و الفشل والى شفير الحرب و الاقتتال و أعاق هذا العدو الجهول إكمال عملية التسوية السياسية في البلاد و التي كانت قاب قوسين أو أدنى من تنفيذ بنود المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة لحل الأزمة اليمنية ولم يبق حينها الإّ تعديل الدستور وعملية الاستفتاء عليه ثم الانتقال إلى الانتخابات البرلمانية و الرئاسية ناهيك عن قيام هذا العدو الممثل في جماعة الحوثي والجيش الأسري للرئيس المخلوع بالتمدد في المدن و المحافظات ولولا مساعدة عناصر الرئيس المخلوع لأنصار الحوثي لما كان للحوثييين شأن يذكر ولم يحصلوا على كل هذه الحنّه والرّنة والضّجة محلياً وإقليمياً ودولياً , والدليل أن هذه الحركة الانقلابية المتمردة لم تستطع أن تستأصل جماعة أهل الحديث في قرية صغيرة من قرى صعده تسمى (( دماج )) لولا تدخل الحكومة والدولة بإجلائهم من قريتهم الصغيرة وترحيلهم إلى أماكن متفرقة وهذا التصرف أسعد الحوثيين و أثلج صدورهم . لقد أثبتت الأزمة و الحرب لنا بأن النخب السياسية في بلادنا والتي كانت وما تزال تتصارع على السلطة والحكم و الثروة و تتحكم بمقدرات البلاد وبمصير المجتمع و الشعب و العباد لقد أثبتت لنا الأيام فشل هذه النخب خاصة في الفترة التي حكم فيها الرئيس المخلوع و حزبه و حلفاؤه وأغرقوا البلاد في فوضى وفساد وإفساد حتى جعلوا الشعب في الجنوب و الشمال يثور على ذلك النظام في ثورة الشباب ومن قبل ذلك الحراك الجنوبي و الدليل على فشل النظام وتلك النخب السياسة أنها أوصلت البلاد إلى حرب بين الأخ وأخيه , وبعد الحراك الجنوبي وثورة الشباب كان الرئيس المخلوع قد طلب من دول الإقليم إيجاد مخرج له وحل للمشاكل التي تراكمت في ظل حكمه الفاسد خاصة منذُ بداية الوحدة التي لم تترسخ في مشاعر وقلوب الناس ولا في أحاسيسهم و وجدانهم ولم تتحقق على أرض الواقع , ولأن خصوم الرئيس المخلوع عجزوا عن إزاحته بالطرق السلمية فقد لجؤوا إلى التخلص منه بالطرق العنفية فقاموا بتفجير دار الرئاسة ومع ذلك فقد نجا الرئيس المخلوع من هذه الحادثة المروعة مما جعله ينتقم منهم شر انتقام وينتقم من الشعب أرضاً و إنسانا شمالاً و جنوباً شرقاً و غرباً , وظهر هذا جلياً و واضحاً في هذه الحرب العبثية التي تحالف فيها مع أنصار الشيطان من الحوثيين وخاصة بعد أن قام بالتوقيع على تسليم السلطة مكرهاً و مرغماً تحت ضغط ثورة الشباب ومن قبل ذلك انتفاضة الحراك الجنوبي إلى نائبه المشير عبد ربه منصور هادي الرئيس الشرعي الحالي الذي وصفه الرئيس المخلوع باليد الأمينة و الآمنة التي ستحميه من الملاحقة القانونية وتحمي حزبه الفاسد قبل حماية البلاد والعباد لكنه فوجئ من نائبه عكس ما كان يتوقع منه حيث وقف مع الوطن ومع مستقبل الشعب وفضل المضي في إكمال التسوية السياسية و الانتقال بالبلاد إلى وضع أفضل ويؤسس لدولة مدنية حديثة تحقق طموحات الشعب و المجتمع والأمة . لكن المضي في هذا المشروع لم يرق ولم يرض الرئيس المخلوع ولا جماعة الحوثي فسعوا لقلب الطاولة على الجميع و أدخلوا البلاد في فوضى وحرب عبثية لا معنى لها أما عن حلفاء المخلوع من الحوثيين ومن شايعهم أو تعاطف معهم أو ساندهم أو تعاون معهم وساعدهم أو استما لهم الرئيس المخلوع وأغراهم بالمال والسلاح وكسب رضاهم و ولائهم ..فانك لو سألت احدهم في عدن أو في لحج أو في أي محافظة دخلوها أو احتلوها لماذا جئتم من جبال مران إلى عدن؟ يجيبك على الفور أتينا لكي نصفى ونحارب لكم عناصر القاعدة و الدواعش و التكفيريين ويقصدون بذلك عناصر حزب الإصلاح والسلفيين الذين صمدوا في وجوههم في عمران ودماج و أماكن أخرى من البلاد والغريب و العجيب أن هؤلاء الحوثة عندما دخلوا محافظة تعز قاموا بإخراج (1500) سجين نصفهم من القاعدة الذين يزعم الحوثيون بأنهم يحاربونهم ..!! وفي نفس الوقت ينتهج الحوثيون نفس سلوك وأسلوب القاعدة و الدواعش والتكفريين في تدمير المدن والمرافق وقتل الأبرياء ومصادرة حريات الناس خاصة ممن يقف في طريقهم او يعارض نهجهم التسلطي.. فما هذا التناقض والخلل بين ما يقولونه وما يفعلونه ..؟! وكيف ننتظر من جماعة انقلابية لا تعرف سوى لغة السلاح و القتل أن توسس لدولة مدنية ديمقراطية حديثة يسودها العدل و المساواة والأمن و السلام والطمأنينة و أول كلمة في شعارها ((الموت))... وتزعم أنها تنشد السلم والشراكة وعندما كان الحوثيون يحتلون (عدن الصمود) ويتخفون بين الناس من طائرات التحالف التي أرعبتهم ومن عزيمة المقاومة الجنوبية الشجاعة التي أفزعتهم كانوا يقولون لنا عندما يختلطون وسطنا نحن إخوانكم أليس كذلك؟! وكنا نتعجب من قولهم هذا ..!! خاصة حين نرى دباباتهم وعرباتهم المدرعة ومدفعياتهم وقناصاتهم تستهدف مساكننا وبيوتنا وديارنا وكل ما نملك ونقول لأنفسنا عن أي إخوة يتحدثون ..؟! أم أنهم الأخوة الأعداء..؟! لقد عمقت هذه الحرب العبثية التي شنها الحوثيون وأتباع الرئيس المخلوع الشرخ في جدار الوحدة التي قامت بين الشمال و الجنوب عام(90) خاصة بعد حرب (94) المشؤومة التي أسست لهذا الشرخ والانفصال عن الوحدة التي لم يشعر الناس في الجنوب بطعمها أو لونها أو رائحتها ..وهاهو اليوم إعلام الانقلابيين المتمردين يتباكى على الوحدة ويشتكي من ضربات طيران التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة وتناسى هذا الإعلام الغافل أن من بدأ بالانقلاب واحتلال عمران وصنعاء وذمار والحديدة و إبوتعزوعدنولحج وبقية المحافظات وأنهم أول من اعتدى والبادئ أظلم وهم أول من أفشل الدولة و الحكومة وفرض الإقامة الجبرية على رئيس البلاد الشرعي وعلى حكومة الوفاق و أول من عطل الحياة وأدخل البلاد في حيص بيص وتسبب في كل ما وصلت إليه البلاد من دمار و خراب وانتهاك للحرمات وحقوق الناس, وأنهم من أرسل الطائرات إلى قصر معاشيق بعدن من أجل التخلص من الرئيس الشرعي للبلاد وتصفيته جسدياً لكي يخلو لهم الجو ليعيثون فساداً في البلاد وظلماً للعباد ويحولون الشمال و الجنوب الى محافظة صفوية فارسية إيرانيه وتناسى هذا الإعلام الغافل لمتمردي الحوثي و المخلوع بأنهم أول من قام بمناورة عسكرية استفزازية مع الجارة الشقيقة السعودية ويريدون أن تصفق لهم على هذه المناورة أو تقول لهم :(برافو) وتضرب لهم تعظيم سلام وهم أول من جدد اتفاقية نقل ورحلات طيران بين اليمن و إيران بلغت(28) رحلة في الأسبوع الواحد ليس بين بلادنا وبين إيران أي تبادل تجاري ضخم أو مشاريع سياحية استثمارية كبيرة تستدعي كل هذا الجسر الجوي الأسبوعي المتواصل سوى تحويل الشمال و الجنوب إلى ملحق إيراني في جنوب الجزيرة العربية وفي خاصرة المملكة العربية السعودية الشقيقة . لقد وصفت الحرب الأخيرة بالعبثية ولكن رب ضارة نافعة من أن الشيء الذي نكرهه قد يكون فيه خير لنا والذي نحبه قد يكون شرًا لنا مصداقاً لقول الحكيم العليم في قرآنه الكريم:((كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون)) (216) البقرة فقد أنتقم الجبار المنتقم من مليشيات المخلوع و الحوثي انتصاراً للمظلومين منذ حرب (94) من الجنوبيين ولمن سرحوا من وظائفهم وانتقم الله لمن ظلموا في دماج من السلفيين أصحاب الحديث وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم وانتصر الله لمن اضطر لترك بلده مكرهاً واللجوء إلى المنفى وانتقم الله ممن كان ينظر من أعلى البلاد إلى من هم في أسفل البلاد على أنهم مواطنون درجة ثانية و ثالثة .. فما على أهل الجنوب اليوم الإّ أن يوحدون كلمتهم ويرصون صفوفهم ويكونون على قلب رجل واحد حتى تكون لهم وجهة واحدة وقيادة سياسية وعسكرية واحدة موحدة تستطيع أن تتحدث باسم شعب الجنوب برؤية واضحة ومحدودة وبرنامج وأجندة مستقبلية تعبر عن آمال وطموحات ورغبات الشعب في الجنوب وعندها سيقف الجميع بل العالم بأكمله مع هذه القيادة و الشعب ويحترم كلمتهم وخيارهم و إرادتهم والمستقبل الواعد بأذن الله معهم . وهذا كل ما نتمناه بعد هذه الحرب العبثية التي كشفت وعرت كل شيء وعلمت الناس كيف يعرفون عدوهم من صديقهم من أجل ذلك قال الحكيم العليم بمصالحنا (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم)) ملاحظة : صورة كاتب المقال لديكم في الأرشيف ..