فكيف وبماذا تحقق الثورة التحررية الجنوبية هدفها الاستراتيجي ؟؟ الاستراتيجية وهدفها النهائي : بين الاستراتيجية والتكتيك يبقى الهدف النهائي أولا و أخيرا هو غايتهما المطلوبة التحقق ولذلك : 1- ان كل استراتيجية تحتاج الى تحديد هدفها النهائي الغائي بوضوح تام وبالنسبة لثورة شعب الجنوب التحررية فبرغم ما ساد المرحلة الأولى منها من تردد مبنية على حسابات محكومة بظروف المرحلة واندفاع المد الشعبي الغاضب بعفوية فقد حسم التردد باعلان ميلاد المجلس الوطني والهدف الاستراتيجي المرتبط بتسميته اي هدف التحرير واستعادة الدولة الجنوبية المستقلة نهاية أكتوبر 2008م لكن ذلك لم يتم بناء على روية استراتيجية متكاملة يومئذ وعندما حسمت معظم المكونات هذا الخيار كهدف لها كمجاراة أو عن قناعة فان الكل افتقر الى التفكير الاستراتيجي المؤطر بوعي عوامل وشروط بلوغ الهدف النهائي إذ ليس صعبا ان تحددما تريد لكن الصعوبة ان توفر عوامل وأسباب بلوغ ارادتك الفردية كانت أو الجماعية لكن الجرء الغالب في ثورتنا كرس حضور العاطفة واللاعقل ليحلا محل العقل فكان شعار (( نريد تحرير لا للتنظير )) فحدث مايشبه تماماً من يزرع شجرة مثمرة في مكان مظلم وينتظر منها ان تنمو وتزهر ليجني منها ثمرا بحرمانه من عملية التمثيل الضوئي لا عن جهل وإنما عن تعاطي بهاني ترسخ في ذهنه عن إمكان ذلك قصدنا من هذه المماثلة العلاقة الجدلية بين الأشياء كعلاقة الضوء بالشجر وعلاقة الفكر النظري للثورة ببلوغ أهدافها وحتى لانتوه نعود لنقول : إذا كانت الاستراتيجية تحتاج الى هدف نهائي واضح فان الهدف الاستراتيجي للثورة يحتاج الى تنظيم ثوري وحاضن شعبي واعي وقيادة مؤمنة بالهدف كفؤه مخلصة زد الى تحديد دينامي للأساليب وأشكال النضال تواكب الأحداث والتطورات وتحافظ في تكتيكاتها على النجاحات المحققة بنجاحات جديدة تقرب اجل بلوغ الهدف واستراتيجية وهدف بدون ذلك لن يكون أكثر من أحلام يقظة وهدف ثوري نهائي أو غير ثوري يحتاج ايضا الى سياسات والسياسات تحتاج الى تخطيط ثوري وتحويل الخطط الى حقائق على الأرض مالم فانها جميعا سوف تتحول الى مجرد أحلام وردية على الورق أما التكتيك فيعني القدرة على الحركة والمناورة الهادفة في إطار الاهداف المرحلية التي تخدم الهدف الاستراتيجي وليس على حسابه زد الى ما يرتبط بكل ذلك من مطالب الانضباط الثوري الواعي وتقييم الأداء بتحرر من عوامل التضخيم للنجاحات المنتمية الى داء الرضا عن الذات ، والتفكير المنهجي باستعراض وتحليل التطورات داخل وخارج الثورة بما لها وعليها ووضع الاحتمالات والبدائل والعودة إليها مع كل تطور جديدة لتقدير صوابيتها من عدمها بنا ذلك العنصر المركزي ضمن عناصر أخرى لفهم تطورات الصراع الذي يتيح النجاح في اقتناص الفرص التي قد تتاح على غير توقع ={ وهذا ما فشلت فيه ثورتنا فأفلتت منها فرصا تاريخية كثيرة. وقد يقال ان جل المكونات لها برامج سياسية مرحلية وهذا صحيح لكنها بقيت نصوصا على ورق ليس إلا } وفيما يلي رسم بياني يختزل هذه الفقرة كمقاربة قد تفيد المهتم [ الاستراتيجية ] | | [ الهدف النهائي ] | | [ تحرير واستقلال الجنوب ] _____________________________. ___________________________________ | | | | | | [تنظيم ثوري ] [ سياسات ] [تخطيط ثوري ]. [تنفيذ الخطط] [التكتيك الثوري] [عناصراخرى] [وأساليب ووسائل ]. [ على الأرض ]
