في اتون الحرب الاخيرة التي شنتها جحافل الغزاة على الجنوب انكشفت الأقنعة وظهرت الحقائق وأمتاز الرجال المخلصون وبرز المناضلون الحقيقيون. انها الحرب التي أظهرت معادن الرجال الاوفياء وفي طليعتهم رجال الصحافة والإعلام الذين تصدروا جبهة الاعلام المقاوم. من هؤلاء الأبطال برز صاحب القلم الحر والصوت الجهوري الصحفي الكبير الأستاذ محمد النقيب عملاق الاعلام الحر المقاوم الذي قاد جبهة تصدرت كل الجبهات رباطةً وبأساً وأهمية. محمد النقيب لديه قلم واحد نذره للدفاع عن الجنوب أرضاً وشعباً ومقاومة وظل منذ بداية مشواره الصحفي سفيراً للقضية الجنوبية التي لم يتخلى عنها يوماً رغم انه يعمل خارج اسوار الوطن الذي نذر حياته وقلمه من اجله. في الحرب الاخيرة أتذكر حين كان يأتي الاعلاميون والصحفيون الجنوبيون الكبار لزيارة المركز الاعلامي للمقاومة الجنوبية وعلى استحياء يغادرون لأنهم لم يجدوا مآربهم ,فكل ما كان لدى المركز الاعلامي للمقاومة الجنوبية هو شربة ماء وكسرة خبز يابسة تقاسمها الاعلاميون مع اخوانهم العسكر. تلك البيئة الطاردة للباحثين عن الارصدة من الاعلاميين عاشها النقيب ورفاقه الذين علمهم ذلك المخلص كيف تجترح البطولات وكيف تموت الرجال واقفة بصمت الجبال لأجل الجنوب والجنوب فقط. محمد النقيب ترك قناة السعيدة التي ظل يتربع على عرشها لسنوات وأرتضى العيش في ركب المقاومة حيث لا وجود سوى للنار واللهب ,واصل ومعه شباب المركز الاعلامي الابطال رحلة الانتصار التي انتجت والى اللحظة أكثر من 30 فيلماً ومئات التقارير التلفزيونية التي كان وقعها على العدو اشد من ضربات راجمات الصواريخ ناهيك عن الاصدار الصحفي لصحيفة صوت المقاومة الجنوبية وموقعها الاخباري الذي يسجل حضوراً لافتاً بين وسائل الاعلام الجنوبية. نقيب المقاومة وناطق الشهداء لم يتراجع ولم يتزحزح رغم التهديدات المباشرة التي تلقاها من الحوثيين ,فهذا المعتوه محمد البخيتي اتى الى مكتب السعيدة في صنعاء باحثاً عن النقيب ومهددا اياه بقطع لسانه بعد ان شاهد تقريره عن دبابة الضالع الاسطورة على شاشة قناة صوت الجنوب. انه النقيب الفارس الذي لازال يصول ويجول في ميادين المقاومة ,تقاريره أحاديث الناس في كل الجنوب. هذا الفارس العملاق يبدو منسياً ولا زال رغم عطائه مركون في رصيف الخط السريع المؤدي بحملة المباخر القديمة والصحفيين المبتدئين الى مكاتب صناع القرار وأصحاب المناصب. النقيب الذي يرفض المساومة حتى على صعيد الجبهة الجنوبية الداخلية لازال صامداً في موقعه يدافع عن موقفه عن ضرورة اضفاء التنوع الاعلامي للمقاومة الجنوبية من كل الجنوب وخصوصاً المركز الاعلامي للمقاومة الجنوبية والذي يبدو انه طلب محال. بالأمس كنت في حضرة قيادات في المقاومة الجنوبية حين شاهدنا على شاشة قناة صوت الجنوب تقريراً عن المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في سناح بالضالع, ذلك التقرير الذي اعده وصدح به النقيب كان جبهة بحد ذاته ,الكل تأثر به حتى ان بعض الحاضرين ذرف الدموع تأثراُ بالمشهد الذي اضفاء اليه النقيب بصوته المفعم بالشجن لمسات تشد المشاهد وتستحوذ على كل مشاعره. الكل اثنا على التقرير وصاحبه لكن الكل صمت واجماً لأنهم يعلمون ان النقيب في الغرفة المقابلة يضع اللمسات الاخيرة على الفيلم الوثائقي عن حياة قائد التحرير وشهيد البناء جعفر محمد سعد والذي سيعرض في حفل تأبينه. صمت الكل لأنهم يعرفون ان النقيب لازال مركوناً في زاوية التجاهل لكن القرار ليس بأيديهم ولذلك صمتوا. في مقالي ثمة كلمة حق نابعة عن قناعة فقد ترددت كثيراً عن الكتابة عن هذا المعلم لكن الموقف الذي عشته مع تقرير مجزرة سناح أجبرني على الكتابة انصافاً للتاريخ رغم انني لم اعهد نفسي مادحاً او مجاملاً لاحد لكن الحق يقال ولو كان مراً