حينما أتحدث عن سماح ؛ فكأني أتحدث عن جميع الأدباء الشباب من كتاب القصة أو الرواية أو السراد الجدد .. لم يعد في مقدورنا أن نغض البصر أو أن نتغافل عن ظاهرة كتاب القصة من الشباب، إنهم الآن يملئون الفضاء: قص وحكي وأحلام.. أحلام شباب. تكتب سماح بادبيان القصة القصيرة، وهي حريصة على انجاز معماريتها الجمالية .. إنها تعرف ما تخط من كلمة ، وما تنشئ من عبارة ، فتبدو لنا القصة وكأنها بنيان مرصوص دون إطالة أو حشو فيما يطلق عليه بالاقتصاد السردي (1). ومن خلال قراءة النص سوف نكتشف معاً صور ذلك الإبداع القصصي لكاتبة شابة تضع خطواتها الأولى على طريق الإبداع السردي ولكن بإقدام ثابتة .. قوية .. تستند إلى رؤية ثقافية جديدة وملهمة. وهي في القصة تستلهم نوع من القص يسمى الرواية التراسلية أو الرسائل الروائية Epistolary Novels ومن أشهر من بدأ في كتّابة الرسائل الروائية، الكاتب الروائي الإنجليزي، صامويل ريتشاردسون (Samuel Richardson) (19 أغسطس 1689 – 4 يوليو 1761) حيث كتب رواية باميلا Pamela مصوِّرًا فيها من خلال أدب الرسائل، ما يظهر في المجتمع الإنجليزي من فساد نتيجة الفوارق الكبيرة بين شرائح المجتمع وتعتبر رواية باميلا من أشهر الروايات في القرن الثامن عشر. (2) المتن الحكائي : قصة الرسالة (3) للأديبة الشابة سماح بادبيان ، تحاول أن تضيء جانباً مهماً من حياتنا وهي : موضوعة الانتماء ، وكيف أن المحمول القيمي للثقافة الشعبية بكل روافدها تحاول أن ترسخ فينا القيم الأخلاقية والمجتمعية التي تنمو مع الفرد منذ الصغر كالحب ، الإيثار ، الإخلاص وغيرها ..مما تتجه مباشرة إلى تعزيز الانتماء إلى الأرض والإنسان ، بالمقابل تبدو صورة ذلك الذي تتسم مشاعره بالجحود والأنانية والنرجسية المفرطة ؛ صورة بائسة ، ممقوتة ، منبوذة ومستهجنة. تحكي قصة الرسالة حكاية أم، ترسل رسالة إلى ابنها الذي فارقها منذ زمن طويل وانقطعت أخباره عنها ، تاركاً لها ابنه اليتيم من زوجته المتوفاة والذي قامت أمه بتربيته . تقول الأم : "ابني الحبيب لقد خطت السنون آثارها علي .. فانحنى ظهري، وضعفت صحتي، وغلف البياض رأسي". مرً زمن طويل بين سفر الابن الذي أصبح مديراً لإحدى الشركات وزمن قراءته لهذه الرسالة التي ذكرته بالوعود التي كان يقطعها على نفسه والأحلام التي كان يتنفسها تقول الأم: "لازالت كلماتك العذبة حية في قلبي تشع بالنور والضياء، فتبعث فيً الأمل، فأظل أترقب من نافذتي اليوم الذي تعود فيه وقد حققت أحلامك، لكنك تأخرت كثيرا فهل تراك نسيتنا؟". نعم انه النسيان بمعناه المطلق الذي يقطع الأواصر ويجتث كل ذكرى ويستبدلها بالجحود القاسي. لم يعد يتذكر ما قد وعد به أمه قبل أن يسافر في منحة دراسية:" أمي انتظريني، سأعود إليك رجلاً تفخرين به.. رجلاً يحمل مشعل النور، نور العلم، النور الذي سيضيئ بيئتنا، النور الذي سيبعث فينا حياة جديدة.. هذه مسؤوليتي يا أمي ومسؤولية