سؤال يطرح نفسه ، من هم المتقاعدون ؟ المتقاعدون هم من يفترش الطرقات للمطالبة برواتبهم ، هم الذين سخر منهم باجمال ذات يوم ونعتهم بالشريحة الميتة ، المتقاعدون هم من يتزاحمون على أبواب البريد بحثاً عن الذل أعني الراتب ، المتقاعدون هم من يستلمون أقل المرتبات ، ولهم في الزيادة النصف والنصف كثير ، المتقاعدون في الحقيقة يا سادة هم : الجهاز الإداري والعسكري الذي كان ضابطاً دولة بمؤسساتها ، دولة يُشار إليها بالبنان ، دولة مازلنا نتباكى على نظامها الإداري ، المتقاعدون ياوزير التأمينات هم من كانوا يأتون إلى مرافقهم في الصباح الباكر ولا يغادرونه إلا آخر النهار . المتقاعدون يا حكومة هم الدولة التي كانت في الجنوب ، هم المرور الذي كان ينظم الحركة في الشوارع والجولات ، هم الأطباء المناوبون في المستشفيات لتطبيبنا مجاناً ، هم المعلمون الذين لا يبرحون مدارسهم إلا مع منتصف النهار ، المتقاعدون هم الذين كانوا يشغلون المكاتب الإدارية لخدمتنا ، هم من كنا نضع معاملاتنا عندهم ونذهب ويتولون الأمر بأنفسهم ، هم الذين كانوا يرون الرشوة جريمة هم الذين كانوا يرتبون ويزينون الوطن لنا ، المتقاعدون هم جيش كان زائيره يصل إلى كل ذرة تراب على أرض الجنوب ، فيرعب الأعداء ، المتقاعدون اليوم هم من يتعرضون للذل والمهانة بكل أصنافها وأنواعها . المتقاعدون هم الذين مر عليهم أربعة أشهر وهم بدون معاشات ، المتقاعدون هم مجموعة هموم وأحزان ، هم من يضربون عن الطعام لتلتفت الدولة لطعام أبنائهم ، المتقاعدون هي الشريحة التي حرمت من حقوقها التي استقطعتها الدولة من مرتباتهم عندما كانوا هم الدولة ، المتقاعدون هم الذين كانوا يسهرون للننام ، هم الذين كانوا يبتسمون في وجوهنا عندما نأتي بمعاملاتنا ، هم من قضى أحلى سنوات حياتهم ليبنوا وطناً يحترم الإنسان وخاصة عندما يصل إلى سن التقاعد ، فيا سيادة الرئيس المتقاعدون ثم المتقاعدون ثم المتقاعدون ، وأحذروا من دعوة المظلوم فليس بينها وبين الله حجاب ، أتقوا دعوة الجوعى ، وأحذروا من الحليم إذا غضب ، أخيراً قبلة أطبعها على جبين كل متقاعد ، وأقول لهم : اصبروا فإن الله مع الصابرين ... والفرج بإذن الله قريب ، قولوا : آمين .