يسير ببطئ "محمد هارون" مدرس المدرسة الحكومية العتيق وسط مدينة الحوطةبلحج حاثا خطاه في طريقه إلى منزله بحارة "وحيدة" ويسابق لحظات ماقبل المساء في مدينة الحوطة حيث بات كل شيء يدعو للخوف والقلق والحيرة . لعقود طويلة ظلت حوطة لحج مثالا للمدن التي تعيش حالة من الهدوء والطمأنينة وارتبط اسمها بالفن والتراث الأصيل . في ليل حوطة لحج قبل سنوات من اليوم كانت تسمع أصوات الفن اللحجي عبر مخادرها تقع صمت الليل وتتهادى الأصوات هنا وهناك . لم يكن يمر يوم واحد دونما ان ترقص حوطة لحج وأناسها لكن وبعد سنوات من اليوم لم يعد هنالك مساحة من الفرح والمحبة في قلوب أهالي المدينة . خلال 3 سنوات مضت حصدت عمليات اغتيال واسعة النطاق حياة المئات من أهالي المدينة مابين عسكريين وأمنيين ومواطنين عاديين . قبيل الحرب كانت بعض المؤسسات الحكومية لاتزال تصارع لأجل البقاء في المدينة لكن مع سقوط مدن جنوبية بيد القوات الموالية للحوثيين سقطت حوطة لحج يومها في أتون الفوضى والخوف والذعر . وجاءت حرب 2015 لتنهي ماتبقى من أمل بالحياة في هذه المدينة ، تحول كل شيء إلى خراب كبير وكبير جدا . عانت حوطة لحج وضعها معيشيا صعبا خلال الحرب وغادرها الآلاف من ساكنيها إلى خارجها ولم يتبقى إلا المئات ومع انتهاء الحرب عاد الآلاف إليها لكن حوطة لحج لم تعد مثلما كانت . دمرت الحرب غالبية المؤسسات والمباني الحكومية ولم يتبق شيء . المدينة ذات الأثر الجميل تحولت إلى اثر بعد عين . اصدر الرئيس اليمني قرارا قضى بتعيين قيادي في الحراك الجنوبي هو د. ناصر الخبجي محافظ للمدينة لكن الرجل حتى اليوم لم يزر عاصمة المحافظة ولو مرة واحدة . ترك الرجل وإدارته يواجهون مصيرا صعبا للغاية خصوصا مع تعاظم حالة الانفلات الأمنية وتزايد أعمال الاغتيالات . في حوطة لحج بات الناس يحثون الخطى قبيل حلول المساء كل يوم صوب منازلهم بعد ان دأبوا لعقد يحيون السهرات الجميلة ويطل الناس على بعضهم . حتى اليوم وبعد 7 أشهر من انتهاء الحرب لاتزال حوطة لحج بلاحاكم ولا قانون ويتساءل أهلها إلى متى سيظل حالها هكذا .