كل شاب طموح، يجب أن نساهم في رسم معالم مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة بعدنا.. لا يجوز أن نبقى هامدين وغيرنا يتقدم ". إلا أن كل تلك الوعود ذهبت أدراج الرياح، لم يعد إلى بلاده والى أهله وقد ترك فيهم ابنه الصغير احمد الذي قامت أمه بتربيته فكانت له الأب والأم الرءوم." لقد غدا ابنك اليوم شابا مجتهدا وطموحا.. يحلم بان يبني الوطن، ويحمل شعلة العلم لينير المستقبل ". يحمل احمد الرسالة بنفسه إلى أبيه عادل في مكتبه حيث تحاول السكرتيرة إدخاله لمقابلة المدير قائلة:" هناك شاب عربي يريد مقابلتك فيقول لها:" اصرفيه.. لا ينقصني إلا هؤلاء المتسولون الذين يحصلون على منح من دولهم الفقيرة، ثم يأتون إلينا ليتمتعوا بما كسبناه بعملنا وجهدنا المتواصل". يترك احمد المكتب وتقوم السكرتيرة بتسليم الرسالة للمدير الذي انهمك بقراءتها بشغف وجنون وحينما وصل إلى نهايتها قالت له أمه في الرسالة:" لابد أنك قد عرفت أن حامل الرسالة هو احمد الصغير، لقد اجتهد كثيراً حتى حصل على هذه المنحة الدراسية ". "حينها فقط علت الدهشة وجه عادل الأب وسرعان ما نفض ذهوله وانتفض عن كرسيه راكضا إلى خارج المكتب، يسأل السكرتيرة التي أذهلتها المفاجأة: "هل ترك الشاب العربي عنوانه أو أي شيء يدل على مكانه، فناولته بطاقة صغيرة مكتوب عليها عنوان سكن داخلي لإحدى الجامعات ". مظاهر السرد: رأينا الى القصة في المتن الحكائي ، فما هي الكيفية الدلالية والجمالية في مبناها ؟ وكيف يقول المعنى فنياً عبر التقنيات السردية المختلفة ومنها مظاهر السرد: وفقاً وتحديدات تزفيتان تودوروف (1939 - ...) لمظاهر زاوية الرؤية السردية للراوي (4) فإنها تتميز في ثلاثة مظاهر: 1 - الراوي من الشخصية (الرؤية من الخلف) وهذه الصيغة التي يستعملها السرد الكلاسيكي في اغلب الأحيان، وفي هذا المظهر فان السارد يكون أكثر معرفة من الشخصية الروائية. 2 - السارد = الشخصية (الرؤية مع). هذا الشكل الثاني من مظاهر السرد، منتشر أيضا في الآداب الأجنبية في العصر الحديث. وفي هذه الحالة يعرف السارد بقدر ما تعرف الشخصية الروائية. 3 – السارد الشخصية (الرؤية من الخارج). في هذه الحالة الثالثة يعرف السارد اقل مما تعرف أي شخصية من الشخصيات الروائية. يمكن تصنيف قصة الرسالة للأديبة سماح بادبيان ووضعها تحت المظهر الأول للسرد (الرؤية من الخلف) حيث الراوي أكثر معرفة من الشخصية وهو ما اسماه بوريس توماشفسكي ((1957-1890. بالسرد الموضوعي يتولى فيه الراوي نقل مجموعة من المعارف حول الشخصية داخليا وخارجيا، يعجز المتلقي عن معرفتها دون السارد، كأن هذا الراوي أشبه بإله مختف، حيث يملك معرفة مطلقة، تشمل الداخل والخارج معا، ويستعمل ضمير الغياب. (5) وقد أطلق جيرار جينيت (1930 - ..) على هذا النمط : الحكاية غير المبأرة أو ذات التبئير الصفر وهذا يتوافق مع وجود الراوي العليم بكل شيء(6) وقد