لن تستقر الاوضاع في البلاد ، الا اذا حسمت (قضية الجنوب) ، وتقرير مصير شعبه ، واذا ظلت هذه القضية العادلة دون حلول ، ويستمر بعثرة اوراقها بين اطراف عديدة لاعبة في المنطقة ،فأن حال هذه المنطقة ، لن يكون على ما يرام وسيظل في وضع مضطرب وغير امن الا ان الجنوبيين هم لوحدهم الذين يستطيعون ان يرتقوا بقضيتهم الى المكان الذي يليق بها و ينبغي ان يصل اليه صوتها .. وهو مجلس الامن والمجتمع الدولي ، لكن هذه المرة ينبغي ان يكون هذا الارتقاء بدعم سعودي –خليجي ، واضح ومفهوم ، على خلاف ما كان عليه الموقف اثناء حرب 1994م وعند اعلان انفصال ( الجنوب عن الشمال) الذي لم يحظى حينها بأعتراف سعودي –خليجي علنا عدا اعتراف جمهورية الصومال الوطنية ، التي كانت سباّقة وشجاعة رغم حداثتها ومحدودية تأثيرها وقلة عدد سكانها ، فلم يعد هناك بعد الان ونحن في الالفية الثالثة سعة مقبولة ل (الحياء السياسي) في مثل هذه القضايا المصيرية للشعوب. بالأمس القريب وقّع كل من الرئيس البيض والسيد عبدالرحمن الجفري ، على وثيقة سمياها.. ((وثيقة توحد التوجه والجهود للقضية الجنوبية)) أكد فيها تمسكهما بأهداف الثورة التحررية الجنوبية وبناء دولة الجنوب العربي الفيدرالية في حدود ما قبل 1990 وهذه خطوة سياسية مهمة للغاية ، في تحريك (القضية الجنوبية) والمياه الراكدة فيها ، خاصة ونحن على اعتاب (حوار السلام) بين الاطراف المتحاربة في اليمن ، الذي سينعقد في الكويت في 18/4/2016م الاّ ان التوقيع على هذه الوثيقة الهامة ، في مثل هذه الظروف الحاسمة ، كانت امرا مطلوبا ، ولكنها ليست بجديدة ، فقد سبق من سنوات وفي فترات اخرى متلاحقة ، ان وقعت وقدمت ايضا العديد من الوثائق والتصورات والمبادرات والرؤى السياسية من مكونات سياسية جنوبية عديدة واحزاب .. ومنها بالذات – حزب الرابطة – الذي يتزعمه السيد الجفري ، وهو حزب عريق مشهود له بمثل هذه المبادرات ورؤية ما يُعرف بمؤتمر القاهرة و مشروع حيدر العطاس الاخير الخاص بقيام دولة اتحادية بين ( الجنوب والشمال) وقبل ذلك كانت هناك رؤى ايضا للحزب الاشتراكي اليمني ومن بعض قياداته البارزة من الرعيل الاول ، فيما عُرفت بتصحيح مسار الوحدة بين الجنوب والشمال وكذلك دعوات التحرير والاستقلال واستعادة دولة جمهورية اليمن الديموقراطية ، ولكن كل هذه الاطروحات والرؤى والمبادرات السياسية لحل ( قضية الجنوب) لم يلتفت اليها احد على الاطلاق لا من دول الاقليم ولا من المجتمع الدولي وظلت –ومازالت- القضية الجنوبية ترواح في مكانها ولم تسند حتى الان بأي موقف تضامني او سياسي واضح من دول المنطقة ، وظل الجنوبيون –وما يزالون – يبحثون عن حل لقضيتهم العادلة والمشروعة ، بعد ان فشلت ( الوحدة الهلامية العاطفية) بين (الجنوب والشمال) ولم تستطع الاستمرارية والبقاء و المضي الى الامام منذ حرب 1994م واجتياح الشمال العبثي السلطوي النفوذي الاحتلالي للجنوب ، ونهب ثرواته وتدمير مؤسساته المدنية والعسكرية والامنية والاقتصادية وتعطيل قدرات كوادره وقتل روح الابداع لديهم ، وامتهان كرامتهم والتعدي على ادميتهم الانسانية ومصادرة حقوقهم المشروعة وتسريحهم قسرا من اعمالهم المدنية والعسكرية ورميهم الى الشارع وفق سياسة تهميشية عنصرية ممنهجة ومدروسة ،مارسها (الشماليون الغزاة البربر )... ضد ابناء الجنوب والرمي بهم في خانات وطوابير (خليك بالبيت) لقد اتجه الجنوبيون والحامل السياسي للقضية الجنوبية -(الحراك الجنوبي)- الى النضال السلمي منذ العام 2006م ونشأت قبل وبعد هذا التاريخ كثير من المكونات السياسية والمدنية الجنوبية ، بعد ان شعروا بالظلم والضيم ، وان وطنهم الجنوب .. مسلوب الارادة والهوية وانه ذاهب الى الذوبان والضياع ، وكان لكل من هذه المكونات رؤاها السياسية المستقلة عن الاخرى في كيفية حل القضية الجنوبية لكن للأسف الشديد ان القيادات الجنوبية التاريخية والبارزة ظلت ترواح في محلها ولم تستطع ان تتعامل بحنكة سياسية وذكاء مع حماس الشارع الجنوبي وعنفوانه على الارض وفي الساحات الذي وصل الى تنظيم فعاليات واحتجاجات مليونيه هادرة اذهلت العالم وكان هذا متغير ايجابي في نضال الحراك الجنوبي السلمي ، هز مضاجع (نظام صنعاء) في حينه وكان ينبغي على القيادات الجنوبية وبالذات التي في الخارج ان تكسر حاجز عدم الثقة والتنافر السياسي والنفسي فيما بينها ، وان تتقارب وتنزع عنها رداء الراديكالية والنرجسية المحنطة في التعامل مع الاحداث والمتغيرات السياسية على المستوى الوطني والاقليمي والدولي ، بعيدا عن الانانية السياسية وعن نظرية (انا الكل والكل انا) ورحم الله المناضل الوطني الكبير عبدالله الاصنج ، الذي قال في احدى كتاباته وبأسلوب ساخر(لن نستطيع حل قضايانا طالما نحن طبائن في الساسة والمواقف) ..! امام القيادات الجنوبية الان مهمة كبيرة ومعقدة وحاسمة ولزحزحة القضية الجنوبية ، وتحريك مياهها الراكدة وتنقيتها من الشوائب والتداخلات والتقاط الفرص التاريخية التي لا تتكرر و الاستفادة من كل الاحداث التي مرت ولن يساندنا او يتضامن معنا المجتمع الدولي اذا لم ننهض من ذات انفسنا ونتقدم الى الامام ونكون في مستوى المسؤولية والقضية التي نناضل من اجلها ونحن على اعتاب (حوار الكويت) ..وعلى الجنوبيين .. وبالذات القيادات .. ان يحددوا موقفهم بوضوح وان يقولوا لدول المنطقة وللعالم اجمع .. ماذا يريدون .. هل يريدون استقلال الجنوب وقيام دولة الجنوب العربي الفيدرالية ..؟؟ ام دولة اتحادية مع الشمال ..؟؟ والله من وراء القصد..!