في النصف الأول من القرن الماضي كانت منطقة يافع الساحل تزرع مختلف أصناف الحبوب التي يعتمد السكان في غذاءه عليها .. منها حبوب القربة والبيني والجلجل والذرة الشامي والدجر والقليل من الخضار مثل القرع والبطيخ البلدي قبل زراعة الموز ومختلف أنواع الفواكه التي تزرع حالياً في الصيف والشتاء .. حيث كان " السبول " يضرب بالملباج وسط المزرعة لفصل الحبوب عن السبول ويصفّى بالمنخل من الشوائب والتراب ، ويعصر الجلجل في عود المعصرة يدور حولها الجمل وربة البيت تطحن الحب على حجر "المرهاه" وبعد طحنه تخبزه في الميافي ويسمى مخلّم لذيذ المذاق وخصاره عادةً من: (اللبن أو الحقين أو البيض أو الويكة مع البقل)، ومختلف أنواع الأسماك الواردة من شقرة على ظهور الجمال أو الحمير عبر طريق الطرية. السكن:
كانت العشش المتناثرة سكن للفقراء يتعرضون فيها للحرارة والرياح والأمطار في الصيف والبرد في الشتاء وتحيط به حضائر الحيوانات، ونتيجة لعدم وجود المراحيض في السكن يضطر الرجال لقضاء الحاجة في المزارع وتحت الشجر بعيداً عن الأنظار .. أما النساء فيقضين الحاجة في الوديان حيث مواقع أشجار الحطب خلف "شّوّنْ" القصب وفي المساء داخل حضائر البقر ومن شدّة لسع البعوض ليلاً يدهنون أجسامهم بالسليط أو يشعلون النار في المواقد بيابس مخلفات البقر لأن الدخان يطرد البعوض ( بدل شباك النامس حالياً ) ويغتسل الرجال في القنوات والأعبار .. أما النساء فيجلبن من الآبار الماء في جحال على رؤوسهن ويسكب في زير البيت بجونية ملفوفة حوله ليحافظ على ماء الشرب بارداً (ثلاجة زمان) ، وزير أخرى بجانبه للغسلة والاستعمال وتغسل المرأة شعر رأسها بالويكة والحرقى (شامبو زمانها) وبعد أن يجف الشعر تطليه بمسحوق الحنّاء (تجميل) وفي الصباح الباكر تجهّز الفطور وتصحّي من النوم بعلها لتقدم له (كِسره) فطار ثم يتوجه للعمل حاملاً الحجنة والفأس والمصرب ويركب الحمار أو الجمل ويسوق الغنم والبقر والكلب يجري بعده يعيد الشاردة من البهائم إلى أخواتها حسب إشارة أوامره . وبعد الظهر تأخذ الزوجة غذاء أبو عيالها برفقة عدد من النساء الذاهبات لجمع الحطب والفلك والبعض يحملن القصب وبعدهن عدد من الكلاب تلهث وتحميهن من اعتداء الأشرار ، وعند العودة مساءً وعلى رؤوس البعض الحطب والبعض الآخر العلف والقصب وهنَّ سعيدات يرددن الأغاني الشعبية والأهازيج وترى الثياب أمامهن قصيرة إلى الركب ومن الخلف ذيله طويلة نصف وار بعدها يسحب في التراب وتشاهد الغبار بعدها يتطاير عالياً والشخص من بعيد كأنه يشاهد غبار مكينة حرارة تحر وليس غبار ذيله نساء والأنف مخروم ويثبت فيه مقطي من الفضة ويعتقد أن ثوب المرأة القصير من الأمام والطويل من خلفها وخرم الأذن والمقطي في أبين مستوحاة من النساء القادمات من مديرية حجر حضرموت. تلك كانت حياة نساء أبين جلب الماء والحطب والقصب على رؤوسهنَّ عكس نساء يافع اللاتي يحملن الحطب والمحاصيل الزراعية وإرب الماء من جلد الغنم وصرّه جلد بقر فيه السبول والحب على ظهرها إلّا إن الرجال والنساء في الساحل والجبل جميعاً توحدّوا في قطع المسافات الطويلة سيراً على الأقدام الحافية. وبنا بعض