استعملت القاصة سماح ضمير الغائب بحيث يكون الراوي هو المتحكم منذ بداية القصة حتى نهايتها ، وهنا يتحدث السارد وكأنه على علم بالأحداث وردود الأفعال ويغلب على القصة السرد لا الوصف فيبدو النص وكأنه جمل من المتتاليات التي تحركها الأحداث المتسلسلة في نسق تتراكم فيه الأحداث تسلسلياً، كل حدث يستدعي الحدث الأخر ، وكل فعل يستدعي غيره إلى أن ( يفغر عادل فاه من هول الصدمة ، عندما يعلم من رسالة أمه ، أن من جاء حاملاً الرسالة هو ابنه ) أي حتى قرب خاتمة القصة.وهذا المظهر السردي أو السرد الموضوعي سمة غالبة للقصة أو الرواية الكلاسيكية والواقعية التي تلتزم تحولات مسارات الزمان والمكان على نحو خطي فيعلم الراوي كل صغيرة أو كبيرة عن مجريات الفعل القصصي. السرد المتداخل في قصة الرسالة: يشير معجم السرديات إلى أن مقولة زمن السرد، تتعلق بتحديد موقع الحكاية الزمني من الفعل السردي حتى دون الإشارة إلى تحديدات المكان.. ذلك انه بالإمكان أن تروى قصة دون تحديد المكان الذي تروى منه ومدى بعده عن المكان الذي تجري فيه الأحداث، ولكن يستحيل ألا يتحدد موقعها الزمني من الفعل السردي. وقد ميز السرديون من هذه الزاوية بين أربعة أنماط من السرد هي: 1)السرد السابق: هو السرد المتقدم على الحدث 2)السرد اللاحق: هو السرد المتأخر عن الحدث 3)السرد المتزامن: هو السرد الذي تتزامن فيه مجريات الأحداث 4) السرد المتداخل أو السرد المدرج، هو الذي يظهر في الرواية التراسلية حيث تكون الرسالة وسيطاً للقصة وعنصراً في الحبكة وقد عد جينيت السرد المتداخل، اشد أنماط السرد تعقيداً بسبب تعدد المقامات فيه (7) وبرغم هذا التعقيد الظاهر فقد أشارت سيزا قاسم إلى أن هناك بعض الخطوط العريضة التي يمكن تتبعها لاستكشاف الأبنية الزمنية في الرواية. فقد درج الروائيون الواقعيون على إتباع خط مستقيم في التسلسل الزمني الرئيس في الرواية نستطيع أن نسميه مستوى القص الأول يحرص فيه الروائي على استخدام ظرف الزمان أو الإشارات إلى تواريخ معينة. ولا شك أن الاسترجاع (العودة إلى الوراء) يغلب في النص على الاستباق (القفزة إلى الأمام) في الرواية الواقعية بينما تزداد أهمية الاستباق في الرواية الجديدة. وهو أي الاسترجاع يتم عندما يترك الراوي مستوى القص الأول ليعود إلى بعض الأحداث الماضية، ويرويها في لحظة لاحقة لحدوثها. (8) وبالذات الاسترجاع الخارجي الذي يعود إلى ما قبل الرواية حيث أشار جينيت إلى أن الاسترجاعات الخارجية تمتد حتى تنظم إلى منطلق الحكاية الأولى وتتعداه (9) وهذا ما نلاحظه في قصة الرسالة للأديبة سماح بادبيان حيث أن مستوى القص الأول اشتمل على التمهيد الكرونولوجي للأحداث بعرض كائنات وأشياء النص: المدير(الأب)، السكرتيرة، الابن وفي إطار مكان غير محدد يشير النص إلى انه في بلد أجنبي لم يذكر اسمه وهذا يفيد التعميم.. ينتظر الابن الدخول ومقابلة أبيه التي تتولى السكرتيرة