الزائر لثانوية جواس بمديرية مودية محافظة أبين وهو يتجول بين قاعاتها يتبادر إلى ذهنه أنه يزور كلية من كليات جامعة عدن ، إن لم تكن مبانيها أفضل ، ولكن ليس هذا هو بيت القصيد ، فما نحن بصدده هو طاقمها الذي يثلج الصدر ، فهي تتميز بكادر تربوي مؤهل على أفضل ما يكون ، فالدارس فيها لا تصيبه رهبة الوصول إلى الجامعة ، لأنه قد تشربها في جواس التي تتميز بميزة كليات مختلفة مجموعة في هذه الثانوية ، ففيها فطاحلة اللغة العربية ، الذين يجوبون بك صحراء العرب فتراهم يطلبون منك الوقوف معهم على الأطلال ، فهذا يسمعك صليل سيف عنترة وذاك يريك ملك امرئ القيس الضائع ، وتعيش معهم الحب العذري ، فتراهم يجوبون بك مراتع الصبا لجميل وبثينة ، وشطحات عمر بن أبي ربيعة ، وآخر يريك خطوات الشنفرى الكاذبة ، وهلم جرا ، وتستقصي معهم الأمثلة بحثاً عن تقعيد اللغة ، ومن بين قاعاتها تسمع لغة الأعاجم على لسان خيرة مدرسي هذه اللغة ، فتسمع تحية الصباح : جود مورنيج وغيرها من عبارات العجم ، أما علومها المختلفة فلها أساتذتها الذين يبهرونك بأدائهم الراقي ، فذراتهم وعناصرهم ومعادلاتهم وقوانينهم التي يوصلونها لطلابهم سهلة ميسرة ، فيتهيأ من جواس الطبيب وعالم الذرة ، وأستاذ الجامعة والمدرس الناجح ، ومن بين الوحيين نستنبط الأحكام الشرعية مع خيرة مشائخها ومدرسيها المتخصصين في هذا الجانب ، أما تاريخ السعيدة ففي جواس لا يأتيك إلا منقحاً صافياً . وكل ما في جواس لا يصدر إلا عن جهابذة ، أساتذة كبار قد ارتقوا في مراتب العلم ، فتخصصوا فأبدعوا فجاءت ثمار بذرهم يانعة حلوة المذاق ، فجواس ثانوية يشار لطلابها بالبنان في مختلف الكليات اللائي يذهبون للدراسة فيها ، ولقد تعاقب على إدارتها إدارات مجربة ، وما إدارتها الشابة اليوم إلا ثمرة من ثمار هذه الثانوية ، وما أساتذتها إلا ثمرها اليانع الناضج الذي استوى بين قاعاتها فجاء حلو المذاق ، طيب العطاء ، مميز الأداء ، فمن أراد المناطحة فليأتيني بمثل كوادر جواس . إن كلامي عن جواس ليس من باب المفاخرة- فحسب - أو أن أحط من قدر أخواتها الأخريات -حاشا وكلا - ولكني أتحدث عن جواس كتاريخ ، وعلم وكادر ، ومبنى ، ومخرجات ، وأجمل مافي جواس طاقمها الذي ولد من بطنها ، فرضع من ثدييها ، وهاهو اليوم الابن البار بها ، ومن هنا نطالب السلطة المحلية ومكتب التربية في المديرية ، والمحافظة تكريم كل طاقم الثانوية بدءاً من حارسها حتى مديرها ، وأعتذر لثانوية جواس لأني قد قصرت في إعطائها حقها في مقالي هذا .