كنت قد عزمت في الفترة الأخيرة على كتابة سلسلة من المقالات تتضمن نقد وتقييم العمل السياسي الذي يقوم به المجلس الإنتقالي خلال مواكبته للأحداث الراهنة وعلاقته مع دول التحالف وشرعية اللصوص والفاسدين. في الحقيقة كان لي شرف الوقوف إلى جانب المجلس مع بدء الإعلان عن تشكيل كيانه الجنوبي المؤمن بمبادئ الثورة وأهدافها، وكنت من أكثر الذين حثوا أبناء الجنوب على تأييده وتفويضه، بل كنت من أشد المدافعين عنه إلى وقت قريب، لأني كنت ولا زلت أرى إن تشكيل المجلس أعظم إنجاز للثورة تحقق منذ إنطلاقتها.
ومع هذا فأنا على علم يقين وتام أنني لن أسلم من كيل التهم التي ستكال علي من بعض الغوغاء، ولكن لا غرابة فلكل مشروع غوغائيته سواء كان وطني أو غير وطني، وحتى حكومة «بن دغر» الفاسدة لها جوقة من المطبلين والغوغاء، فلا غرابة.
ولهذا فغوغائية المجلس لن تمنعني في مقالاتي القادمة من الوقوف وقفة جادة لمناقشة سياسة المجلس المتواطئة جداً في علاقتها مع دول التحالف وشرعية اللصوص والفاسدين.
كما إني سأفرد مقالة كاملة ومفصلة تتحدّث عن كيفية تعامل دول التحالف مع المجلس وشريطة العمل تحت مظلة شرعية اللصوص والفاسدين وإجباره على الإعتراف بها رغم إختلاف المشاريع، وكيفية تعامل هذه الدول مع ما تبقى من حزب المؤتمر - والذين أطلق عليهم اسم حرّاس الجمهورية - رغم عدم إعترافهم بشرعية تتذرّع بإنها معترف بها دولياً.
وأخيراً، إذا كان الشاعر الفرزدق قد وصف قتلة الحسين بن علي بما نصه (قلوبهم مع الحسين وسيوفهم عليه) فإن مثل هذا الكلام ينطبق أيضاً على أعضاء المجلس الإنتقالي، فقد تكون قلوبهم مع الجنوب حسب مواقفهم الواضحة والمعلنة إلا أن سياستهم المتواطئة جداً جداً تضرّ بمصير الجنوب كثيراً وتزيد من معاناة أبناءه أكثر.