اننا ايها الأخوة بنظرة سريعة نستطيع اكتشاف المساحة الفارغة من الشروط المطلوب توافرها لثورتنا الأمر الذي أوصلها الى ان تفقد أبرز عناصر القوة التي كانت تمتلكها قبل عامز2015 م لعل ابرزها : 1- الحاضن الشعبي الكبير إذ من تداعيات الحرب القائمة سواء عن تخطيط سياسي مسبق أم بدونه الى تفكيك الحاضن الشعبي للثورة على أساس جغرافي استتبعه - بالضرورة - تفكيك للسكان فاخراج حضرموت والمهرة من الصراع وما نعلمه عن الأولى وضع حاجزا بين شرق الجنوب وغربه زد الى تفكيك موازي داخل كل محافظة 2- سحب طاقة الثورة الرئيسية المتمثلة بالشباب باستغلال ظروفهم المعيشية الصعبة كجيش من العاطلين بين البحث عن رقم عسكري في الجيش أو الأمن من جهة وفي صفوف المقاومة من جهة ثانية 3- الصدع الأكبر الذي أفضت اليه تداعيات الحرب في نسيج اللحمة الوطنية الجنوبية الثائرة بتجنحاتها بين الولاء للتحالف واداته ( الوجه الآخر للاحتلال ) بعض مكونات الثورة وجل فصائل المقاومة ضمن سيناريو يقوم على تجاهل وتغيب الثورة من ناحية والعمل على سلب المقاومة معنوياتها لتتم عملية احتوائها لافراغها من المضمون السياسي التحرري الذي وجدت به ومن اجله وغيرها كثير ولما سلف نقول بان بناء سياسة ثورية مستوعبة لما يحيط بثورتنا من مخاطر وما تقتضيه سياسة مواكبة لإدارة الصراع وفق التطورات والمعطيات الماثلة لابد - من وجهة نظرنا - من استكشاف سريع وأولي للأسئلة التي فرضتها اللحظة الراهنة وعلاقتها بالطوق المضروب حول قضية شعبنا وثورته وتطلعاته
أولا : ما ماهية الصراع القائم وعلاقته بقضيتنا ؟؟ باختصار ليس ثمة ما يدحض حقيقة ان الخلفيات والأبعاد التي حركت التحالف العربي لخوض حربه هذه هي دوافع وأبعاد محكومة بالصراع الإقليمي بين التحالف العربي وإيران أي انه صراع مصالح ونفوذ إقليمي أولا وأخيرا وبين المتصارعين الإقليميين الرئيسيين تقع أدواتهما المحلية جميعنا ندرك ان أدوات الصراع الإقليمي هي ذاتها منظومة سلطة احتلال الجنوب التي أفضى تأكلها وانهيار سلطاتها الى صراع على السلطة والثروة فانقسمت قوى الاحتلال وفق نتائج الصراع في صنعاء الى طرف منتصر وطرف مهزوم الأول : التحالف الحوفاشي أداة ايران ويمتاز بتحالف استراتيجي مع جماعة الحوثي الثاني : الطرف المهزوم ويمثل راس سلطة الاحتلال والأحزاب والقوى المعروفة بدورها في احتلال دولة الجنوب ونهبها وتدمير مقوماتها وسلب ثرواتها وتعذيب شعبها ولازالت تلتقي مع خصمها في صنعاء سياسيا وعسكريا ضد شعب الجنوب وحقه في الحرية والاستقلال وتشكل مع راس سلطة الاحتلال بمساندة التحالف الصريحة خطر الارضة النشطة في البيت الجنوبي غير المتماسك مهما