خلال اليومين الماضيين، كان حديث الناس محصورًا بحديث عادل الجبير وزير الخارجية السعودية إلى صحيفة أوروبية، جاء فيه أن الحوثيين جيراننا، وبقية الحديث مهمة، ولكن كعادة الناس في الاجتزاء اقتطعوا كلمتين من مقابلة فاق عدد كلماتها 1200 ، وبنيت عليها تحليلات كثيفة، انصرف لها الناس أكثر من انصرافهم إلى حديث الجبير نفسه! حديث الوزير السعودي كان لعالم يقول له مهاجمًا إياه والسعودية والإمارات والتحالف العربي: أنت تضرب الحوثي لتبيده، وتقوم بقتله لمجرد أنك تكرهه، تفعل ذلك تماماً كما تفعل قواتك بمشاركة الإمارات بالسعي لقطع دابر القاعدة في حضرموت، فهل هذا صحيح؟ لا. نحن في اليمن بطلب من حكومتها الشرعية، نقاتل من أجل الشرعية كل من يقف ضدها، وصدف في هذه الحالة، أن التمرّد الإنقلابي يقوده الحوثي، ولو كان يقوده أي شخص آخر كنا سنقاتله بذات الفعالية. ما دام هذا طلب الحكومة الشرعية التي توافق عليها أهل اليمن. فالعداء مع الحوثي لا علاقة له بالخلاف الديني، فللناس دينهم ورياهم، ولنا أفعالهم تجاه التعاقدات الشرعية. وقوف الحوثي أو سواه من المفسدين، لا يغير من حقيقة الجوار الجغرافي، وكونهم من النسيج اليمني، لذلك حينما حاولنا حل الإشكالية واستضافة الحوار اليمني في الكويت، قدمنا لهم دعوة من هذا المنطلق، منطلق أنهم جزء من نسيج اليمن الاجتماعي، هذا اليمن الذي يجاور السعودية، وهو جزء من كيان كل خليجي. لا تعارض بين هذا، وبين أن بعض العناصر اليمنية ارتضت أن تكون مطية لدول، تريد التوسع على حساب اليمن، ونحن بمنطلق العروبة والأخلاق لا نرضى لأهلنا بما لا يرضوه لأنفسهم من أن تقوم فئة بدعم من خصوم أمتنا، لتقوم بالاستيلاء على شعب اليمن. القاعدة التي تتكون من مجموعات من جنسيات شتى، لا تنتمي إلى اليمن، ولا تمت له بصلة، لذلك فهم ليسوا من جوارنا، وليسوا جزءًا من نسيج اليمن الاجتماعي، وهذا ليس كلامنا ولا كلام الجبير بل كلام اليمنيين أنفسهم. والآن فلنعد إلى الآلية، وهنا أعني آلية نقل الحديث. لو كلف الناس أنفسهم قليلاً وقرأوا كامل تصريح الوزير السعودي، وربطوه بالتصريح الذي قاله اللواء منصور التركي من أن السعودية تعتبر الحوثي والإخوان وحزب الله منظمات إرهابية، وفهموا السياق الذي يتحدث فيه الجبير، لعرفوا تمامًا أبعاد ما يقول، وأن الأمور على ما هي عليه، وأننا لا نقاتل في اليمن من أجل كراهيتنا لفئة ولكننا نقاتل نصرة لشرعية، وبطلب من رئيس الحكومة، وكل ذلك على مرأى وبصر من مجلس الأمن الدولي الذي يؤيدنا، وفقًا للقرارات. كلنا نأمل، أن تنتهي الأزمة في اليمن، ويتعقل حملة السلاح، ويضعونه ليتحاوروا دون إحساس التغلب، ودون الافتراء كأن يعتقلوا رئيس الدولة ويقوموا بتهديده، وقصف أماكن تواجده. نأمل أن يجلسوا ويتناقشوا ويصلوا إلى مجتمع لا سلاح فيه إلا للدولة، ويومها سترون طائرات الخليج تنزل لدعم أهل اليمن، كله، في الجنوب الحر، والشمال الأبي ومأرب الخالدة، وحتى الشمال الجار. حفظ الله اليمن، وحفظ الله قيادتنا التي تعرف قيمته، وترتب الأمور دائمًا لكل خير. ولينصر كل واحد منا خيار السلام، وليعلم الجميع بأن الحرب ليست إلا اضطرارًا لتعقيل فئة، تظن القوة تحل كل شيء وتشتري النفوذ لإيران.