حسنا فعلت السلطة المحلية في محافظة حضرموت بالإفراج عن العشرات ممن اعتقلوا بتهم ارتباطهم بالجماعات الإرهابية (القاعدة)، وإن كنت اعتقد بأن بعضهم بريء من هذه التهمة، أساساً، ولربما ألقي القبض عليهم إما بوشاية و معلومات مضللة، أو لاحتياطات ودواعي أمنية؛ لها وعليها. ما من شك أن السلطة أرادت من خلال هذه الخطوة، إبداء حسن النوايا تجاه المعتقلين أنفسهم وذويهم خاصة؛ ولأهلنا في حضرموت عامة، رأت السلطة أنه لا بد من الشروع فعليا في إغلاق هذا الملف العالق، الذي شكل صداعا نصفيا، وضغطا رهيبا عليها في الأونة الأخيرة، فكان توقيت الإفراج موفقاً، مع عدم إنكار أو تجاهل مدى الضرر النفسي الذي لحق بالمعتقلين طوال فترة احتجازهم، والذي انسحب أيضاً بآثارة على كل محبيهم داخل الوطن وخارجه. من واجبنا أن نثني على السلطة المحلية، أن نبارك مبادرتها قبل العيد، ولا نظل فقط نتصيد أخطائها، ونحاول رصد تجاوزاتها لتشريحها إعلامياً والنيل منها كلما لاحت أمامنا الفرصة أو اختلقناها من العدم، المسئولية تحتم علينا أن نضع التوصيف المناسب للحدث، دون شطط، أو تحميله ما لا يحتمل، فالسلطة المحلية ارتائت بهذا الإجراء، أن تظهر بأنها تمثل كيان دولة؛ قد لا نقبل بها في شكلها الحالي ولكننا مضطرون للتعامل معها ولو مرحلياً، حاولت السلطة أن تبدو بأنها تدير مؤسسات وتخضع للقانون والإجراءات القضائية، التي قد تتجاوزها في الظروف الاستثنائية التي نعيشها اليوم، فكان قرار الإفراج عن المعتقلين قبل يوم من حلول العيد. هنا يكمن الفرق بين التعاطي مع دولة وحتى ولو كنت تنظر إليها بأنها لا تمثلك أو لا تمت إليك بصلة، ومع التنظيمات الإرهابية ومن بينها القاعدة، التي لا تراعي لا حرمة ولا مناسبة دينية ولا ظروف إنسانية في القتل والذبح والاعتقال والأسر، تبقى الدولة دولة، ولو في أسوأ مراحلها، والعصابة عصابة، ولو في عز قوتها. هذه قاعدة، أثبتها "القاعدة"، حيث الإعدام ينفذ بفتوى ب"الواتس اب"، وقطع اليد بمجرد "الحدس والظن"، والحبس، جزاء منشور ناقد؛ ولو بهيئة نكتة سمجة. أتمنى أن لا يفهم البعض في حزب الإصلاح، إن قرار السلطة بالإفراج عن المعتقلين مؤشر ضعف، فيتمادوا في غيهم وصلفهم وتحديهم لها، من غير المعقول إن قيادات الحزب التي شرعت لوجود تنظيم القاعدة في حضرموت، بتشكيل المجلس الأهلي، وما انفكت عن مهاجمة السلطة المحلية ومناصبتها العداء، بعد طرد القاعدة، لا تكلف نفسها عناء مباركة خطوة السلطة ولو على استحياء، وهي تدرك جيداً أن ما أقدمت عليه، سيجعل الغالبية العظمى تلتف حولها، لا سيما إذا ما واصلت السير على نفس النهج، وسعت إلى إذابة جليد الخلافات مع الحراك الجنوبي وغيرها من القوى السياسية، بالحوار لتقريب وجهات النظر، بما يضمن حماية حضرموت وتمتين الجبهة الداخلية التي ما زالت تعاني من شروخ وتصدعات عميقة وخطيرة، ردمها مسئولية الجميع، شريطة تخفيف نبرة التغني بسم حضرموت( الدولة أو الأقليم أو الكيان، أو الكوكب والقارة)، والرفع من شأنها، بالأفعال لا الأقوال والأشعار والأحاسيس فقط.