تذرعنا بالتكتيك السياسي أو غيره من الأعذار فان البيت المخلوع الأبواب لايمنع اللصوص من سرقته ولا حتى من قتل صاحبه وأهداف التحالف غدت واضحة تماماً واهمها : قطع ذراع النفوذ الإيراني قطع دابر الخطر السياسي والأمني الذي نشا على حدود السعودية الجنوبية زد الى حماية مصالحها الاقتصادية ولاسيما تأمين الملاحة في مضيق باب المندب الاستراتيجي وهو صراع يرتبط عضويا - لا ريب - بالصراع الدولي والإقليمي على المنطقة وفيها عموما وبدخول العنصر الطائفي مكونا من عناصر الصراع على المصالح والنفوذ الذي غدا عامل قلق ظاهر في كل دول الخليج بوجه خاص وكل ما في الأمر ان التحالف وجد من يشرعن تدخله العسكري المعد سلفا ووجد في الجنوب حليفا أمل فيه عامل مساعد قوي لخلاصه !! لقد عرفنا أطراف الصراع الإقليمي وأدواته الداخلية وأهدافه فلم نجد مكانا لقضية شعبنا وثورته التحررية مكانا في خلفيات الصراع وأهدافه بل في كل ساحته وأجندة أطرافه وأدواته وما يؤكد ذلك تأكيدا صريحا هو ان التحالف وأداته الشرعية المزعومة يتمسكان بحل للصراع يقوم على ثلاثة مرتكزات هي : 1- المبادرة الخليجية 2- مخرجات حوار الاحتلال. 3- القرار الأممي (2216) لا مكان فيها للجنوب : أرضا وإنسانا قضية وثورة تطلعات وتضحيات ومن المفارقات الجزئية أننا إزاء حرب غير موطرة ببعد سياسي استراتيجي مستقبلي فرض الطرف الآخر ( الخصم ) بما حققه من سبق سياسي وعسكري على الأرض الإعداد لها على عجل وبالرهان على ما قدر دونما تحقق من قوة الحليف الأداة العسكرية القبلية ... الخ فهيمنت على المخطط المحركات والدوافع الداخلية للحرب في البداية ولما كان الرهان غير دقيق واجهت الخطة القبلية تعقيدات غير محسوبة فافتقرت الخطة الى أبعاد الحرب كروية سياسية مستقبلية ونحن هنا نفسرالوقائع ونستقرئها فقط وكل ذلك بتقديرها هو ما جعلنا نعيش حرب محكومة بالمفارقات حرب بكل مأساويتها تأخذ صورة الملهاة إذ ، ا - ان المبادرة الخليجية وما ترتب عنها من أخطاء سياسية قاتلة انسحبت على ما وصف بالحوار ومخرجاته كل ذلك أفضى الى تفاقم الصراع وأوصله الى مستوى تهديد امن ومصالح المنطقة كلها أي ان المبادرة الخليجية كانت مع ما ارتبط بها سببا لانها استهدفت اغتيال ثورة التغيير كأساس لها مع تجاهل مطلق لثورة شعب الجنوب التحررية وقضيته وإعادة إنتاج نظام الأزمة السياسي دونما تقدير لقوة العوامل الموضوعية المنتجة للصراع ب- منحت عفاش كل أسباب البقاء والقوة العسكرية والسياسية والمالية التي يحارب بها منذ عام كامل مع حليفه الحوثي بل ومنحته وأركان حكمه الحصانة من المحاسبة على جرائمه المختلفة خ - اذا كانت الحرب القائمة نتيجة من نتائج المبادرة الخليجية وما ارتبط بها فكيف يستقيم القول بل وكيف يقبل العقل بلا معقولية ان يتم معالجة النتائج بالاسباب المنتجة لها ؟؟! أنها معالجة تهدم كل جسور المنطق والعقلانية وتذكر بقول الشاعر العباسي أبي نواس (( وداوني بالتي كانت هي الداء )) د- ولو افترضنا قبول تحالف الحوثي - عفاش بالمرتكزات الثلاثة بالهزيمة أو عبر التسوية السياسية التي تلوح بوادرها الان ا ليست المبادرة الخليجية في مصلحة علي عفاش ؟؟! فكيف سيحل هذا التناقض ؟؟ هل سيتم انتقاء نصوص معينة منها ؟؟ هل ستسحب عنه الحصانة من المحاسبة دون اركان حكمه أم الجميع ؟؟ كيف سيتم حل هذه التناقضات ؟ ثم ما سمي بمخرجات الحوار كلها في الجنوب غير مقبولة حتى من قبل حاملي مشروع الفيدرالية الثنائي المزمن وجل تلك المخرجات ان لم تكن كلها مرفوضة في الشمال ولاسيما المربع الزيدي هل سيتم فرضها بالقوة ؟؟! ومتى كانت القوة قادرة على صنع سلام الشعوب واستقرارها ؟؟ ه - ان ضيق افق المبادرة الخليجية السياسي واستعلاءها ولاموضوعيتها قد قادت الى ما يحدث اليوم والإصرار المتعارض مع منطق السياسة والملتقي مع نفسية المكابرة القبلية بفرض ما فاقم الصراع ووسع نطاقه الى حرب إقليمية سوف يكون لذلك نتائج اشد كارثية عن هذه التي لم تتضح معالم نهايتها بعد على امن وسلامة الإقليم والعالم إذ بعد كل هذا الذي حدث لابد من الأخذ بحقائق الصراع واحترام إرادة الشعبين ولاسيما إحقاق الحق الوطني الجنوبي بما هو جذر واس الأزمة فمن البلاهة والذهان السياسي الإصرار على إعادة إنتاج الفشل بالقوة كاساس لحل صراع تصادمت فيه إرادات وهويات ومصالح ومطامع وفي القلب منها صراع شعب الجنوب وكفاحه في سبيل الدفاع عن هويته ووجوده واستعادة حقه في الحرية والاستقلال والسيادة على تراب دولته المحتلة ان ذلكم التعاطي السياسي المفارق الذي يحارب النتائج دون ربطها بمسبباتها الذاتية والموضوعية هو احد تجليات اشكالية الفكر العربي بعموم تفكير محكوم بلاهوت الخوارق والمعجزات روية لاتربط الوقائع بمحركاتها ودوافعها الإنسانية أي بأسبابها وبالتالي فان محاربة النتيجة بانفصال عن السبب يجعل من النتيجة سببا يفاقم المشكلة بنتائج جديدة تغذي السبب الأول بعوامل قوة متجددة ، وليس من المغالاة والتعصب القول بان المبادرة الخليجية عام 2011 م كانت في مضمونها شكل ناعم من أشكال الثورة المضادة لثورات التغيير العربية ولولا أنها كذلك ووجدت استجابة بل قابلية من أحزاب المعارضة في صنعاء لما تجاهلت المبادرة تعقيدات الصراع وأسباب تفجر ثورة تحررية في الجنوب وثورة تغيير في عاصمة الاحتلال صنعاء ونختتم هذه الفقرة السؤال بدليل واضح عن تغييب استعلائي قسري لقضيتنا الوطنية ولثورة شعبنا التحررية وذلك بتجاهل مطلق للجنوب : الثورة والمقاومة في محادثتي جنيف الفاشلتين لكنهما تبنتا الاعتراف بالحوثي وعفاش كطرفين رئيسيين في الصراع بموازاة طرف ما يسمى ب الشرعية وبرغم ذلك فان لنا كجنوبيين كثورة ومقاومة دور أساسي في تمرير هذا التجاهل المرتقي الى مصاف الإلغاء السافر ثانيا : لقد أفرزت المرحلة سؤالا آخر هو سؤال تحدي أمام ثورتنا ومفاده : هل تحرر الجنوب من الاحتلال الهمجي الاقتلاعي اليمني ؟؟!! وهذا ما سنتناوله في الحلقة (3) من هذه المداخلة. * كتب /محمد علي شايف رئيس المجلس الوطني الأعلى و رئيس الجبهة الوطنية لتحرير وإستقلال الجنوب