لابن فريد أحمد عمر بن فريد ذات يوم من أيام سفر استعادتنا الدولة قراءة عميقة وحساسة ودقيقة في توصيف المشهد آنذاك تحديداً في العام 2012م أي بعد أربع سنوات من انطلاق سفر استعادة الدولة وحراكها المارد! وشخص بن فريد بعد تدقيق شديد بأن دائنا المبيد وسقمنا المديد نتاجه غياب ثالوث قوتنا العتيد! وخلص الرجل بأن الإشكالية تكمن بأننا معشر الجنوبيين ضحية أزمة قيادة وغياب المشروع السياسي!! وانفصام معضل مأزوم في وحدتنا الوطنية الغائبة!!! وإلى هنا ينتهي ما انتجه بن فريد نظرياً ولا أراه إلا فارساً غيوراً أبى إلا أن يصرخ بالحقيقة المؤلمة الموجعة لشعب لم يعد يقبل الكذب الرخيص والزيف البائس!
بيد أن الانتصار للقضية والشرعية في آن واحد معاً ايوم لم يغير في المشهد كثيراً حتى الساعة!فما بين سلطة تنفيذية جنوبية في الداخل وعلاقتها بسلطة شرعية باخسة وتبخس انتصار الجنوبيين في كل يوم يمر وفي كل قرار تتخذه تنفيذيات السلطة الجنوبية يبرز اعتراض حكومة الشرعية وأدواتها!
وما بين شرعية شمالية تعمل بشكل ناجح ومدروس لتسخير كل الدعم منذ تدخل التحالف العربي في خدمة تشكيل نواة جيش شمالي موالي للشرعية ومضاد لما ستنتجه العملية السياسية القادمة التي لم تستطع هزيمة تحالف صالح والحوثيين وصالح والحوثيين ليس لديهم أدنى ممانعة من التطبيع والتعامل مع خصومهم وعلى رأسهم محسن والمقدشي!
ولا أرى إلا أن نظرية بن فريد تتجسد وضوحاً وواقعية تفيد منطقياً بأن فريق شرعية الشمال متفق وله قيادة ومشروع ووحدة صف جامعة تعرف ماذا تريد بل تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في أن تفرض أجندتها وتطوع الأقليم لما تراه في مصلحتها! كذلك يفعل الحوثيين وصالح بنفس المنهجية والكيفية التي جعلتهم يصمدون طيلة عام ونصف من الحرب مستغلين كل أسباب البقاء والعودة من جديد!
ولكن ماذا يحدث جنوباً ؟ ونحن من انتصرنا وقدمنا الآلاف الشهداء والجرحى ومازلنا ندفع فاتورة الشرعية التي مازلنا في سدادها ؟ إذاً ماذا يحدث! وفي ماذا ألف ماذا مبهمة ليس لها حل في عدن وسائر المدن المحررة! فلا نحن فرضنا أجندتنا ولا نحن حددنا خياراتنا ولا نحن اجترحنا الحلول لإشكاليات نتائج ما بعد الحرب والانتصار!
وأخشى أن الذي يحدث أننا لم نتفق بعد! من رأس سلطاتنا التنفيذية إلى أبسط مقاوم تلتفح الشمس جبهته السمراء وقد يقتل في لحظات ضحية عبوة ناسفة أو حزام ناسف! ولا يستطيع شعب أن يعبر غمار خطوب أي تحديات وصعاب في سبيل نيل حقوقه ومطالبه دون قائد وفكر ووحدة! فهل نحن متحدون بشكل جمعي جامع! وهل نحن قادرين على تحقيق ما نخطط له هذا إن وجدت الخطة! وهل مايدور اليوم في جنوبنا الذي مازال ينزف دماً ماضٍ في الطريق الصحيح!
ولا يمكن بأي حال وتحت أي ظرف أن يستمر وضع إتكالية الجنوبيين في اعتقادهم بأن نيل الدولة قد يتأتى بدور صديق جار في محيطنا الخليجي الذي ساندنا كجنوبيين ومازال إلا أن الحالة التي تتسم بالضبابية لا تولد حيز الثقة في شراكه وإن كانت المصلحة المشتركة حاضرة! وما طرحه الكويتي الراشد قطرة في بحر هائج متلاطم !
وإلى إشعار آخر قد يعيد بن فريد بعد عشرون عام إضافة ما أخشى بمعطيات ما يدور في جنوبنا ليشخص حقيقة أكثر وجعاً وإيلاماً في أننا معشر الجنوبيين لم نتفق ولن نتفق!!