أعلن رئيس الوزراء الجزائري عبدالمالك سلال الإثنين نية السلطات في بلاده إغلاق مكاتب أكثر من 50 فضائية خاصة لا تملك اعتمادا للعمل، لإنهاء ما أسماها "الفوضى" في هذا القطاع. وقال سلال في كلمة له ندوة نظمها "الديوان الحكومي للملكية الفكرية" بالعاصمة الجزائر "لقد كلفت الحكومة الجزائرية السيد وزير الاتصال (الإعلام) بتنظيم وتطهير الأوضاع (في قطاع الإعلام الفضائي) في أقرب الآجال، في انتظار تنصيب سلطة ضبط القطاع السمعي البصري خلال أسابيع". وأضاف "من بين 60 قناة فضائية موجودة في الجزائر هناك 5 فقط معتمدة بصفة نظامية والباقي ينشط بصفة غير قانونية وخاضع لقوانين أجنبية". وبدأت في الجزائر منذ العام 2012 عشرات القنوات الفضائية الخاصة ببث مضامين إخبارية وفنية وبرامج سياسية واجتماعية جزائرية، وتُسَجل لدى وزارة الإعلام كقنوات أجنبية معتمدة للعمل في الجزائر، وتضطر إلى بث برامجها من الخارج لعدم وجود قانون محلي حول السمعي البصري. وصادق البرلمان الجزائرى فى ديسمبر/كانون أول 2011 على قانون جديد للإعلام ينهى خمسين سنة من احتكار الحكومة للقطاع السمعى والبصرى، لكن القانون الخاص لتنظيم عمل القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية الخاصة لم يصدر. واليوم، وبعد أن رأت السلطات الجزائرية أن الوضع قد تغير وسقطت دول ما كان يسمى بالربيع العربي في اتون الفوضى، أصبحت هذه السلطات تماطل ويبدو انها تراجعت عن التزامها بتحرير الإعلام بعد ان "امتلكت الحجة على فساد ما قد يأتي من هذا التحرير". ووفق رئيس الوزراء الجزائري فإن هذا الفراغ القانوني في القطاع كان "مقصودا" وذلك "في انتظار ضبط ذاتي لم يحدث مع الأسف، وحان الوقت ليعرف المواطنون الحقيقة لتطبيق القانون بشفافية وإنصاف". وتابع "علينا الاعتراف أن بعض القنوات تعتمد الإشهار الكاذب وانتهاك الحياة الخاصة واستعمال الكراهية والجهوية والفتنة والعمل الإعلامي تلوث بسلوك قلة لا يحركها إلا الجشع". واستطرد "نقول نعم لحرية التعبير والصحافة، ولكن الخط الأحمر هو احترام مبادئ المجتمع الجزائري". ويقول مراقبون إن السلطات الجزائرية التي تحكم ضبط مختلف مفاصل المجتمع ودقائق اموره تخشى بقوة من حرية الإعلام لأن له الكثير من المواضيع الممنوع الخوض فيه التي يمكن ان يفضحها. ويضيف هؤلاء أن النظام الجزائري الذي ضبط بقوة حدود حركة وحرية الإعلام الأجنبي في النقل عن الأوضاع الجزائرية البائسة في السياسة والاقتصاد والمجتمع، حيث لا حديث إلا عن الفساد الذي يستشري في جميع هذه القطاعات، وقد نجح هذا النظام في جعل الجزائر مغلقة مثلها أي بلد شمولي إلى حد أن البعض صار يتندر بالأمر بالقول إنه لم يتفوق عليها في هذا الانغلاق والتقوقع إلا نظام كوريا الشمالية، لا يمكن ان يغامر بأن تكون فضائحه منقولة عبر وسائل اعلام جزائرية خاصة لما في ذلك من خطورة تأجيج الشارع وتأليبه ضد الوضع القائم. وعن مستقبل هذه القنوات الفضائية أوضح سلال أن "هناك مشروع قانون أعدته الحكومة يحدد الشروط الواجبة للنشاط (لم يكشف مضمونه) وكل القنوات التي ستلتزم بالشروط ستعتمد كقنوات جزائرية تستفيد من الدعم الذي ينص عليه القانون، أما تلك التي تخالف القانون ستمنع من النشاط في التراب الجزائري". ويؤكد المراقبون أن الجزائر كانت تناور عندما التزمت في 2011 بسن قانون حرية الإعلام وإن ذلك كان فقط من أجل تهدئة الشارع الجزائري الذي كان يشاهد قلاع أنظمة مجاورة وهي تهتز فاستبق النظام حينها أي تحرك ممائل في الجزائر بإعلان بعض القرارات للإيحاء بأنه يسعى للتغير ذاتيا عبر الانفتاح في الإعلام ودعم التعددية السياسية. وحسب آخر تصنيف لمنظمة "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة في العالم لسنة 2016، تراجعت الجزائر في مجال الصحافة وحرية التعبير بعشر مراتب، وحلت في المرتبة 129 بين 180 بلدا بعدما كانت في المرتبة 119 العام الفارط. وقال التقرير إن وضع حرية الإعلام في البلاد قاتم.