قد يدهشك العدد المهول من النقابات العمالية التي يتم إشهارها بين الفينة والأخرى ، لكن لا طائل منها وليس لها أي أثر على أرض الواقع ، فهي لم تنصف العمال ولم تحفظ لهم كرامتهم ولمتَعِد لهم ولو الحد الأدنى من حقوقهم المصادرة والمغيبة ، بل أن الغالبية العظمى من تلك النقابات – إذا لم يكن جميعها – لم تؤسَس إلا لتحقق مكاسب شخصية لقيادتها والمقيمين عليها وتدر لهم أموالاً طائلة على حساب الطبقة العاملة الكادحة ، والواقع خير شاهد ... فالله المستعان ..!!.. وللأسف الشديد أصبح العمل النقابي مرتهناً لدى السياسيين وورقة رابحة بأيديهم يرفعونها في وجه خصومهم متى شاؤوا وكيفما شاؤوا بعيداً عن مصلحة العامل ، وهو ما جعله – أي العمل النقابي – يفقد أهميته ودوره وعلاقته التكافئية الندية مع العمل السياسي وبالتالي التفريط بحقوق الموظفين وضياعها ..!. وأنا هنا لست متحاملاً على أحد ، لكنني استغرب ايما استغراب لماذا تنشغل تلك النقابات العمالية التي لا حصر لها بأشياء تافهة وتقحم أنفها فيما ليس من اختصاصها ولا تمت بصلة لمهام عملها النقابي وأدبياته ، وفي ذات الوقت تدير بظهرها للعامل المطحون ..؟!!. وهنا نقولها صريحة إذا لم تتحرك تلك النقابات وتصعد من مطالبها بمنح الموظف كافة حقوقه فإنها شريكة في الظلم الحاصل الآن على كافة الموظفين بمختلف وظائفهم ودرجاتهم الوظيفية .. فمن غير المعقول أن تلتزم الصمت ومرتب الموظف – الذي فقد من قيمته ما يقارب ال 50% - أصبح لا يفي حتى بالمتطلبات الضرورية والأساسية في ظل التصاعد المستمر للأسعار والذي قد بلغ مستوى لا يحتمل البتة ..!!.. وصدقوني إذا لم تتحرك النقابات في إطار النظام والقانون والحق المكفول لها لإجبار الحكومة إعادة النظر في المرتبات والأجور أسوة بالقطاعين الأمني والعسكري وبما يتناسب مع الأسعار المرتفعة والوضع المعيشي الصعب ، وإطلاق التسويات والعلاوات السنوية التي طال انتظارها فقد يخرج الموظفون عن صمتهم – على اعتبار أن للصبر حدود – ويتحركون خارج النظام والقانون ، وقد تتطور الأمور إلى ما لا يحمد عقباه .. وهذا بالطبع من حقهم فقد صبروا على جور الحكومة – التي تنفق شهرياً شهرياً على اعضائها آلاف الدولارات - بما فيه الكفاية ..!!. أخيراً نقول للشرعيين والانتقاليين على حد سواء : لوجه الله اتركوا النقابات العمالية وشأنها بعيداً عن صراعاتكم السياسية ولا تفرضوا وصايتكم عليها وتتدخلوا في أعمالها خدمة لأجندتكم ومشاريعكم السياسية .