هناك نظرية خاطئة نمارسها في هذا الزمن الذي نقول عليه الزمن الرديئ وهو ليس بالرديئ فالزمن لا يتغير مثله مثل ماء النهر الجاري كل يوم يتجدد دون أن نراى التجديد عليه لأنه يحمل نفس الصفات ونفس الشكل وبنفس المجرى يمر. لكن التغير الذي نراه عليه نوع الناس والأشياء الذي يصنعها الناس لتطفو على سطح الماء أما صالحة تنفع الناس كالسفن التي تنقل البضائع وتنقل الناس من مكان إلى مكان أو فاسدة كرمي القاذورات ومخلفات الناس والحيوانات للتخلص منها فتشوة منظر صفاء الماء وتفسد لونه ورائحته وتنقل الأمراض. إذن الزمن لا يتغير بل يتجدد ولكن أهل الزمان هم الذين يجعلونه رديئ أو ناصع . نسمع من كل فاه إذا اُصيبت البلاد والعباد بمحنة الحرب أو القحط أو أي من الكوارث الطبيعة أو الغير طبيعية بقولهم صفوا قلوبكم ويرددون الآية ( أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) . طيب إذا كنا كلنا نقول ذلك صفوا قلوبكم فلمن نوجه الكلام ومن هم الذي فسدت قلوبهم ليصفوها . ننصح الناس ونطلب منهم يصفون قلوبهم . فهل المتحدث صافي القلب ؟ أم مجرد أنه يضع نفسه في مصاف الناصحين العارفين وغيره هم الغافلين . النظرية الخاطئة هي تلك النظرية التي يرى الإنسان فيها نفسه دون سواه . يرى أن : الكل سارق وهو الأمين . الكل فاسد وهو الصالح . الكل خبيث وهو الطيب . الكل غبي وهو الذكي . الكل جاهل وهو المتعلم . الكل زاني وهو العفيف . الكل عاق وهو البار . الكل خائن وهو الوطني . الكل ضال وهو المهتدي . الكل كاذب وهو الصادق . الكل جبان وهو الشجاع . الكل فاشل وهو الناجح . الكل أعمى وهو المفتح . الكل أصم وهو السامع . وسيل دافر من الكل مخطئ وهو الوحيد المصيب . والبعض يأخذها من باب . الدال على فعل الخير كفاعله . صحيح الدال على فعل الخير كفاعله في الأجر ولكن لا تكتفي أن تكون دال في كل الأوقات وأنت تملك القوة والاستطاعة لفعله فالمبادر لفعل الخير بيده أو الساعي لفعله هو أفضل من يدل عليه من الذي فقط يدل عليه بلسانه وهو جالس ويملك الاستطاعة . أنظر للناس بعين التفائل وأنهم مثلك في الصفات التي تحبها وإبداء بنفسك في تصحيحها وتغييرها فأن التغيير النفسي والفكري للأفضل هو أفضل جهاد تقوم به وأقوى جهاد هو جهاد النفس الأمارة بالسوء وكبح جماحها فالناس تقتدي بأفعال الفاعلين أكثر من إقتدائهم بأقوال المتقولين فقط . ولا تكن كمن ينصح ويخطب ويقول للناس خذوا بأقوالي ولا تأخذوا بأفعالي . إذا صاحب القول الصائب عمل صالح كنت خير من يقتدي به . فقد كان معلم البشرية الهادي المهدي السراج المنير صل الله عليه وسلم يبادر بالفعل أكثر من القول ولكم في رسول الله أسوة حسنة . والله الهادي لما يحبه ويرضاه .