درجت العادة أن تلتزم مؤسسة الكهرباء بساحل حضرموت بالصمت اللا مهيب، لتجعل الناس يتمارون في الأسباب التي جعلت الكهرباء تتحول إلى السلوك ( البومي والخفاشي ) بمعنى أنها تتطبع بطبيعة الكائنات الساكنة نهاراً والنشطة ليلاً كالبوم والخفافيش. على مدى عدة أشهر لم يلحظ الناس أية تحسن في التيار الكهربائي.. إن لم نرى الأسوأ بالتأكيد.. وأصبحنا كالباكين على القبور التي ماتت ودفنت فيها كهرباؤنا.. وبات حالنا كما قال الشاعر: لقد لامني عند القبور على البكا ** رفيقي لتذرف الدموع السوافكِ.. فقلت له إن الأسى يبعث الأسى ** دعوني فهذا كله قبر مالكِ. حقاً فإن الأسى يبعث الأسى.. نعش الله عاثر آمالنا، إذ من المقرر أن المتعامي عن معاناة الناس.. المتجاهل لآلامهم لن يفلح معه أي بيان ولو انقلبت العصا إلى حية أو خرجت اليد البيضاء. يصعب على المتابع الخروج بنتيجة لهذا السر الغامض ( الكهرباء ) الذي شغل الناس ليلاً ونهاراً.. وكلما أمعنتَ التفكير في تلكم المعضلة.. وجدتَ نفسك تتجه نحو المزيد من الحيرة والتساؤلات التي لن تجد لها إجابات مقنعة.. بل ربما لمست في واقع الحال من يثبط عزيمتك ولسان حاله يقول لك: ( لا تحاول أن تكون شهماً في هذا الزمن ).. لنتعلم أيها الأكارم من خلال ورطة الكهرباء شيئاً.. لكن ما من أحد يريد ذلك.. ولقد كان من المؤمل أن يهبّ الناس على قلب رجل واحد لينتفضوا على هذا الواقع البائس.. لكن مع شديد الأسف.. لا حياة لمن تنادي. مع تقلص سلطة الدولة وتعدد الأذرع التي تحكمنا وكثرتها.. إلا أنها بكل أسف لم تغنِ عنا شيئاً.. ولا بدّ لي أن أعترف في نهاية الأمر أنها ربما عادت علينا بالضرر .. كما قال الشاعر: رُبّ من ترجو به دفع الأذى ** عنك يأتيك الأذى من قبله. وهنا أجد نفسي مضطراً لتثمين بعض الجهود مع قلتها التي تسعى للتخفيف من معاناة المواطنين بعيداً عن التقييمات القاسية.. رغم أن حقيقة التقصير واردة.. علماً أن البكاء واختلاق الأعذار لا يجدي نفعاً في حين يصعب على الكلمات أن تشخص مشهد البؤس الذي نعانيه مع إشراقة كل صباح جديد..