في مرمى خدعةٍ من الخُدع (سمّوها الوحدة) طاحت دولة الجنوب إثر وقوع ساسَتها في كمين عاطفة "الوطنية الحمقاء"، المنسوجة بأوهام القومية الرعناء، فوصلوا و أوصلونا إلى هكذا حال... إنّه عمى الساسة (الجنوبيين) في سذاجة طفولتهم السياسية.. بِعمَاهم وقَعوا و أوقَعوا دولةً بكل مقدّراتها و مقوماتها، أسِيرةً في أيادي عصابةٍ حافِيَة من الرحمة والعدالة، عارية عن الوطنية والنزاهة، خالية من الإيمان والأمانة، عديمة الوفاء و المصداقية، و منزوعة الأخلاق والكرامة..، بل لم تكن سوى عصابة تتقن أساليب الخَدع والخيانة..، أمسكَت زمام دولةٍ شقيقة (ج.ع.ي)، و درّبَت على منهجها الممقوت، جُل شعبها المتعوِّد على التبعية القبلية، لتتحوّل و إياهم إلى احتلالٍ شقيق تطفّل على مقدّرات شعبنا الجنوبي العامة والخاصة...
نيفٌ و عشرون عاماً هي عُمر احتلال سطا على دولتنا الجنوبية، على مداها، سعى (الاحتلال اليمني) بكل ما أوتي من قوة إلى تأبيد بقائه بإلغاء و طمس الهوية الجنوبية، و إلى توطيد قدميه بزرع التفرقة و إشعال الفتن و الصراعات المناطقية، و إلى تكريس ثقافته المليئة بالمساوئ والسلبية؛ تلك الثقافة القائمة على الغوغاء والعشوائية، و اللاقانون و الاستبدادية، والسطو والإبتزازية، و المراشاة والاستغلالية، و شتى أنواع الفساد، و أساليب طمس الهوية.... وخلال هذه الفترة الطويلة التي تجاوزت طول نصف حقبةٍ زمنية، أو قاربت عُمر جيلٍ من البشرية، تعرَّض الجنوب (دولةً وشعباً) لأكبر كارثة عرفَها التاريخ ... كارثةٌ حوّلَته إلى ركامٍ من الأسى .. و حطامٍ من بقايا قوى.. و أكوامٍ من الهموم، على كاهل شعبٍ على تحمُّلها، لا يقوى...
لكن المؤسف هو أن يكون البعض من أبناء الجنوب، وبلا وعيٍ أو إدراك، عدو أنفسهم، أو في غير مصلحة شعبهم...؛ عبر مشاركتهم ولو بالصمت على تواجد أو بقاء أو انتشار الدخلاء(السيئين) على المجتمع الجنوبي؛ والدُخلاء هنا ليسوا بشراً، و إنما دخلاءٌ يأتون على هيئة أفعالٍ أو ممارسات و عادات أو سلوكيات بعيدةً كل البُعد عن ثقافة و أخلاقيات و قِيَم مجتمعنا الجنوبي الأصيل....و من أمثال أولئك الدخلاء: ثقافة الفيد و النهب و المحسوبية والاستغلال و الأنانية و الرشوة و و الاحتكار و الجشع و النّصب و الاحتيال واستحلال المال العام ، و شتى أنواع "الدحبشة"، التي و للأسف، اقتحمت كل مجالات ونواحي و شئون حياتنا .. فحاصَرَتنا في كل مكان، في شوارعنا، في أسواقنا، في مؤسساتنا الأمنية والعسكرية، في مدارسنا و جامعاتنا، في كافة مؤسساتنا و مرافقنا العامة و الخاصة... فأصبح البعض يتعاملون، بشكل طبيعي، بالسوق السوداء، أو يفرشون بضائعهم على قارعة الطرقات دون استحياء...
والمؤسف أكثر، بل و المصيبة، أنّ يتم ممارستها حتى من قِبَل بعض المثقفين و المتعلمين الجنوبيين رغم علمهم أنّ هذه الأنواع من الدخلاء، لا تقل خطراً -إن لم تكن الأشد أو الأكبر خطورة- من خطر دخلاء البشر الذين يأتون على شكل خلايا نائمة و ما يشابهها...
فيا ليت شِعرِي؛ هل سيتحرر وطننا الجنوبي الحبيب من هكذا نوعٍ من دخلاءٍ يتمثّلون في هيئة ممارسات ممقوتة..؟! و متى يا ترى يستكمل الجنوب تحريره المنشود و تطهيره من كل خلايا و بقايا الاحتلال، بشراً كانوا أو ممارسات..!؟ و هل يرضيك، أخي المقاوم و المواطن الجنوبي، أنَّ جنوبياً يمارس سلوكيات و عادات سيئة ورثوها من ثقافة الاحتلال الموبوءة أو اكتسبوها عبر سياساته الهدّامة ؟!
إن كنت حقاً صاحب قرار، فتجهّز لخوض الغمار، بإعلان "الجهاد الأكبر" من أجل تصحيح المسار، مبتدئاً بنفسك و بأهلِك في الدّار، ثمّ بنُصح القريب و الجار؟؟!!
أم أنّ الشهداء قدّموا أرواحهم رخيصةً هكذا كي يُخرِجون "الدحابشة" و تبقى "الدحبشة"؟؟!!؟؟