لا شك بان الجميع يدرك ما حدث وما قد سوف يحدث في المستقبل القريب للأسباب التي حالت دون استقلال الجنوب العربي إلا أن التاريخ لم ينته بعد ، كما يظن البعض من الجنوبيين في حكومة الشرعية والموالين لها الذين يروجون ويسوقون لمشروع الأقلمة ، هؤلاء الغافلين عن الحقيقة القاطعة والهامة التي تؤكد أن يقظة شارع الجماهير الجنوبي في كل المراحل والمناسبات قادرة على إسقاط أي مشروع سياسي يستهدف الوطن والهوية .
وبالرغم من قصور الوعي السياسي أمام حجم المؤامرات الناتجة عن مصالح التدخلات الخارجية السياسية والدينية التي وصلت بالمقاومة الجنوبية إلى أسوأ الحالات حين تحللت إلى فرق وميليشيات مناطقية وطائفية ، ما أفقدها كل مضامينها التحررية وفتح الأبواب والنوافذ على مصراعيها أمام احتمال نجاح الثورة المضادة .
وما يترافق أيضا على الصعيد الخارجي حيث صبت الظروف الموضوعية العربية والدولية في غير صالح الثورة الجنوبية وسهلت إلى صعود الثورة المضادة .
فوق كل ذلك أيضا فواقع المرحلة يقول أن الثورة المضادة ، لم تصل إلى خواتيمها بالسيطرة على ثورة الجنوب وضمانة إجهاض أهدافها .
بفعل عوامل عدة ، أهمها أنه لا يزال يتعين عليها أن تثبت قدرتها على البقاء ليس من خلال تعيين مناصب جنوبية او شراء ذمم من لا ذمم لهم ، ولا من خلال توفيرها ابسط مقومات الحياة ، بل أولا وأساسا أنه ليس في وسعها تحقيق أي قواعد شعبية في الجنوب لأن المساحة المتوافرة لها ليست كبيرة لتحقيق ذلك فالمساحة المتوفرة شعبيا هي للمجلس_الانتقالي_الجنوبي .
ومن زاوية اخرى إذ نظرنا إلى أهم عوامل نجاح أو فشل الثورة و الثورة المضادة ، نجدها تعتمد بالدرجة الأولى على عاملين إثنين . الاول . مدى قدرة أصحاب الثورة في الدفاع عن ثورتهم من خلال تحصينها بالدعم الشعبي الكامل . الثاني . توفير الظروف الخارجية الملائمة .
هنا نجد أن العامل الأول موجود بالنسبة للثورة الجنوبية وهو الاهم ، فيما العامل الثاني مفقود . والعكس صحيح بالنسبة للثورة المضادة .
على هذا الاساس فان المرحلة اليوم تلزم بل وتفرض على الشباب السياسي الجديد أن يجنب الوطن والأجيال الضياع النهائي ، من خلال العمل على التأسيس لوعي سياسي وثقافة ثوريه تحررية تستثمر وهج شارع الجماهير الثائرة ،
لتصنع طفرة ديموغرافية تضمن بأن يكون الشعب الجنوبي بمثابة أسرة كبيرة تسكن في بيت كبير يمتد من المهرة إلى باب المندب.