بطلب الإذن له ألا أن هذا يقابل بالرفض أكثر من مرة ، يغادر الابن المكتب بعد أن يطلب من السكرتيرة تسليم أباه مظروفاً به رسالة ، فيقرأها الأب ليفاجأ أنها من أمه ... حتى هذه اللحظة نحن في إطار الزمن الحاضر الذي تميز به المستوى الأول للقص حيث يتركه الراوي ليعود إلى بعض الأحداث الماضية بحسب سيزا قاسم (10) ( عزيزي الدكتور عادل ، المهندس عادل ، الأستاذ عادل ... لا اعلم ماذا تكون قد أصبحت عندما تصلك رسالتي هذه) ، ( لقد غدا ابنك اليوم شابا) بين سفر الأب وقراءته للرسالة ، بون شاسع ، انه عمر يصل لأكثر من عشرين عاماً ، هكذا ندلف مع القاصة عنوة إلى زمن مضى وتولى ، إلا أنها تحدثنا بصيغة زمن حاضر هو زمن قراءة الرسالة وبلغة فيها من العاطفة الجياشة والحنان المفرط ولكن بجدية مضمرة بحيث تتمظهر خطاباً سردياً يحفل بالثنائيات الضدية ، كالتذكر / النسيان ، الحب / الكراهية ، الوفاء/ الجحود ، الإيثار/ الأنانية ، الانتماء/ اللانتماء وغير ذلك مما يحفل به النص . كان أول سؤال تبادر به الأم في رسالتها إلى ابنها (هل تراك نسيتنا؟)، انه النسيان تحت تأثير المغريات التي يوفرها المجتمع الأجنبي، لقد ذهب لكي يدرس ويعود إلى أرضه ويعيش بين أهله، لكنها الغربة التي تحيط بالفرد فتستلب روحه، وتحيله فرداً آخر غير الذي كان، أي أنها تقوم بتبديل كامل للقيم التي كان يؤمن بها ، ويستعيض عنها بقيم وثقافة جديدة استهلاكية، توقعه في شباك الاغتراب والاستلاب والالينة Alienotion ، التي تفرغ منه الروح وتجعل منه الرجل الأجوف المحشو بالقش بحسب تعبيرت. س اليوت في قصيدته الرجال الجوف (11). انه لا يذكر شيئا مما قاله أو وعد به ، بل انه لم يعد يتذكر انه قد خلَف ولداً تركه تحت رعاية أمه ، مستبدلا الحب بالكراهية المغلفة بالنسيان لكل ما يمت بصلة للماضي القريب أو للبلاد التي جاء منها ولكل ما فيها ، انه النسيان المطلق الأقرب إلى الجحود والتنكر وخلق شخصية موازية لكل ما كان يمثله من خير وحب وإيثار مستبدلاً إياها بشخصية غريبة ، مستهجنة ، مرفوضة ، أنانية في تصرفاتها مما جعلها تخلع عنها ثوب الانتماء إلى الأرض والأم والابن والأحلام الوردية التي كان ينوي تحقيقها في وطنه ومن اجل شعبه مرتمياً في وهاد اللانتماء منغمساً في حياة المغريات التي جعلته ينسى ما جاء من اجله وهو في تشيئه منسلخا عن كل تاريخه ، عن كل متعلقاته الحضارية والروحية .. لم يعد عادل ذلك الشاب الذي كان قبل سفره للمنحة الدراسية وهو يعد أمه (سأعود إليك رجلا تفخرين به.. رجلا يحمل مشعل النور، نور العلم، النور الذي سيضيئ مدينتنا.. النور الذي سيبعث فينا حياة جديدة) انه الآن رجلا آخر، شخصا جديداً غريباً عن أمه أو ابنه وهو يسمترئ ما يحيا.. إلا حينما يصل في قراءته للرسالة التي بعثت بها أمه إليه إلى نهايتها فنسمعها تقول (لابد أنك عرفت أن حامل الرسالة هو " احمد الصغير") احمد ابنه الذي رفض أن يستقبله