تعتري حالة من الارتباك والتخبّط جماعة الحوثي المتمرّدة في اليمن، بعد أن باتت على وشك فقدان أهم جزء في المناطق الخاضعة لسيطرتها متمثّلا بمحافظة الحديدة الواقعة على الساحل الغربي اليمني والتي باتت في متناول يد القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي. ودفع اليأس قادة الجماعة الموالية لإيران إلى الزجّ بآخر أوراقهم في معركة الساحل الغربي وأطلقوا ستة صواريخ باليستية على مواقع تجمّع قوات المقاومة المشتركة في المخا والخوخة، تم اعتراضها جميعا من قبل منظومة الدفاع الجوي التابعة للتحالف العربي وفقا لمصادر عسكرية.
ويسعى الحوثيون لإحداث أي تحول في مسار المعركة عبر اللجوء لأساليب الحرب التي اعتادوا عليها ومن ذلك قيامهم وفقا لمصادر محلية بالقصف العشوائي لمدينة حيس جنوبي الحديدة من المرتفعات الجبلية المحاذية التي لازالوا يسيطرون عليها.
وأكد المتحدث باسم التحالف العربي لدعم الشرعية العقيد تركي المالكي في مؤتمر صحافي، عقده الثلاثاء بالعاصمة السعودية الرياض، تهاوي الدفاعات الحوثية في الساحل الغربي وهروب القادة الميدانيين للميليشيا.
تحرير الحديدة مسألة وقت لا يحكمها سوى الحرص على تقليل الخسائر المادية والبشرية والحفاظ على البنية التحتية للمدينة
وأشار المالكي إلى أن الهدف من السيطرة على المدينة التي تضم أهم ميناء يمني على البحر الأحمر، هو “قطع الشريان الذي يستفيد منه الحوثيون”، في تهريب الأسلحة وجبي الأموال التي تستخدم في تمويل الحرب.
ومنيت الميليشيات الحوثية بخسائر غير مسبوقة بعد تمكن قوات التحالف العربي من تدمير قوافل التعزيزات التي حاولوا الزج بها في المعركة، وانتهت بحسب مصادر عسكرية بالقضاء على الجزء الأكبر من قوات النخبة الحوثية التي يطلق عليها اسم “كتائب الحسين”.
وأشارت مصادر متطابقة إلى بدء الحوثيين في عمليات نهب واسعة لمؤسسات الدولة في مدينة الحديدة ونقل الأموال والمعدات إلى محافظتي صنعاء والمحويت، بالتزامن مع سحب مقاتليهم العقائديين واستبدالهم بآخرين من أبناء القبائل الذين تم تجنيدهم حديثا بهدف إبطاء تقدم قوات المقاومة المشتركة واستخدامهم كغطاء للانسحاب.
ويؤكد العديد من الخبراء العسكريين أن معركة الساحل الغربي باتت محسومة وفقا للمعايير العسكرية وأن تحرير ميناء الحديدة ومطارها بات مسألة وقت بالنظر إلى حرص التحالف العربي على التقليل من الخسائر المادية والبشرية والحفاظ على البنية التحتية في مدينة الحديدة التي ترغب الميليشيا الحوثية في تحويلها إلى ساحة حرب من خلال تمترسها في مساكن المواطنين.
وتحتشد قوات ضاربة من ألوية العمالقة والمقاومة الوطنية والمقاومة التهامية جنوبي مدينة الحديدة حتى تتمكن من ترتيب صفوفها وتأمين طرق الإمداد ونزع حقول الألغام وتصفية الجيوب الحوثية، قبل استكمال المرحلة التالية التي ستستهدف وفقا لمصادر “العرب” تضييق الخناق على الحوثيين المتحصنين في المدينة وقطع الطرق الرابطة بين الحديدةوالمحافظات التي لا زالت خاضعة لسيطرة الحوثي وهو ما سيؤدي إلى انهيار واستسلام الميليشيات.
وكانت معركة تحرير الحديدة قد بلغت منعطفا حاسما بسيطرة القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي، على منطقة الدريهمي جنوبي المدينة ما يجعل تلك القوات عمليا في موضع سيطرة نارية على مطار المدينة.
واعترف زعيم ميليشيا الحوثي بالهزيمة في معارك الساحل الغربي لليمن، وهيأ أنصاره في كلمة بثتها قناة تلفزيونية تابعة له، في وقت سابق، لخسارة ميناء الحديدة الاستراتيجي آخر منفذ للحوثيين على البحر الأحمر.
وعن الأهمية الاستراتيجية لمعركة الساحل الغربي قال الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز الجزيرة للدراسات نجيب غلاب في تصريح ل”العرب” إن تحرير الحديدة يمثل تحولا جذريا في معركة استعادة اليمنيين لدولتهم وهو ما يجعل الإصرار على تحريرها واضحا. ولفت غلاب إلى أنّ تحرير ميناء الحديدة سيغير المعادلات العسكرية والسياسية وسيسهم في إضعاف الحوثيين كثيرا في صنعاء وبقية المحافظات.
وعن السيناريوهات المتوقعة للمعركة أضاف غلاب “سيحاول الحوثيون القتال داخل المدينة مع محاولة القيام بعمليات متقطعة بهدف إعاقة سقوطها المتسارع، إلاّ أنهم يدركون أن الساحل الغربي سيتحرر وأي حرب طويلة فيه ستكون استنزافا قاتلا لهم لذلك هم يخططون لإعادة تركيز قوتهم في صنعاء ومحيطها وصعدة ومحيطها”.
وأوضح غلاب أن تحرير الحديدة سيحولها إلى نقطة ارتكاز محورية للكثير من القوى الشعبية المقاومة ومركز استقطاب للقوى الفاعلة وبداية لمعركة كسر عظام الحوثيين. لكنّه حذر من سعي بعض الأطراف اليمنية غير الحوثيين لإرباك الانتصارات في الحديدة وإعاقة دورها كمركز محوري في عملية التحرير.
وتدب حالة من الارتباك والذعر في صفوف الحوثيين في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتهم، في ظل معلومات عن شروع كبار القادة في الجماعة بنقل عائلاتهم إلى خارج اليمن، كما تزايدت وتيرة الانشقاقات بعد فرار الكثير من القادة السياسيين والعسكريين والتحاقهم بصفوف الشرعية وهو ما يشير إلى عمق الأزمة في معسكر الانقلاب الحوثي.