يحكى أن في جزيرتنا وعلى ضفاف وهضاب سواحلها الجنوبية يوجد شعب عظيم سمر الوجوه طغت على مفاصل حياتهم العاطفة فتحكمت في منطق كلامهم وطرحهم وشعاراتهم وبكل تأكيد في جوهر أفعالهم وتصرفاتهم وردود أفعالهم . كانوا لصدق وطن ولتضحية والإخلاص مثل ,كانوا يا سادة على التحضر والمدنية ورقي التعامل أسياد شعب عظيم وغريب فحتى خلافاته وصراعاته الداخلية ليست كالخلافات عند باقي البشر فلا صراع هنا على الوصول للكرسي والثروة فهي في أبجديات ثقافتهم غير موجودة ومن قواميسهم محذوفة بل ينحصر الصراع في الكيفية والآلية الصحيحة لتأسيس مشروع وطن . وفي لحظة من اللحظات ومن منطلق عاطفي بحت قُدَّم هذا المشروع العملاق والأسطوري على عجلات التضحية في سبيل إنجاز حلم راود كل عربي ومسلم ليثبت أنه أهل التضحية واصلها فقدم هذا الشعب العظيم هوية ووطن وأرض وحجر وهواء وشجر , داس على كل التحاليل والمقاييس والاحتمالات داس على شكوكه فاعتقد وهو رمز الصدق أن لا وجود لغير الصدق , ويا للأسف . تحول هذا الحلم الى كابوس وتحول هذا الاخ والشقيق الى وحش وأخطبوط بعد ان تساقطت الأقنعة وكشر عن الأنياب فاسُقط الوطن مثقلاً بجراح خناجر الغدر. عم الظلام الدامس كل شبر وحل الخراب واستشراء وباء الهمجية والتخلف مستهدفاً فئة الشباب والأجيال الصاعدة وفق سياسات وشبكات أدارتها عصابات مع مرور الايام كبرت معاناة الشعب بكل أطيافه فالضباط والقادة العسكريون أزاحوهم والكوادر المدنية أقصوهم وملاك الأرض والعقارات نهبوها فحل الظلم هنا وانتشر في كل شبر في ارض الوطن فتبلورت نتاجه انات ألم وأسى في كل أزقة وأحياء مدن الجنوب وكل بواديها وصحاريها إلى أن بزغ ضوء يوم جديد تحولت فيه تلك الانات الى صيحات معلنه بدء ثورة شعبية عارمة ضد الطغاة كانت الرائدة والسباقة في المنطقة معلنة أن شعب الجنوب يمتلك إرث عظيم يجبره على كسر كل تلك الأغلال والسلاسل وينفض غبار التخلف الذي أرادو دفنه به وتبلورت عظمة هذا الشعب من الصيحة الأولى التي كان نصها حرفيا ً ( تصالحنا تسامحنا ) لتقطع الطريق امام دراويش المكر والخديعة وتخبرهم أن الجنوبي قد استفاد من دروس وأخطاء الماضي فاستمر النضال حتى وصلنا إلى هذا اليوم المشهود الذي تجلت فيه قدرة الله في نصرة المظلوم فنصرنا الله وأخذلهم وأذلهم لكن السؤال هل نستفيد من هذا النصر ؟ نحن ببساطة على مفترق طرق إما ان نكون أو لا نكون نقف وعلى أكتافنا حمل ثقيل من إرث عظيم امتلكناه ومن أخطاء ماضي طويناه فهل نستفيد من كل ذلك كالدليل لبناء وطن يتسع للجميع بثقافة مدنية متحررة من شوائب 21 عام هي الأسوأ في تاريخنا ؟ نريد أن تكون الإجابات أفعال أكثر منها أقوال ولا نريد هنا من كل جنوبي أن يكون زعيم أو وزير أو محافظ ليصنع التغيير بل بلور ذلك وجسده في تعاملك في بيئتك ومجتمعك ليكون هذا الفعل اللبنة الأولى لبناء الوطن