فترك له الرسالة وغادر، هنا تنقلنا الرسالة إلى الزمن الحاضر بعد إن كانت استرجاعا للزمن الماضي ووعود عادل التي تبخرت مع أول خطوة يخطوها في بلاد الغربة.. (فغر فاه عادل من هول الصدمة.. وهو يسأل السكرتيرة: هل ترك الشاب العربي عنوانه.. فناولته بطاقة صغيرة، مكتوب عليها عنوان سكن داخلي لإحدى الجامعات.. اختطفها من يدها، واندفع راكضا إلى الشارع، وهو يقول: الغي جميع مواعيدي اليوم، بما فيها سهرة الليلة، فانا مشغول بما هو أكثر أهمية من كل ذلك!! ثم ركب سيارته وانطلق). حركت الرسالة في عادل مشاعر الأبوة وجعلته ينحاز إلى ما يمثله ابنه احمد من رمز أو من معادل وكأنه المعادل الموضوعي والمكثف لكل ما كان يعد به عادل، لكل تلك المشاعر الحقيقية التي كان يعبر عنها وتركها متواطئا مع رغباته، مندفعاً بوحشية في قطع صلاته مع جذوره التي يعود إليها الآن، ويحاول أن يعيد إليها نظارتها بعد كل تلك السنين من الصد والبين. الشخصية النامية: (الشخصية المدورة أو المكثفة): تعتبر الشخصية من مقومات بناء القصة مثلها مثل الحدث، الزمان والمكان، السرد والوصف، والحوار .. الخ. وهي تمثل العمود الفقري للقصة بحسب طه وادي الذي قسم الشخصية إلى نوعين: 1 – شخصية نامية (Round) تنمو مع الأحداث، وتقدم على مراحل أثناء تطور القصة أو الرواية. وهي في حالة صراع مستمر مع الآخرين أو في حالة صراع نفسي مع الذات. 2 – شخصية مسطحة (Flat) لا تكاد طبيعتها تتغير من بداية القصة حتى نهايتها، إنما تثبت على طبيعة واحدة تكاد لا تفارقها. (12) وفي هذا السياق يشير عبدالملك مرتاض إلى أن أول من ابتكر هذا المصطلح (الشخصية المدورة أو النامية أو المكثفة والشخصية المسطحة هو الروائي والناقد الانجليزي (E.M.Foster) في كتابه (Aspects of the Novel) ويطلق على الشخصية النامية أيضا الشخصية الايجابية ، وهي التي تكون واسطة أو محور اهتمام ، لجملة من الشخصيات الأخرى ، فتكون ذات قدرة على التأثير ، كما تكون ذات قابلية للتأثر أيضا . على حين ، الشخصية المسطحة أو السلبية لا يكون في مقدورها أن تؤثر ، كما لا تستطيع أن تتأثر (13) ومن قراءة قصة الرسالة للأديبة الشابة سماح بادبيان نجد أن القاصة قد وفقت في رسم شخصية عادل وجعله الشخصية النامية أو المدورة مقابل الشخصيات الأخرى ، التي تمظهرت كوحدات دلالية داخل السياق ( الأم ، الطالب أو احمد ، السكرتيرة ) وهي شخصيات ثابتة كانت تتحرك في إطار المحمول النصي لإبراز مدى التحول في الوعي والإرادة واتخاذ القرار من قبل الشخصية الرئيسة (عادل) ، في الخروج من المكتب والبحث عن ابنه احمد الذي يحمل دلالة تحيل إلى المستقبل الجديد . ويمكن اعتبار الأم شخصية نامية من حيث قدرتها على التأثير في ابنها حال قراءته للرسالة. كما أن القاصة تعاملت في المستوى الأول للقص مع الشخصيات كمورفيم وظيفي (المدير – السكرتيرة – الطالب) وبعد قراءة رسالة الأم، عرفنا أن