محمد بن عبد الله بن محمد الطنجي، عرف بابن بطوطة (ولد في 24 فبراير 1304 - وتوفي عام 1377م بطنجة) (703 - 779ه). هو رحالة ومؤرخ وقاضي وفقيه مغربي لُقِّبَ بأمير الرحالة المسلمين. عندما كان في ال 21 من عمره، خرج من طنجة وجاب البلاد وسافر عبر البحار والصحارى.. ومن ضمن المدن التي زارها, مدينة عدن. فللنظر ما كتبه عنها في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار". يبدأ حديثه عن عدن قائلاً: (ثم سافرت إلى مدينة عدن، على ساحل البحر الأعظم. فالجبال تحف بها ولا مدخل إليها إلا من جانب واحد, وهي مدينة كبيرة، لا زرع بها ولا ماء ولا شجر , وبها صهاريج يجتمع فيها الماء أيام المطر. والماء على بعد منها، فربما منعته القبائل وحالوا بين أهل المدينة وبينه حتى يصانعونهم بالمال والثياب. وعدن شديدة الحر في الصيف، وهي مرسى أهل الهند. تأتي إليها المراكب العظيمة من كنبايت، وتانه، وكولم، وقالقوط، وفندراينه، والشاليات، ومنجرور، وفاكنور، وهنور، وسندابور، وغيرها. وتجار الهند ساكنون فيها، وتجار مصر أيضا. وأهل عدن ما بين تجار وحمالين وصيادين للسمك. وللتجار منهم أموال عريضة، وربما يكون لأحدهم المركب العظيم بجميع ما فيه، لا يشاركه فيه غيره لسعة ما بين يديه. ذكر لي أن بعضهم بعث غلاماً له ليشتري له كبشا، وبعث آخر منهم غلاما له برسم ذلك أيضا. فصادف أنه لم يكن في السوق في ذلك اليوم إلا كبش واحد, فوقعت المزايدة فيه بين الغلامين, فأنهى ثمنه إلى أربعمائة دينار. أخذه أحدهما وقال: إن رأس مالي أربعمائة دينار, فإن أعطاني مولاي ثمنه فحسن, وإلا دفعت فيه رأس مالي، نصرت نفسي وغلبت صاحبي. وذهب بالكبش إلى سيده وأخبره بالقضية فأعتقه وأعطاه ألف دينار. وعاد الآخر إلى سيده خائبا فضربه وأخذ ماله ونفاه عنه). ويكمل حديثه قائلا: ( ونزلت في عدن عند تاجر يعرف بناصر الدين الفأري. فكان يحضر طعامه كل ليلة نحو عشرين من التجار. وله غلمان وخدام أكثر من ذلك. مع هذا كله فهم أهل دين وتواضع وصلاح ومكارم أخلاق. يحسنون إلى الغريب ويؤثرون الفقير ويعطون حق الله من الزكاة على مايجب. ولقيت في المدينة قاضيها الصالح سالم بن عبدالله الهندي, وكان والده من العبيد الحمّالين. واشتغل ابنه بالعِلْمِ , فرأس وساد. وهو من خيار القضاة وفضلائهم. أقمت في ضيافته أياما, وسافرت من مدينة عدن ). كما أنه ذكر في كتابه أن بين ظفار وعدن في البر مسيرة شهر في الصحراء. وذكر أيضاً في كتابه بأن سلطان ظفار الملك المغيث بن الملك الفائز ابن عم ملك اليمن, كان له وزير إسمه الفقيه محمد العدني. هذا ماكتبه الرحالة ابن بطوطة عن زيارته لعدن. فعدن ذات مكانة عظيمة منذ القدم, وأهلها ذووا طيبة وأخلاق منذ الأزل, وصهاريجها هي ذاتها منذ عصور ماقبل الميلاد.. فدمتي بخير ياحاضنة البحر والجبل. الرحالة ابن بطوطة صاحب أشهر كتب الأسفار قديماً (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار).