تقرير – فهد البرشاء كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرا ظهرا والشمس في كبد السماء عندما كان أحمد في طابور طويل جدا والعرق يتصبب منه ويمسك في يده (دبه) فارغة يريد تعبئتها (بترول)..
ينظر أحمد إلى الأمام فإذا بالطابور لازال طويل جدا, وينظر خلفه فإذا بالناس تتقاطر وتتوافد صوب هذه المحطة الوحيدة في مدينة العين جنوب مديرية لودر..
يقول أحمد أنه على هذه الحال منذ الصباح الباكر بعد أن علم بوجود (بترول) في هذه المحطة وقد جاء لتعبئة هذه (الدبة20لتر) يشير بيدة إليها, كي يعيد تشغيل سيارته التي توقفت منذ أسابيع وباتت حبيسة جدران منزله ولم تبارح مكانها رغم أنها مصدر دخله الوحيد التي يعيل منها أسرته..
يجتر أحمد نهدات من جوفه ثم يسترسل قائلا : منذ الصباح الباكر وأنا على ذات الحال ولم أبارح مكاني نتيجة للإزدحام الحاصل والمشاكل التي تحدث بين الفينة والأخرى وتوقف العمل لساعات طويلة, والساعة الآن تقترب من الواحدة ونحن تحت أشعة الشمس الحارقة على أمل أن أصل وأخذ نصيبي قبل أن يعلن مالك المحطة عن نفاذ الكمية, فقد أعتدنا على ذلك الشيء منذ أن القت الأزمة بظلالها على كل شيء..
يضيف أحمد: أن مخصص هذه المحطة والمدينة تحديدا لايكفي لأهالي المدينة ناهيك عن الوافدين إليها من المناطق الأخرى ولايدري هل المخصص يصل كاملا أم أنه يذهب لتجار السوق السوداء قبل أن يصل أو يتم حجزه لهم ويباع في منتصف الليل بطريقة غير مشروعة وطريقة لصوصيه..
الطابور طويل جدا والأزدحام الشديد يدل على حاجة الناس للمشتقات النفطية,وكيف أثر إنعدامها كثيرا على الأوضاع المعيشية والأقتصادية لحياة الناس,بل وفتح شهية تجار السوق السوداء ومالكي محطات الوقود لأستغلال هذه الأزمة والعبث بحياتهم..
تقف على الجانب الآخر من الطابور سيارة يبدوا أنها أخذت نصيبها وتفرغ حمولتها في خزانات أخرى كي تعود مرة أخرى لذات الطابور وتقوم بالتعبئة مرة أخرى..
يقول سائقها أنه لابد من التحايل على أصحاب محطات الوقود كي يحصل على أكبر كمية ممكنة, فكما قال عنهم أنهم (محتالون) وهم من يفتعلون الأزمة إما بالبيع لتجار السوق السوداء أو ببيع مخصص المنطقة عند خروجهم من (المصفاه) للتجار في مناطق أخرى..
منذ أن القت الأزمة الأخيرة على المحافظاتالجنوبية والمنطقة الوسطى بأبين تعاني أزمة حادة وخانقة في المشتقات النفطية مع تنامي كبير وملحوظ لتجار السوق السوداء الذين يبيعون بأسعار خيالية وباهظة جدا لايقوى البسطاء على مجاراتها ناهيك عن عدم جودة مايبيعون من وقود..
هذه الحالة التي تشهدها المنطقة من تلاعب بالمشتقات النفطية من قبل أصحاب محطات الوقود وتجار السوق السوداء يأتي في ظل غياب تام للدور الرقابي لجهات الأختصاص في المنطقة التي يبدوا أنها (كالأطرش) في الزفة, وكذلك المعنيون في المصافي الذين تركوا الحبل على القارب لهؤلاء التجار للتلاعب بمصالح المواطنين وأفتعال الأزمات بهذا الشكل الكبير والمؤثر والذي يهدفون من خلاله للكسب الغير مشروع وقصم ظهور المواطنين..
المصيبة وكما يقول المواطنون تكمن في بيع مخصصات المنطقة برمتها إما لتجار السوق السوداء أو للتجار من محافظات شمالية وبأسعار مربحة ومغرية جدا, وهذا مايفاقم الوضع ويزيد من حدة الأزمات وتوسع رقعتها..
ليس هذا وحسب بل أن نافذو المناطق هذه من وجهاء وأعيان هم من يساعدون مالكو محطات الوقود على رواج تجارتهم من خلال شراء (ذممهم) وضمائرهم وسكوتهم على هذه الحال التي لاتحتمل,وعدم زجرهم ووضع حد لجشعهم وتلاعبهم بمصالح الناس..