المدير قد أسمته القاصة باسم عادل أما ابنه الطالب فأسمته احمد. وينبغي أن نعرف أن تسمية الشخصيات في النص القصصي لا يكون جزافا، انه ينطلق كما قال فيليب هامون "من الواقع الذي يحدثه المظهر الصوتي للدال، وهذا المظهر يساهم بشكل كبير في تحديد السمة الدلالية للشخصية" (14) وفي هذا السياق يقول موريس توماشفسكي " أن تعطي شخصية اسم خاص إنما يشكل هذا: العنصر الأبسط من التمييز"(15) ومن هنا فان تسمية القاصة للمدير باسم عادل ، وهو الذي تنكر لوعوده وتخلى عن أمه وابنه ووطنه لم يكن موفقاً. تعتبر قصة الرسالة للأديبة سماح بادبيان غنية بالعديد من الجوانب الفنية التي تتطلب قراءة معمقة حتى يمكن لنا إحاطتها وإظهار جماليتها على نحو كلي. لكني ارتأيت أن أتناولها مكتفيا ببعض المؤشرات التي تشير إلى بعض ما تزخر به القصة من غنى الفن والدلالة. الهوامش 1) لطيف الزيتوني، معجم مصطلحات نقد الرواية، عربي – انجليزي – فرنسي - الطبعة الأولى 2002 - مكتبة لبنان ناشرون، دار النهار للنشر. بيروت. لبنان ص: 26 2) ثريا عبد الوهاب العباسي، تمظهر الرسائل في المنجز الروائي الانجليزي والفرنسي في القرن الثامن عشر – دراسة مقارنة – مجلة العلوم الإنسانية، جامعة قسنطينة، العدد 40 ديسمبر 2013 ص :7 -26 3) سماح بادبيان ، الرسالة ، قصة قصيرة ، صحيفة عدن الغد – 7 نوفمبر 2015 العدد 859 4) تزفيتان تودوروف ، طرائق تحليل السرد الأدبي - دراسات ، منشورات اتحاد كتاب المغرب ، سلسلة ملفات 1992/ 1 - الطبعة الأولى 1992 -الرباط ، المغرب ص: 58 5) بوريس توماشفسكي ، نظرية المنهج الشكلي - ترجمة إبراهيم الخطيب ، مؤسسة الأبحاث العربية – الطبعة الأولى 1982 – بيروت ، لبنان ص:189 6) جيرار جينيت ، خطاب الحكاية ، بحث في المنهج – ترجمة محمد معتصم ، عبدالجليل الاسدي وعمر حلى – الطبعة الثانية 1997 - المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة ، مصر ص: 202 7) محمد القاضي وآخرون، معجم السرديات - الطبعة الأولى 2010 - دار محمد علي للنشر تونس ص: 234 8) سيزا قاسم، بناء الرواية، دراسة مقارنة في ثلاثية نجيب محفوظ – الطبعة الأولى، 1985 – دار التنوير للطباعة والنشر ص: 54 9) جيرار جينيت ، المصدر السابق ص : 70 10)سيزا قاسم، المصدر السابق ص: 53 11) يوسف سامي اليوسف، ت. س. إليوت . الطبعة الاولى 1986 – دار منارات للنشر – عمان، الاردن ص: 127 12) طه وادي، دراسات في نقد الرواية، الطبعة الثالثة 1994، دار المعارف – القاهرة – جمهورية مصر العربية ص: 27 13) عبد الملك مرتاض، في نظرية الرواية، بحث في تقنيات السرد، سلسلة عالم المعرفة – العدد 240 – المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب – الكويت ص 99 – 100 14) فليب هامون، سيمولوجية الشخصيات الروائية، ترجمة سعيد كراد 1990، دار الكلام – الرباط – المغرب ص: 10 15) بوريس توماشفسكي ، المصدر السابق ص : 205