لم أتوقع في يومٍ من الأيام بأنَّ الكتابة عنكَ ستكون صعبة لهذه الدرجة التي تجعل من الكلمات مُهمة غير سهلة كصعوبةِ ايجاد إبرة في كومةِ قَش ولكنني أخيراً فعلت . تنفستُ الصعداء ، هاهي صورتكَ لاحت أمامي ككل مرة أحاول الكتابة فيها عنك ، تلك العينان التي رمقتني بسهامها ، آهٍ منها أصابتني بسحرهاْ الذي لا علاج له سوى اللقاء لأطول فترة ممكنة دون أيّ ضجيج . سأكتبُ إليكَ اليوم، وهذه الخطوة بالنسبة لي تُشبه نوعاً ما ولادة متعسرة ، لأنّني لا أعلم إن كانت كلماتي سيشعر بها قلبكَ أم أنّها ستمر عليه مرور الكرام وتضع عليها تفاعل "أحببته" و تعليق "مبدعة" وتمضي ! ها أنا اليوم أكتبُ إليكَ ... يامن جعلت القلب لا يهدأ ، تزداد نبضاته كلما لاح اسمكَ أمام ناظري ، أشعر بتلك السعادة كسعادةِ الأم حينما ترى طفلها بعد تسعة شهور وهو بداخلها . أغار ... ليس من البشر ، من تلك الأشياء التي تمسكها ،فهي بكل تأكيد تعيش في نعيم كلما مددت إليها يدكَ وتمسكها فهي تشعر وكأنّكَ تداعبها وتلاطفها ، آهٍ تباً كم أكره هذا الشعور ،حقاً يميتني ألف مرة بمجرد التفكير به . أخاف عليكَ ... جداً أخاف عليكَ كما تخاف الجدة على أحفادها الصغار الذين لا حول لهم ولا قوة ، وكأنّك لا زلتَ طفلاً مع أنكَ في نهاية العقد الثالث من عمركَ ، ورغم هذا لا زلتُ أخاف عليكَ ، أحسبك أمانة عندي ،ورقبتي ستُقطعْ وقلبي سيُنتزعْ إنْ لم أحافظ عليكَ، لذلك وضعتك في مأمن لن يصله أحد ، وضعتكَ في قلبي . أحتاجكَ... كاحتياجك للهواء، كاحتياج المبدع لجرعات تشجيع ليكمل مسيرته ، وحاجة مغترب لحضنِ ابنه الصغير الذي لم يحضر يوم ولادته، نعم أحتاجكَ كثيراً . أشتاقُ لكَ... ألف آهٍ من هذا الشوق الذي أتعب الكثير، شوقي لكَ كشوق امرأة تنتظر وليدها بعد سنين من عدم الإنجاب، كذاك السجين الذي سُجن بلا ذنب وهو في شوقٍ لينال حريته. وفي آخر رسالتي ... لن أطبع قُبلتي بأحمر الشفاه كما يفعل العاشقون ، بل سأقول ، "يا رب إنّي أحببتُ عبدكَ .... فحبّب قلبه عليَّ واجعله من نصيبي".