تمر علينا الذكرى الثانية والستين لتاسيس اذاعة عدن، التي انشئت في السابع من اغسطس عام 1954م ، وتمر ذكرى التأسيس هذا العام كما مرت العام الماضي ايضا وصوت اذاعة عدن مفقود وفضاء مدينة عدن والمناطق المجاورة خالي من أثير الإذاعة الذي احتضنه وتشبع به وقام بنقله ونشره بالفضاء الى ابعد نقطة سمحت له قوة جهاز الارسال لايصاله الى مسامع واذان المستمعين والمعجبين لهذه الاذاعة بشكل يومي على مدى ستة عقود من الزمن. إن ذكرى تأسيس الاذاعة تمر وصوت اذاعة عدن ضائع ولسانها مقطوع ومبنى إلاذاعة والتلفزيون مهجور لا حياة فيه الا لثكنة عسكرية تقوم بحراسة المبنى، وان كان تلفزيون عدن مغلق كالاذاعة فمع ذلك نجد له صوت وصورة ضمن القنوات الفضائية وإن كانت بنسخة غير اصلية اما إذاعة عدن فلا وجود لها لا بالنسخة الاصلية او غيرها . عدن لاتزال تترنح في مكانها وتخيم عليها سحابة قاتمة خلفتها الحرب الظالمة الذي عصفت بها لا كثر من اربعة اشهر وبالرغم من مرور قرابة عام و شهر على تحريرها من تلك الحرب والعدوان الغاشم الا انها لازالت فاقدة للامن والاستقرار التام الذي يعيد الاوضاع والحياة الى ما كانت عليه قبل الحرب، حيث ان فترة ما بعد الحرب كانت صعبة فقد ظهرت وبرزت خلافات بين السلطة واطراف أخرى ادت الى حدوث صراع داخلي بعدالتحرير عرقل مسيرة البناء وردم الصدع وعودة الخدمات الاساسية بشكل سريع ولا زالت بعض الصعوبات والعقبات مستمرة حتى يومنا هذا. في اعتقادي إن هناك خلاف قائم بين السلطة وبعض اطراف المقاومة الجنوبية وعدم اتفاق و انسجام بالرؤى للنهج والاتجاه السياسي للمرحلة الحالية والقادمة، هذا هو السبب الجوهري في عرقلة حدوث تطبيع كامل للاوضاع وعودة كثير من المرافق الحكومية للعمل ومنها الاعلامية، إذاعة وتلفزيون وصحافة رسمية . اذاعة عدن تعتبر جزء هام من تاريخ وحاضر عدن الاعلامي ويمثل احد رموز نهضتها المبكرة بين دول الجوار فعمرها الطويل جعلها من الإذاعات العريقة والمنافسة لكثير من الاذاعات العربية وذلك من خلال تراكم الخبرات وانتقالها من الرعيل الاول الى اخر رعيل انخرط بالعمل واستفاد من الخبرات المتسلسلة السابقة والمبدعة من الادباء والفنانين والمهندسين امثال لطفي جعفر امان ومحمد سعيد جرادة والشيخ عبدالله حاتم ومحمد علي لقمان واحمد زوقري ومحمد سعيد مسواط وحسين الصافي وعبدالرحمن جرجرة وماهيه نجيب وفوزيه غانم والمهندسين رجب عبدالقادر وحامد محمد احمد وصالح عفاره وهناك كوكبة طويلة من الكوادر الاذاعية البارزة لا يسعفنا المجال لذكرها، كانت ابداعاتهم محل حب وتقدير مستعميهم ونبراس اضاء الطريق لمن ساروا على دربهم. هنا عدن كلمتان لهما صدى خاص ارتبط بذاكرة اجيال متعاقبة محبة لإذاعة عدن ومفتونة بصوتها الصادح عبر الأثير فالاذاعة لها سحرها الخاص والجاذب لجمهور عريض وذلك لبساطة وسهولة التواصل معها فوجودها بالمنزل بجهاز المذياع المتنقل والخفيف وفي السيارة والجوال تقدم لك الاغنية التراثية والخبر والتعليق السياسي وتنشر الثقافة والوعي للمجتمع من خلال سيل متنوع من البرامج الموجهة والمتميزة التي تحاكي الصغير والكبير والمراة والاسرة وكذلك نشرات الاخبار والاعمال الدرامية. إذاعة عدن لعبت دور كبير في نشر الوعي والتنوير وارتبطت بجمهور واسع عاشق ومتابع لبرامجها و التواصل معها رغم وجود كثير من البدائل من قنوات فضائية واعلام الكتروني لكن اذاعة عدن ظلت محتفظة بسحرها من خلال مضمون رسالتها الهادفة والنبيلة . عبدالله ناصر العولقي