مما لا شك فيه بان شعب الجنوب بعد اجتياح اراضية بالقوة العسكرية من قبل القوات الشمالية في حرب صيف العام اربعة وتسعين اصبح شعب الجنوب بين مفترق الطرق للنظام الاشتراكي البائد و النظام الرأسمالي السائد ، فما بين النظامين اتسم شعب الجنوب بفئة واكبت المرحلة السياسية و تأقلمت مع الرأسمالية بدولة الوحلة اليمنية ، وفئة اعتزلت بفكرها الاشتراكي عن السياسية بما فرضه نظام عفاش من اقصاء واستبعاد بنشوة الانتصار على قوات الردة والانفصال كما كانت تسمى بتلك الحقبة الزمنية وظلت تلك الفئة في حالة فراغ سياسي دون تاثير على فكرهم الاشتراكي . فمن تلك المراحل السياسية والفراغ السياسي التي مر بها شعب أصبح لدينا فئتين ، فئة خاضت تجربة رأسمالية خلال عشرين عام أحدثت فرمته فكرية نهائية للأيديولوجيات الاشتراكية من فكرها وتشبعت بالمبادئ والطرق و المفاهيم الراسمالية ، اما الفئة الاخرى نتيجة الفراغ السياسي الذي طالها في سنوات الوحلة العجاف لم تحدث هناك إي عملية فرمته للفكر الاشتراكي المتشبعة بهي من يوم اعتزالها العمل السياسي الى حين تفجير الثورة السلمية وجدت ما يشغل فراغها في العمل الثوري لخوض معترك سياسي بفكرها الاشتراكي الذي لم يعد يخفى على أي قارئ سياسي من الشعارات الثورية التي انتجتها في المسيرة السلمية على طريقة العهد البائد بوزن تخفيض الراتب واجب علينا واجب .
وحينما تغيرت مجريات الاحداث بوتيرة متسارعة واعاد الشماليين الكرة بحرب طاحنة على الجنوبيين في أواخر مارس من العام الماضي وتمخضت الاحداث بتصدر المقاومة الجنوبية المشهد القتالي والحقت الويل والهزيمة النكراء بالغزاة الشماليين ، واعادة الامل الى نفوس اشقاءنا الخليجيين والشرعية الدستورية ، مما اتاح الفرصة بتمكين سلطات العاصمة عدن ومحافظة لحج الى بعض تلك القيادات من وهج المسيرة السلمية والمقاومة الجنوبية دون ان تتمرس على الطريقة الرأسمالية وأصبحت بين خيارين لا ثالث لهما اما اقناع قادة المكاتب التنفيذية بفكرهم المستمد من الوحي الاشتراكي في مزاولة المهام الحكومية او تبديلهم وتغيرهم ممن كانوا في حالة فراغ سياسي ولم يتاثر فكرهم الاشتراكي بالمرحلة الرأسمالية .
ولهذا فان من هم في هرم السلطة المحلية بالعاصمة الجنوبية عدن تجدهم في أي حشد شعبي جنوبي يميلون الى محاولة اعادة انتاج التجربة الاشتراكية ، كما حصلت اليوم في ذكرى ال(45) لتاسيس الجيش الجنوبي باطلاق دعوة الى تشكيل للجان الدفاع الشعبي في الاحياء السكنية دون اجراء تعديل طفيف في فحوى تسمية لتلك اللجان بتسميتها للجان الامن الشعبي حتى تكون مختلفة في عملية تشكيلها عن التجربة الاشتراكية التي طبقت فيها انذاك ، وهذا قد يعيد للخليجين التصور بان الجنوبيين ما زالوا بفكر العهد البائد من خلال إعادة انتاج التجربة الاشتراكية التي تعد بمثابة انتحار سياسي في المشنقة الراسمالية يا عيدروس الزبيدي .