إن وتيرة الأحداث المتلاحقة في الشرق الأوسط تتسارع بشكل لافت بعد إنطلاق الفوضى الخلاقة " التغيير من الداخل " التي بشرتنا بها وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كوندوليزا رايس ،والتي ستعيد تشكيل الشرق الأوسط ليصبح حسب وصفها " الشرق الأوسط الجديد " .مما يؤكد بإن ثورات الربيع العربي كانت مجرد مؤامرة لإنجاح هذا المشروع ، على نخب دماء الشعوب العربية المقهورة ، اي انها هي " الفوضى الخلاقة " التي جرنا اليها الغباء العربي والمخطط الغربي . لان كل ما يجري الآن في الشرق الأوسط يسير باتجاه رسم خرائط جديدة وإعادة توزيع ديمغرافي لا تخطئة عين ،وخاصة في سورياواليمن وليبيا ،وكذلك لبنانوالعراق .لهذا لا نستبعد أن تكون روسياوإيران والسعودية مجرد أوراق لعب في اللعبة الامريكية الكبرى لإقامة مشروع الشرق الأوسط الجديد ،الذي يهدف إلى حل الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية من خلال إقامة دولة صغيرة للفلسطينيين ،والاعتراف الكامل بدولة إسرائيل وتطبيع كامل العلاقات معها وضمان الحماية لحدودها المستقبلية ، ومكافحة الإرهاب وتجفيف منابعة. فالروس يتدخلون في سوريا بضوء امريكي ومباركه اسرائيلية وتنسيق مسبق بين روسيا وإسرائيل لأن أمن إسرائيل أولوية روسية قبل أن يكون أولوية أمريكية. وكذلك يمكننا القول إن خارطة الصراعات الجديدة في المنطقة بين إيران والسعودية مثلا هي جزء لا يتجزأ من هذا المشروع الإستعماري الجديد الذي يتخفى وراء شعار ما يسمى "الحرب على الإرهاب" وتحرير دول الربيع العربي الذي تم تغيير وجهته .بما في ذلك الإحتكاك التركي الروسي ،بالإضافة إلى الاجراءات الاخيرة التي اتخذتها الرياض ضد لبنان والمتمثلة في إيقاف الدعم السعودي عن لبنان وتصنيف حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية ،والتي في ما يبدو إنها مقدمات أوليه لإثارة الراي العام اللبناني ضد الحزب ليتسنى لهم بعد ذلك سحقه ،وفقا للسياسية الداخلية والخارجية التي تتبعها الرياض منذ الانتفاضات العربية وأحداث ما يسمى بالربيع العربي التي اندلعت عام 2011 ،مثلما قادت السعودية والامارات حملة سحق جماعة الأخوان المسلمين في مصر واليمن بسبب تطورات الربيع العربي الذي أوصل جماعة الأخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر ،وفسح المجال لأخوان اليمن بالمشاركة الواسعة في السلطة والقرار السياسي في اليمن ،مما جعل السعودية أكثر تشددا تجاه الحركات الإسلامية .حيث ترغب السعودية في ضمان الإستقرار وسحق الحركات المناهضة في منطقة الشرق الاوسط خاصه تلك التي ترى انها تشكل خطرا على إستقرارها ،تحت المظلة الامريكية لتحقيق الهدف نفسه . فقد باتت سوريا ضحية لعبة امم خطره تنفذ بأيد واموال واسلحة عربية وتحت مظلة روسية امريكية ،وهذا هو المآل نفسه الذي ينتظر لبنان ،إن لم يكن الاسوأ وهو أختفاء لبنان من خارطة دول الشرق الأوسط الجديد . فالأدوار المتبادلة التي تلعبها إيران والسعودية ، وكذلك الدور الذي تلعبه روسيا ، في ما يجري في المنطقة وخصوصا في اليمنوسوريا ،تبعث الشك والريبة خصوصا الدور الروسي المؤثر على قرارات مجلس الأمن .وفي إعتقادي إن كل هذه التطورات المتسارعة ،والتصعيد الاعلامي المفاجئ من قبل الرياض ضد حزب الله اللبناني ،تهدف على ما يبدو ،إلى اختفاء لبنان من خارطة دول الشرق الأوسط الجديد ،وتقسيم سورية ،بعد العراق ،على اسس عرقية وطائفية ،مما يعني التفتيت وتغيير خريطة المنطقة بما يخدم إسرائيل ،من حيث جعلها القوة الوحيدة المتفوقة ،في وسط عربي وإسلامي ضعيف ،ومفكك، وغارق في حروب اهلية طائفية. مما لا يدع مجالا للشك إن المستفيد الوحيد من هذا الوضع الأعرج الذي أفرزته ثورات الربيع العربي هو إسرائيل ..
فالواقع الذي تكشف في مصر واليمنوسوريا وليبيا ،وكذلك التصعيد الاعلامي والسياسي السعودي الأخير ضد حزب الله اللبناني لم يكن وليد اللحظة بقدر ما هو مرتبط بمشروع الشرق الأوسط الجديد "التغيير من الداخل" الذي ترعاه أمريكا وتسعى إلى تنفيذه بأموال خليجية ، تحت شعار محاربة الإرهاب، مستخدمة في ذلك وسائل عدة مثل ثورات الربيع العربي التي تم تغيير وجهتها ،وكذلك دعم وتشجيع الصراع القديم الجديد بين السنة والشيعه ، وأخيرا دفع روسيا للتدخل في سوريا ،بالإضافة إلى إعطاء السعودية الضوء الاخضر لإيقاف الدعم عن لبنان ،وإصدار قرار خليجي وعربي بتصنيف حزب الله اللبناني " جماعة إرهابية " ،من أجل إثارة الرأي العام اللبناني ضد حزب الله لكي يتمكنوا بعد ذلك من سحقه وإكمال المخطط المرسوم في ما يخص الشأن اللبناني ،والذي يندرج ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد . لان إيقاف الدعم السعودي عن لبنان وتصنيف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية يأتي والشرق الأوسط يمر بمرحلة حرجة وعصيبة يشهد فيها أكبر وأخطر عملية إعادة هيكلة للنظم السياسيه القائمه وفقا لهذا المشروع سيىئ الصيت ،والذي سيترتب عليه تكوين توازنات جديده في المنطقه ودعم وتأهيل أنظمه جديدة تحكم دول الشرق الاوسط الجديد . فالأسباب الحقيقية وراء كل هذا التصعيد الاعلامي والسياسي السعودي تجاه لبنان ،في هذا الوقت بالذات تتعدى الرد على أستفزازات حزب الله المتكررة ضد السعودية، وإنما السبب في ما يبدو وراء كل هذه التطورات المتسارعة في المنطقة هو اختفاء لبنان من خارطة دول الشرق الأوسط الجديد ،وقيام دولة فيدرالية جديدة تضم الفلسطينيين واللبنانيين معا وعاصمتها بيروت ، تندرج ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد .بعد أن يتم سحق حزب الله اللبناني وحركة حماس من قبل ما يسمى بالتحالف العربي الإسلامي والدولي ضد الإرهاب .والايام المقبلة حبلى بالمفاجئات .فقد تغيرت قواعد اللعب في المنطقة والمفاجئات أكبر من التوقعات ،خصوصا بعد صدور قرار الجامعة العربية بتصنيف حزب الله اللبناني منظمة إرهابية ...