في موضوع الماوري بشأن الفيدرالية وخياراته لحل القضية اليمنية كما سماها التي يرى حل القضية الجنوبية كفرعية من القضية الأم حسب رأيه ... لا نسفّه رأياً نخالفه ... لكننا نحاججه ، نعلم أن الإنسان في رأيه تتجاذبه قوى مؤثرة على استمالة رأيه ، مثل المصلحة والمشاعر والرغبات أو ( النفس الأمّارة بالسوء ) ولا يخلوا إنسان من ذلك ، وبالعقل عند العودة له نستطيع إدخال تعديلات أهمها ما تسنده حقائق الواقع والتاريخ وغيرها من المؤثرات ، بالنظر للقضية الجنوبية والقضية اليمنية .. ربما يعود الإختلاف في مشاريع الحلول – للخلاف الإساسي مع رأي شمالي خلقته ثقافة مخالفه لقواعد التاريخ ، فمثلاً الشماليون يعتبرون الجنوب جزء لا يتجزء من اليمن !!! إعادته وحدة 22مايو1990 للأرض الأم ... والجنوبيون لا يعترفون بهذه المقولة ويعتبرونها اعتسافاً للواقع والتاريخ ، ويقولون : أن اليمن تسمية جهوية تشمل جزء كبير من السعودية إلى جانب دول الخليج وعمان وجنوب الجزيرة ، وإن اليمن كتسمية حاملة لهوية سياسية لم يأتي إلا بعد إسقاط الدولة الإدريسية في تهامه من قبل الإمام وبمساعدة عبدالعزيز آل سعود ... حينها كان الجنوب يحمل هوية سياسية أخرى لا علاقة لها بالهوية اليمنية ، وظل يحملها حتى جاء استقلال الجنوب في 1967م في ظل صراع داخلي دامي وإقصاء كثير من القوى الجنوبية الفاعلة وانتصار التيار القومي الذي دخل في زعامة كثير من الأخوة الشماليين ، وكان لهم الدور الأساسي وبمساعدة الفكر القومي على ( يمننة الجنوب العربي ) وقتها عن طريق التسمية لدولة الاستقلال عام 1967م . ثم لا يستطيع ذو عقل نكران التاريخ الانقسامي لهاتين المنطقتين وما ترتب على ذلك من اختلاف جوهري في مختلف النواحي .. أنتم ترون هجرة تعز إلى عدن وبقية مناطق الجنوب بمثابة حجة على يمننة الجنوب ونحن نرى أن هذه الهجرة قد عدننةتعز ، وعليه فنحن في الجنوب كنا ولازالنا أكثر وحدوية وقومية لكننا لا نقبل وحدة تذلّنا ، وهذه الشيمة العربية أخرجت جبلّة أبن الأيهم من الإسلام – دين الله سبحانه وتعالى .. فلا تلوم الجنوبيين إن خرجوا على وحدة مع قوم لم يتخلّصوا حتى اليوم من مؤثرات الثقافة السبئية ، تلك الثقافة التي تنبعث رواسبها من خلال مشاريع حلول ما تسمى المشكلة اليمنية ، التي ينظر فيها للجنوب وكأنه محافظة من محافظات الجمهورية العربية اليمنية ، إنها الثقافة التي اذاقتنا صنوفاً من المعاناه والقهر وأٍساليب الإذلال ، والتي توقر صدور الجنوبيين وتدفعهم للعودة إلى ما كانوا عليه قبل الوحدة بل والإستقلال .
مسألة أخرى تتداول على ألسنة بعض العرب ودول الهيمنة حول الالتزام بوحدة اليمن !! أي منطق هذا ؟؟ الجنوبيون لم يفوضوا أحد بشأن تقرير مصيرهم ... أعلموا أن كل رأي ينكر حق الجنوبيين في تحديد خيارهم الذي يرتضوه إنما يمثل معول هدم ما تبقى من حب للوحدة في نفوس البعض من الجنوبيين ونحن منهم ... سمعت ردود أفعال في الجنوب تجاه تصريحات وتلميحات شمالية وإقليمية ودولية .. استطيع القول أن منطق بعض قيادات شباب الثورة على سبيل المثال تصريحات المناضلة توكل كرمان وشوقي القاضي وقيادات شباب الساحات (خارج هيمنة المشترك) هم وحدهم اذا صدقوا في ما يقولون وانتصروا يمكن قبول الجنوبيين بفيدرالية الإقليمين ... غير هذا لا مستقبل لإستمرار الوحدة تحت أي شكل ليس هذه رغبتنا لكنها قراءة للواقع الجنوبي من داخله – صحيح هناك بعض الأصوات لبعض فروع القوى السياسية في الجنوب تعبّر عن رأيها السياسي الذي قد يختلف مع عواطفها المرتبطة بالأرض والإنسان الجنوبي ، وما يجري فيها من فضائع بأسم الوحدة وهم في الأخير سينحازون لأهلهم .
أحترم قلم الأخ الماوري ولكن لكل حصان كبوة ، وكبوة الماوري أنه بعيداً عن مجريات الواقع اليومي ، حيث أرتفع جدار الكراهية والانكسار النفسي تجاه الوحدة وتحطّمت آمال الجنوبيين بفقدانهم حقوقهم المكتسبة بدلاً من طموحاتهم في وحدة تحقق لهم مكاسب جديدة ترفع مستوى حياتهم المعيشية ... لا تعلم أخي الماوري ما نواجهه نحن دعاة فيدرالية الإقليمين من صعوبات في توصيل رؤيتنا في ساحات ومقايل عدن وأثناء الندوات السياسية .
نصيحة صادقة لا تسدوا المنافذ على الجنوبيين فيندفعوا في الاتجاه المدمّر ، وأعلموا أن الجنوبيين لن يرضخوا لمصالح القوى الإقليمية والدولية بشأن مصيرهم وهم يستطيعون بناء دولة تحفظ حقوق سكّانها وتتعاطى مع مصالح الآخرين في المنطقة بصورة أكثر إيجابية من نظام 7 يوليو ومن يرثه ، ذلك أن الجنوبيين ورثة دولة نظام و قانون بغض النظر عن بقية مساوئها ... نتوقع من شباب الثورة الخارجين عن هيمنة المشترك إن انتصروا أن يبنوا دولة نظام وقانون كظاهرة جديدة في اليمن ، ذلك أنهم عانوا من اهانات الثقافة السبئية من ناحية وتلقّحوا من بالثقافة المدنية من ناحية أخرى ، ندعوا الله أن يوفقنا لما فيه خير البلاد والعباد .