فمن خلال قراءتي السريعة لمبادرتكم التي طرحتموها كمخرج أو حل الأزمة في اليمن.. يمكنني ان أعقب عليها بعدد من النقاط على النحو التالي :
1 - المبادرة لم تحمل جديدا مفاجئا يستحق الانبهار .. أو اعتبارها تقدما نوعيا في الخطاب السياسي والاجتماعي الشمالي تجاه الجنوب.. حيث انه كان الواجب عليك والتزاما بالأمانة العلمية والأدبية والأخلاقية نسب بعض الأفكار المنثورة في محتويات المبادرة إلى أهلها مثل الدكتور احمد شرف الدين رحمه الله وكذا الدكتور عبدالملك المتوكل رحمه الله أو الأستاذ القدير اللواء عبدالقادر علي هلال.. رحمه الله.. وبالمناسبة كل المذكورين تم استهدافهم وتصفيتهم جسديا بطريقة أو بأخرى..؟؟ وبالتالي هل سألت نفسك لماذا تم تصفية هذه الشخصيات الوطنية والشمالية.. بحيث تقنعني ان الشمال فعلا نخبة وقواعد ومجتمع يؤمن بحق الجنوب في حريته وتقرير مصيره.. كما ورد في مبادرتك ؟! هذا من ناحية .
2 - من ناحية أخرى .. المبادرة تضمنت الكثير من الرصف الإنشائي الذي نتفق في بعضه ونختلف في معظمه.. وفيه تعبر بوضوح عن رأيك وتحيزك في محاولة سياسية لإنقاذ القوى التقليدية في الشمال وهم : (1- العسكر 2- المال السياسي 3- القبيلة 4- رجال الدين 5- المنظمات المدنية المؤطرة ..) -والذين تتظاهر طبعا على انك تناضل ضدهم - بينما أنت في مبادرتك والتي ستنطلي في ضني على كثيرين من الدوغمائية الجنوبية - تحاول إنقاذ تلك القوى من الفناء أو الاحتراب الذي قاب قوسين أو ادني انه سيكون حقيقة مُرة لابد منها في الشمال طال انتظارها لدى الشعب في الشمال للتخلص من كل أدوات ومعاول الجبر والتسلط والإكراه والاحتكار.. وبالتالي تحويلها إلى صفحات في بطون الكتب ورفوف التاريخ .
ومبادرتك يبدو أتت في اتجاه محاولة احتواء هكذا مصير وموقف.. وهذا حق طبيعي لك ولكل الأدوات التي لازالت تفكر انه بإمكانها الإبقاء على السلطان العضوض في الشمال مجتمعاً ودولة.
3 - ولكن بشأن مبادرتك بودي ان أذكرك إني جلست معك شخصيا قبل مؤتمر الحوار الوطني - تحديدا عندما تم تشكيل لجنة التواصل والاتصال والتي كان فيها الأستاذ الدكتور ياسين سعيد نعمان والمرحوم الدكتور عبدالكريم الارياني وبن هلال المذكور سلفا.. وذلك على هامش زيارتي لصنعاء للجلوس مع السيد جمال بن عمر وللجنة المذكورة (الاتصال والتواصل) .. ودعيتني إلى مقر عملك في منطقة دارس شمال صنعاء.. وتكلمنا بشأن القضية الجنوبية وتحدثت أنت عن الواقع في الجنوب ولمحت إلى ما تعتبرونه وغيركم عنصرية الجنوبيين من ناحية ؛ ومن ناحية أكدت على أهمية الوحدة وضرورتها وانه يفترض ان مشكلة الجنوبيين مع النظام الحاكم وليس مع الوحدة واواوا الخ. وعقبت عليك بما يؤكد على ان مشكلة الجنوبيين مع الوحدة نفسها وإنها كانت خطأ وارتجال تاريخي لم يكن ليحدث لولا جملة من الظروف الموضوعية الزمانية والمكانية والتي دفعت في اتجاه وحدة اندماجية رغم وجود ازدواج حد التصادم وانفصام حاد بين مفهوم الوحدة في الخطاب السياسي والاجتماعي وبالتالي القرار الجنوبي ؛ وبين مفهوم الوحدة في الخطاب السياسي والاجتماعي وبالتالي القرار الشمالي .. وبينت لك جملة من المفارقات التي توضح ذلك .. الخ. وفي هذا الصدد ومرتبط بمبادرتك وهو ما قد يمثل عند البعض فكرة جديدة : طرحك لفكرة إقامة (حوار شمالي شمالي يقابله حوار جنوبي جنوبي) وبشأنه :.. لازلت أتذكر جيداً إني طرحت هذه الفكرة عليك.. في معرض تعقيبي على كلامك بأن الحوار المرتقب ..