تعلقت آمال الشعب اليمني بمفاوضات الكويت المزمع انعقادها خلال الأيام القادمة بين الأطراف اليمنية المتصارعة بغية الوصول إلى تسوية سياسية بعيدا عن الحل العسكري . واختلفت أطروحات السياسيين بين مؤيد ومتفائل بنجاح تلك المفاوضات وبين معترض ومتشائم منها ..يرى البعض أن هذه المحادثات ستنجح معللين تلك الثقة بأن هذه المفاوضات هي الفرصة الأخيرة لمليشيات الحوثي وصالح لضمان سقوط بعضا من العقوبات المفروضة عليهم وهذا يرونه سببا مقنعا لنجاح تلك المفاوضات ..بينما يذهب المتشائمون إلى أن مفاوضات الكويت ليست سوى منح مزيدا من الوقت لمليشيات الحوثي وصالح لترتيب أوراقها واستجماع قواها للعودة إلى ساحات القتال. وبين هذا وذاك أجد أن مفاوضات الكويت ستكون كسابقتيها من المفاوضات التي انعقدت في جنيف وكانت على مرحلتين جنيف1 وجنيف2 والتي لم يتمخض عنها إلا مزيدا من الصلف والتعنت من قبل مليشيات الحوثي وصالح ويرجع ذلك كله إلى انعدام الثقة بين الأطراف المتفاوضة فلامجال للحلول إن لم توجد الثقة ..ومما أود الإشارة إليه هنا أنه لامجال لحل سياسي في اليمن في ظل تمسك الأطراف المتصارعة كل بموقفه كما أنه لامجال لحل عسكري في ظل تساهل دول التحالف بالعمليات على الأرض وبطء العمليات العسكرية خلال الفترة الماضية التي أعطت للمليشيات الانقلابية وقتا كافيا للتوسع في السيطرة على الأرض . وما من حلول لليمن إلا بترك التساهل جانبا واستخدام القوة لفرض هيبة الدولة التي يكاد يراها البعض انتقلت إلى يد المليشيات الانقلابية.. لأن المفاوضات هي عملية شرعنة الانقلاب ومنحه الصفة القانونية لارتكاب جرائمه والتوسع في السيطرة على منشئات الدولة.. إذا كانت الحكومة الشرعية ودول التحالف تصف تلك الجماعات بالمليشيات المسلحة المنقلبة على الشرعية ،فكيف بها تجلس معها على طاولة مفاوضات ؟..هذا يجعل من ممارسات المليشيات الحوثية حقا شرعيا ويعطيهم صفة الطرف الذي لا يقهر ..إن من الأهمية بمكان معرفة أن من خرج في وجه الحكومة بقوة السلاح لا يتم التفاوض معه إلا بالسلاح. إن مفاوضات الكويت تكاد تكون غير مرحب بها من الجنوبيين وذلك بعد اتساع الفجوة بين الحكومة الشرعية وبين بعض قيادات الجنوب التي ترى أنه لامجال لبقاء اليمن موحدا بعد تعيين على محسن الأحمر نائبا للرئيس هادي الغير مرحب به في الجنوب والشمال إلا بين أوساط جماعة الإخوان المسلمين الذي ينتمي إليها.. وقد يستغرب الموالون للشرعية دعوة قيادات جنوبية الخروج بمليونية قبيل انعقاد مفاوضات الكويت ويصفونها بأنها تخدم أجندة خارجية ..وهذا لا أساس له من الصحة بمكان لأن الشعب الجنوبي سئم العيش مع شعب شقيق يرحب بحكم المليشيات وما حدث بالسبعين خير دليل على ذلك ..فمن حق الشعب الجنوبي الخروج في مليونيات والمطالبة بتقرير مصيره واستعادة دولته . أخيرا إن أرادت الأطراف المتفاوضة في الكويت نجاح تلك المفاوضات فما عليها إلا زرع الثقة بين الأطراف المتفاوضة وستحصد الحلول فلامجال لحلول بانعدام الثقة.