رسالتي إلى الحضارم المنهزمون نفسياً الذين ابتليت بهم حضرموت منذ قديم الزمان، فهم الخطيئة التي تتكرر في كل مرة، مع اختلاف الزمان فقط، وتطور وسائل التعبير عن الهزيمة النفسية وتقديم التنازلات، لتبدو متماهية مع العصور المختلفة، مع التأكيد على أن تأثير الانبطاح والإنهزام في الماضي يختلف عن التأثير الواسع في عصر السماوات المفتوحة.. عندما قرر التتار بدئ معاركهم التوسعية في العالم الإسلامي عام 617ه بإحتلال وتدمير المدن الإسلامية كان للمنبطحين، والمتخاذلين، دورهم المخزي في نقل الشائعات التي تعلي من شأن قوة التتار، وتحط من معنويات المسلمين، بسبب خوفهم على حياة رخيصة خيوطها بيد محتل همجي، وقرر هؤلاء المنبطحين عدم مواجهة التتار أيضا، مفضلين الموت بمذلة على الموت بشرف وبسالة لأفرق بين المنبطحين الحضارم والمنبطحين في عهد التتار فجميعهم منبطح وبائع وخائن لبلده .. ومن القصص التي رواها أبن الأثير أن "التتري كان يدخل القرية بمفرده، وبها الجمع الكثير من الناس، فيبدأ بقتلهم وأحداً تلو الآخر، ولا يتجاسر أحد المسلمين أن يرفع يده نحو الفارس بهجوم، أو دفاع ويروي أبن الأثير أيضاً أن رجلاً من المسلمين قال له: كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلاً في طريق، فجاءنا فارس وأحد من التتر، وأمرنا أن يقيّد بعضنا بعضاً، فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم، فقلت لهم: هذا وأحد فلما لا نقتله ونهرب فقالوا: نخاف، فقلت لهم: هذا يريد قتلكم الساعة فنحن نقتله، فلعل الله يخلصنا، فوالله ما جسر أحد أن يفعل ذلك، فأخذت سكيناً وقتلته، وهربنا فنجونا.. عندما يوجد من يخذل الحضارم من بينهم، ويخوفهم بالعدو، ويعلي من قوته لينشر الهزيمة المعنوية بين أبناء أمته، ممتطياً المنابر الإعلامية، ومستغلاً مكانته المرموقة، فلا يعكس ذلك سوى الجبن، الذي وصل إليه بعضهم، والحقد الذي وصل إليه البعض الآخر، ممن يرى أن حضرموت ضعيفة لأتستطيع قياده حالها إلا بمساعده وتبعية غيرها .. وينبغي على ابناء حضرموت أن يغرسوا في أبنائهم قيم التضحية، وعدم الخوف من العدو مهما بلغت قوته، عندما يتعلق الأمر بقضية عادلة، لا تقبل المساومة، حتى نرى جيلاً لا يخاف التخدير الإعلامي، والحرب الدعائية التي تنتشر لإرهاب الحضارم وإخضاعهم بشكل ناعم للأمر الواقع، من منطلق اليأس الذي يزرع كل لحظة، في ربوع حضرموت .. عندما قرر الخليفة العباسي المعتصم بالله فتح مدينة عمورية، أخبره أحد العرّافين أنه سيهزم، في حال قرر خوض المعركة، وعدم التريث لعام آخر، لكن إرادة الخليفة المعتز بهويته، لم تستسلم للدعاية النفسية، وكان النصر حليفه في معركة دونتها كتب التاريخ، وأضحت درساً تتناقله المعاهد والمدارس، على أمتداد قرون من الزمن، وما زالت حتى يومنا هذا،وهذا الدرس لأبد أن يتعلم منه الحضارم ..