تهل علينا الذكرى ال53 لثورة 14 أكتوبر المجيدة التي انطلقت من جبال ردفان الشماء ضد الاستعمار البريطاني و وتأتي هذه الذكرى في ضل متغيرات بالغة الحساسية والدقة يشهدها الجنوب مما يستوجب التعاطي الايجابي مع هذه المتغيرات والاحتفال بهذه الذكرى العظيمة بما يليق بها , للوقوف أمام المآثر البطولية التي اجترحها مناضلي أكتوبر في كل مواقع الشرف والبطولة , بدء بمعقل الثورة في ردفان وانتهاء بتحرير العاصمة عدن من جحافل القوات البريطانية . يشهد التاريخ على العديد من المعارك البطولية التي خاضها مناضلي الجبهة القومية وجبهة التحرير في مواقع متعددة في ردفان منها جبل البدوي وجبل بطة وجبل الأحمرين وكنضارة وحبيل المصداق والحبيلين ووادي المصراح ووادي ذيردم ووادي تيم والربوة وحبيل السبحة والشحة وحبيل الجلدة والعديد من المواقع التي لا نستطيع حصرها ليس في ردفان فحسب بل في عموم مناطق الجنوب وفي مقدمتها مدينة عدن . علينا إن لا ننسى المعاناة التي عانوا منها أبناء ردفان بسبب المواجهات العسكرية وبسبب مواقفهم المساندة للثورة , فقد تم طرد اغلب سكان ردفان من ديارهم إلى مناطق مجاورة واستشهد العديد منهم ومات البعض الآخر من الأمراض والأوبئة والجوع والبرد في المناطق التي نزحوا إليها . كما سجل التاريخ بأحرف من ذهب الدور النضالي الكبير لثوار أكتوبر الحفاة العراة الذين تميزوا بالصدق والوفاء لشعبهم وأسسوا تنظيمات ثورية ناجحة تتميز بالسرية والدقة كتنظيم الجبهة القومية وجبهة التحرير . لقد أثبتت الجبهة القومية كفاءة نضالية وقدرة تنظيمية خلال مرحلة الثورة بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء . فوصف جورج شاكلتون رئيس الوفد البريطاني المفاوض في جنيف وفد الجبهة القومية المفاوض في الاستقلال بأنهم رجال من العيار الثقيل بعكس ما كان يتصور. وبالتالي يجب على جماهير الشعب في الجنوب ونخبه السياسية إن يستلهموا الحقائق والدروس والعبر من مناضلي ثورة 14 أكتوبر وتنظيمها الثوري الجبهة القومية الذي استطاع إيصال الثورة إلى بر الأمان , فلا مفر من توحيد الإرادة السياسية في حامل سياسي جنوبي قوي يقود العملية الثورية لاستكمال تحرير الجنوب من الاحتلال اليمني بشقيه العسكري والسياسي من المهرة شرقا إلى باب المندب غربا. تعد ثورة 14 أكتوبر ثورة حقيقية مسلحة من اعنف الثورات في الوطن العربي التي أحدثت تغيير جذري في مختلف الجوانب الحياتية للشعب في الجنوب , حيث استطاعت توحيد 23 سلطنة ومشيخة وإمارة في كيان سياسي واحد لم تستطيع بريطانيا بعظمتها وقدراتها فعل ذلك , كما بنت جيش وأمن قويين ووفرت التعليم المجاني والصحة المجانية وبنت دولة يعتد بها على مستوى الشرق الأوسط , ومع ذلك فهناك إخفاقات واختراقات حدثت لهذه الثورة منها أولا تغلغل عناصر انتهازية من سرق الثورات إلى قيادتها بعد انجازها للاستقلال وكان ذلك السبب الرئيسي في إحداث الصراعات بين صفوفها وإضعافها , وثانيا انتحارها السياسي بدخولها فيما يسمى بالوحدة اليمنية , إذ كادت هذه الوحدة المشئومة إن تمحو ثورة 14 أكتوبر من سجل التاريخ النضالي للشعوب العربية لولا استيقاظ الشعب الجنوبي الذي لحّق إن يكشف هذه المؤامرة القذرة التي حاكها نظام الاحتلال في صنعاء بسم الوحدة . لقد شكلت ثورة الحراك السلمي في الجنوب التي انطلقت في 2007 منعا وضدا لمؤامرة طمس ثورة 14 أكتوبر .. وما الحركة الثورية الشعبية في 13 أكتوبر 2007 في ردفان إلا استبسال وإصرار من شعب الجنوب لإحياء ذكرى هذه الثورة العظيمة وإعادة بريقها ووهجها الثوري . وقد سقط في هذه الحركة السلمية 4 شهداء من أبناء ردفان من قبيلة الجهوري ثمنا للاحتفال الكبير بهذه المناسبة الذي شهدته ردفان في يوم 14 أكتوبر 2007 لأول مرة في تاريخها , والذي لم يعيد هذه الثورة إلى الواجهة فحسب بل وإعادة النضال من أجل تحقيق أهدافها من جديد . وتأتي ذكرى ثورة 14 أكتوبر هذا العام فرصة سانحة أمام شعب الجنوب ينبغي استقلالها خير استقلال لتقديم رسائل هامة إلى القوى الدولية بما فيها قوى التحالف العربي مفادها إن للجنوب تاريخ نضالي مستقل يتضمن ثورة ودولة وهوية , وان شعب الجنوب مصمم على استعادة دولته وهويته رغم ما حدث من متغيرات , وهذا يتطلب إنجاح الحشد المليوني المزمع إقامته في هذه الذكرى المؤمل منه إن يكون بداية النهاية للخلاص من الاحتلال اليمني للجنوب لما يحمله من بشائر في توحيد المكونات الثورية والمقاومة الجنوبية في كيان جنوبي موحد بشقيه السياسي والعسكري يقود العملية الثورية في الجنوب ويفرض الاستحقاقات السياسية لشعبه على طاولة المجتمع الدولي. التحية لشهداء ثورة 14 أكتوبر 1963م التحية لشهداء 13 أكتوبر 2007 م (شهداء منصة الحبيلين ) التحية لجميع لشهداء الجنوب الذين سقطوا ببنادق الاحتلال من عام 1994 حتى اليوم التحية للرئيس القائد علي سالم البيض احد القيادات التاريخية لثورة 14 أكتوبر الذي أعلن فك الارتباط والذي لم يخلع بدلة النضال من عام 1963 حتى اليوم .