لقيت القرارات الرئاسية الأخيرة القاضية بإقالة بحاح من منصبي نائب للرئيس ورئيس للوزراء وتعيين بدل عنه الفريق علي محسن الأحمر نائبا ، والدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيسا لمجلس الوزراء ، ردود افعال متباينة بين مؤيد مبارك لهذه القرارات وبين معارض رافض لها ، في المحافظات الشمالية قوبلت هذه القرارات بارتياح كبير ، بل اعتبرها البعض أنها جاءت في الوقت المناسب رغم تأخرها ولاسيما من قبل المحسوبين على التيار الإسلامي والموالين له ، ببنما اعتبرها البعض منهم تكريسا لسلطة القوى المتنفذة الفاسدة السابقة التي كانت محسوبة على النظام السابق الذي اطيح به بعد ثورة الشباب 2011 م . أما في الجنوب فقد قوبلت برفض واسع وامتعاض شديد من قبل قطاع واسع من أبناء الجنوب لتاريخ الرجلين الغير مرضي لأبناء الجنوب ، الاول لعب دورا محوريا في غزو الجنوب في حرب صيف 1994 م وما لحق بالجنوب من مآسي ومعاناة وتدمير ونهب لمؤسساته وأراضيه، إذ كان حينها الرجل الثاني في النظام السابق ، أما الرجل الثاني الذي عين رئيسا للوزراء رغم انه من أبناء الجنوب ومن محافظة حضرموت ، إلا أنه لا يحظى بشعبية ودعم لأسباب كثيرة ، منها ارتباطه الوثيق برأس النظام السابق كأحد ابرز القيادات في المؤتمر الشعبي العام وفي النظام السابق الذي كان مسؤولا عن معاناة الجنوبيين ، بالإضافة الى موقفه الغير واضح من القضية الجنوبية على الرغم من أنه أحد القيادات الإشتراكية النازحة بعد حرب 1994 م عن الجنوب ، ويرى البعض بأنها خطوة استباقية ذكية من قبل الرئيس لأية محاولات لتغييبه عن المشهد السياسي ، وخاصة وأن هناك تسريبات أو معلومات قادمة من الطرف الآخر مفادها ، لكي ينجح مؤتمر الكويت ، لابد من نقل صلاحيات الرئيس الى نائبه ، فبادر الى تعيين نائب له خصومات قديمة مع الإنقلابيين ، ولا يستبعد أن يكون رئيسا للفريق المفاوض الى الكويت أو عضوا فيه . كل هذه القرارات قد تعزز من مكانة الرئيس وفريقه التفاوضي ، لكنها لن تخدم الجنوب وقضيته ، لا رئيس الحكومة السابقة قدم خدمة تذكر لصالح الجنوب وقضيته ، ولا يمكن أن ننتظر شيئاً يقدم من الرئيس المعين الجديد للأسف ، وحتى الرئيس نفسه لا يريد أن يتخذ قرارات جريئة تخدم الجنوب وقضيته العادلة ترفع من مكانته لدى الجنوبيين ، ونخشى أن يٌفرض ممثلون عن الجنوب في مؤتمر الكويت ، كما تم في مؤتمر الحوار الوطني لا تربطهم صلة بالقوى الفاعلة والمؤثرة في الساحة الجنوبية ، لذا لابد من قطع الطريق على أية محاولات من خلال اتفاق كل المكونات الجنوبية على ابراز مكون سياسي موحد لأبناء الجنوب يكون الحامل السياسي للقضية الجنوبية وانتخاب قيادة موحدة ، وهي فرصة أن يٌعلَنْ هذا المنجز في مليونية الثامن عشر من أبريل ليكون ردا عمليا لتجاهل الجنوب وقضيته ورسالة للحاضرين في المؤتمر بأن شعب الجنوب حاضر، مهما حاولتم تجاهله أو الالتفاف على تطلعاته المشروعة في حق تقرير المصير واستعادة دولته .