(سيحل القضية الجنوبية.. ) . وقلت ان القضية الجنوبية "قضية وطنية" وإنها وقضية صعدة سيحلان على حدٍ سواء في حوار.. حينها عقبت عليك.. ومما قلته لك وقبل ذلك للأستاذ الشهيد اللواء عبدالقادر هلال وأتذكره بالنص : .. ان التعامل مع القضية الجنوبية على أنها قضية وطنية ولو تم تصنيفها كأم وكبرى القضايا اليمنية.. لن يمثل أبدا مدخلا لحلها وانه لن يسهم في حلها أبدا . بقدر ما سيسهم في مزيد تعقيد الأمور وتأزيم الواقع وان ذلك لن يكون في مصلحة الشمال ولا في مصلحة الجنوب.. الخ ؛ وأتذكر ابتسامتك التي بدت ساخرة يومها وأنت تقول : وما الحل في نظرك؟! قلت لك : الحل أولا يكمن في الاعتراف بها ك(قضية دولة مفقودة..) وبالتالي لابد من إقامة مؤتمري حوار متزامنين متوازيين برعاية دول مجلس تعاون الخليج العربي وجامعة الدول وتحت غطاء قرارات دولية راعية ضامنة فارضة وان مخرجات المؤتمرين هي التي يتم التفاوض بشأنها في غرفة مشتركة بين الشمال والجنوب على طاولة ثنائية (ودية ندية) وبرعاية إقليمية وعربية ودولية..الخ وهو ذات الطرح الذي طرحته على (.. هلال) وبحضور عضوة التواصل والاتصال وزيرة الإعلام في حكومة باسندوة لاحقاً نادية السقاف وكان معي الأخ الشيخ محمد مهدي سالم - شبوة.. وكان من مقرر ان يكون معنا إلا انه تأخر الدكتور شريف الهاشمي - الضالع.. وأتذكر انه بعد ان أصر هلال على اعتبار القضية الجنوبية قضية وطنية متحججا بأن هذا تصنيف الرئيس هادي والدكتور ياسين سعيد نعمان للقضية الجنوبية.. إلا انه ألح على الأستاذة نادية السقاف قائلاً : دوني كل ما يقوله المنصوب. هلال .. وبعد ان دخل الحوثيين صنعاء وتم الانقلاب اقتنع بالفكرة التي طرحتها عليه وهي : إقامة حوار (يمني يمني) يتم بعد حوار جنوبي جنوبي وحوار شمالي شمالي متوازيين ومتزامنين.. وكان قد دعاني إلى أمانة العاصمة صنعاء والجلوس بشأن إمكانية تنضيج الفكرة حتى تحين وكان يشعر أنها قد حانت وانه لابد من دراسة الفكرة.
الشاهد.. إنكم ترفضون ولازلتم وستضلون ترفضون ك (نخب) الاعتراف فعليا بالقضية الجنوبية كقضية دولة مفقودة..وان الواقع القائم على جغرافيتها قائم بفعل منطق السيطرة والتحكم.. وان ذلك وفق مبدأ الضم والإلحاق ("جبري - احتلالي") الخ.. لأنكم تدركون المترتبات على حوار يعترف سلفا بالقضية الجنوبية كقضية دولة واحتلال . وتستبطنون جميعاً فكرة ان : الجنوب فرعً لأصل.. وانه كجغرافيا شرد من زمن وقد يشرد إلى حين .. وهذا بالمناسبة أيضا لازال قائما حتى في مبادرتك والتي وان كنا نعتبرها مؤشرا ايجابيا في تحول الوعي السياسي والاجتماعي في الشمال.. ولكن للأسف بعد ماذا.