المرحلة القادمة لا محال عنها ، والرياض اليوم يسيل لعابها للمنصات الدفاعية الروسية وصواريخها ، وتتمنى من روسيا أن تشارك في الحل ، القضية تكمن في الداخل اليمني الأكثر تعقيد ، وشعبه الخانع للأقوياء ، لقد غاب عن الرياض أن اليمن ليس يمن الأمس ، ولم تتصور ممانعة تضاريسه القوية التي حالت دون السيطرة عليه ، الأمور برمتها في المنطقة تسير بما لا تشتهي السفن ، و أيقنت الرياض أخيرا أن جسدها قد يغرق في اليمن . هادي صنيعة الرياض وهي من تحدد فترة صلاحيته ، وقد احتضن خارطة طريق ولد الشيخ التي تحمل في كنفها الحل السياسي والأمني بعد أن رفضها بالأمس ، هادي يتفكك اليوم بعد أن لعب دور تفكيكي للكثير على مستوى الأرض والمؤسسات والأحزاب والشخصيات وكل هذه تستعيد لحمتها وتتحد اليوم . هادي لن يحكم اليمن من الجنوب ولن يحكم الجنوب من الرياض ولن يخرج معه الشعب هناك في صنعاء كما لم يخرج معه الكثيرين هنا في الجنوب ، وليس لديه أكثر مما قدم ، كل هذه الأمور موزونة في رؤوس العقلاء وتدركها جيدا الرياض وهي تؤسس اليوم لتخفيف حدة تمزيق غزلها العنكبوتي في اليمن لا غير ، وتسعى إلى لململة شأنها و أعادة صياغة خطواتها القادمة بما يتماشى وعدم المساس بجسدها . تظاهرات اليوم التي حشد لها أتباع هادي ضد خارطة ولد الشيخ هي أخر مسمار في نعش أفوله السياسي وحشرجته الأخيرة ، يمن هادي الجديد الذي حمله على جناحي شرعيته يتساقط اليوم ، و شعر أتباعه أن سيل عرمرم قادم من صنعاء لجرفهم فسعوا جاهدين لحماية أنفسهم ولكن خلف صفيح متهالك . مصير الشرعية حدده أداءها وقدرتها وطاقتها ، ومحسن الأحمر أدرك أن أللعبه انتهت وقفز سريعا إلى أحضان المؤتمر ، محسن يعرف حجمه جيدا أمام المتغيرات العاصفة ، ويدرك جيدا إن قدراته تتحرك بمقدار ما يضخ لها من الرياض ، وكل الآلاف التي خرجت لهادي بعد تنسيق مضني من قبل كل القيادات العسكرية والمدنية في ما تسمى المناطق المحررة ستذوب أمام أي حشد مليوني موازي لها في صنعاء وبصرخة من السيد أو توجيه من المخلوع . هادي لم يكن وفيا عندما أطلق قادمون يا صنعاء ولم يكن صادقا في القضاء على إيران من صعده ، بل لم يستطع تأمين علاج لمصاب ، وكفن لشهيد ، وراتب للأرامل ، ولقمه تسد بها أمعاء أطفال فقدوا آباءهم في معاركه ، لقد اتجه بالمناطق المحررة إلى حافة العوز والانهيار . الشرعية اليوم بين حوار بلا شروط وحل يبتلعها ، والواقع الجديد ملامحه يتبدى منه بروز ممانعات قادمة ، هذه الممانعات ستجد قدراتها وستنطلق خارج قيود الشرعية المنتهية والى زوال بعد أن يتم تفكيكها ، وستبرز على السطح صيغ جديدة تؤسس لها صراعات عنيفة قادمة . تفكيك الشرعية مطلب مرحلي مهم لنا كجنوبيين كون الشرعيه لا تعني لنا الفردوس الأعلى ، وتفكيكها ليس معناه العلو المطلق لمن يسمون الانقلابيين ، المرحلة القادمة الكل يغزل لها ولكن بصيغ جديدة غير مقيده أو ملزمه وستصنع بالعنف وتدعم به . هذه الممانعة ستطفو على السطح ولن يستطيع أن يحجبها هادي أو مشروعه ، هذه الممانعة لن يستطيع ايضا صالح والحوثيين ابتلاعها ، انها قضية الجنوب شعب وارض وهوية ، ومن عوامل بروزها وجذوة القها تفكيك الشرعية ولا غير ، عندها سيبرز على السطح وبقوه الصراع الحقيقي وهو صراع الجنوبيين مع اليمن وستفتح للجنوب نافذته الحقيقية التي أوصدتها الشرعية . كثير من الساسة ينظرون أن الجنوب مازال يمتلك مقومات الممانعة ولكن بحاجه إلى كثير من الترتيبات ، وصالح والحوثيين أدركوا إن معركتهم مع هادي في طريقها للانتهاء وبداء الإعلام الموجه من قبلهم يتكلم عن الجنوب وشعبه ولكن بلغه فيها الإكبار لهذا الشعب ، هذا الشيء يؤسس أن الجنوب هو الحائل القادم أمام صالح والحوثيين نحو إتمام مشروعهم المتكامل ، واهتمام إعلامهم بالجنوب استباق وتهيئه للمعركة القادمة والفاصلة مع الجنوبيين . الجنوب اليوم حاضن لكل عوامل رفض الاستباحة الثالثة ، وترتيب أولوياته يعتمد على درجة جاهز يته في أحكام سيطرته على كل ما يقع تحت يديه وتسيير ذلك بما يخدم مجهوده القتالي تحت رايته التي يجب أن لا تنكسر . لن ينظر العالم اليوم لرئيس عجوز متهالك استقدم الغير لفرض مشروع يحمل بذور الفتنه في مداه القريب و البعيد للجنوب ولليمن ، ولكن سينظر العالم للواقع الجديد الذي سيفرضه الجنوب عبر ممانعته ، ممانعة الجنوب كفيله بخلط كل الأوراق وتهشيم جهنمية العقل المخطط لصالح والحوثيين ، فهل الرياض تفطن ذلك و تدخل من هذا الباب وبدهاء وتخطط له واقعا من ألان وان كان عن بعد ليستمد من ذلك القدرة على الاستمرار بعد أن ترفع عصاها ، لقد أصبحت الشرعية الباب الغير مثالي ولا جدوى منها لحماية المنطقة ، الشرعية تتفكك ومشروعها سيسقط أكان على مستوى الأقاليم أو الدستور ، والاستحقاق الرئاسي القادم كفيل بتوجيه الضربات القاتلة لهكذا مشروع .وتدارك آخر القلاع ورفدها بكل عوامل الثبات - الجنوب - كفيل في ضرب مشروع صالح والحوثيين وهو مشروع أكثر دمويه وعنصريه وطائفيه وأربأك دائم للمنطقة .