يحار من يتابع الأخبار في القنوات الفضائية عن واقع حال الانتخابات, فقد تصيبه الدهشة حين يشاهد إحدى القنوات الفضائية التي مابرحت تندد بالمبادرة الخليجية وتعتبرها معول هدم للثورة وتحرض الثوار في ساحة التغيير في صنعاء وساحة الحرية في تعز على رفضها, حتى يجد أن ذلك الموقف قد تغيير للنقيض بالترويج لانتخابات أشبه ما تكون بالمسرحية الهزلية وهي نتاج المبادرة الخليجية مثل ما كان قانون الحصانة أيضاً نتاج هذه المبادرة التي تمنح مرتكبي الجرائم رخصة من إدانتهم وتقديمهم للمحاكمة, استهانةً بأرواح الشهداء والجرحى وتغاضي عن جرائم الفساد المالي والسياسي الذي أصاب البلد طيلة ثلاثة 33عام. فإذا سلمنا بالأمر أن لابد من الانتخابات لنقل البلد لمرحلة السلم وبناء الدولة المدنية, فأي عاقل يصدق ذلك في ظل انتخابات تفتقر لأبسط معايير صحة العملية الديمقراطية في وجود متنافسين في انتخابات نزيهة, إن انتخابات الرئاسية في 21 فبراير لم تقتل الثورة فحسب إنما قتلت لدى الثوار الأحرار الحلم بقيام الدولة المدنية التي خرجوا مُنذ عام ينشدونها, فلازال الحكم الشمولي بواسطة الفرد الواحد من العسكر ومشائخ القبيلة الذين سخروا ما حصدوه من ثروات البلد لدفع مسار اليمن لمستقبل مجهول.
لقد حاول مسوقي هذه المسرحية فرضها على أرض الجنوب غير أنها رُفضت ولُفضت من قبل أبناء الجنوب لأنها تكرس واقع يستخف بمقدرات أبناء الجنوب وقدراتهم في حق تقرير مصيرهم ولأن هذه الانتخابات بشكلها العبثي الذي تم إنما هي تكريسا "لاحتلال" الجنوب, ولم يجد المتابع على القنوات الفضائية المصداقية في نقل الخبر حين أمست تُروج خبر أن الجنوب ينتخب, لقد زُيفت الحقائق لتصور لصالح أجندات طرفي المبادرة والقوى التي صارت مهيمنة على الساحات.
إن أبناء الجنوب فطنوا للخدع التي يحاول تمريرها بقايا نظام صالح وأحزاب اللقاء المشترك, حين فرضوا المبادرة الخليجية وتبعاتها على الثورة اليمنية, فكان أبناء الجنوب ذو وفاء لكل الشهداء والجرحى الذين سقطوا في مسار النضال السلمي لتحرير الجنوب.