سكان الساحل مهند طوَّرهُ من أشجار الأثل والسقف من ضباع الخصى يحمي أفراد الأسرة من الأمطار والعواصف وبرد الشتاء ، وبنا إمام المهند صبل مفتوح من كل جانب تجلس الأسرة في جزء تحت ظله والجزء الآخر للصعد مآفي وخارجه الحطب .. أما المقتدرون من السكان فقد شيدوا منازلهم من اللِبن يطلى من الداخل بالخلب وتخلط بأوراق الأثل ومخلفات البقر .. نذكر أسماء بعض من بنوا منازلهم من اللبن في منطقة باتيس وهم: الحاج/ كرف بن قاسم (2) الشيخ/ بالليل الرهوي (3) الحاج/ محسن عبد الله الجريري وفي منطقة الحصن: (1) السلطان عيدروس بن محسن تحت جبل المنقاش غرباً (2) الشيخ/ حيدرة منصور (3) الشيخ/ زيد بن علي حيدرةالعطوي (4) الحاج/ سعيد محمد حيدرة (5) الشيخ/ علي عاطف الكلديوأخيه الحاج/ منصور عاطف ، وفي جعار (1) محمد عبد الله المطري (2) الحاج/ محمد مقبل العريقي والاثنين في شارع الحدادين والمقاهي سابقاً. وبعد استكمال بناء مشروع دلتا أبين مُنح الحاج/ المطري ترخيص حيازة المتفجرات فباشر بتفجير الجهة الجنوبية من جبل خنفر والجبال المحيطة بالمدن وباع الحجار على المقتدرين من السكان ففي الحصن (1) بنا السلطان/ عيدروس منزله ومنزل ولده النائب/ محمد عيدروس فوق جبل المنقاش (2) وبنا الشيخ/ حيدرة منصور والحاج/ كرف بن قاسم منزليهما فوق القرن لبيض شرق مدينة الحصن (3) وبنا الأمير/ عبد الله أبو بكر العفيفي منزله في مزرعته خارج مدينة الحصن. وفي جعار (1) بنا الحاج/ محمد عبد الله المطري منزله الثاني ولكن من الحجر (2) الحاج/ صالح علي الوالي (3) والحاج/ زيد العوادي وإخوانه (4) والحاج/ عبد الله السقاف رحم الله من ذكرتهم جميعاً وتركوا أثراً طيباً ويحفظ الله الباقي منهم على قيد الحياة الشيخ/ زيد بن علي العطوي اطال الله في عمره بإذن الله تعالى هكذا يدور الزمن على الجميع ونحن جميعاً بعدهم في الطريق إلى المقابر يحملون وندعو الله سبحانه وتعالى بحسن الخاتمة . ومن شارع الحدادين انطلق الحاج/ العريقي وبنا ثلاثة محاريق للنوره في الطرية شرقي عبر عثمان لسد حاجة طلب السكان وبنا محراق رابع جنوب جعار وأطلق على تلك المنطقة حتى الآن منطقة المحاريق نسبة لمحراق محمد مقبل العريقي ومحراق خامس شمال شارع جمال بجعار لا أعرف اسم مالكه وبعد توفير النوره كانت البيوت تطلى بمعجونها قبل توفر الإسمنت للبيع في جعار .. وحدث تطور ملفت في حياة السكان بفضل جهود من أسسوا لجنة أبين الزراعية والنظام الذي أسسه الإنجليز في المنطقة وتأثر السكان والتزم به. وفي منتصف القرن الماضي قامت شركة بترول بحفر بئر في شمال مدينة جعار ثم دفنت أنابيبها بالإسمنت دون الإعلان عن النتيجة للجمهور الذي كان يعلق آمالاً كبيرة عليها إلى جانب زراعة القطن في ذلك الزمان. وفي عام 1985م بنيت منزلي الصغير ومن طابق واحد مقابل منزل المطري صاحب الحجار والعريقي مالك النورة في شارع الحدادين والمطاعم الشعبية الخالي من السكان في المساء إلًا من الكلاب والقطط الضالة تتصارع على العظام وفضلات الطعام .. ثم تطور الشارع بعد ذلك وتغير اسم الشارع من شارع الحدادين إلى شارع النساء والذهب ..... مع اعتذاري عن أي تقصير.....