العليمي يجدد الالتزام بالعمل على انتظام دفع المرتبات واستدامة الخدمات    مصر تجدد موقفها الداعم لوحدة واستقرار اليمن وتؤكد دعم الحكومة لاستعادة الدولة    دون توضيح الاسباب .. مركزي صنعاء يوقف التعامل مع اكبر البنوك الاسلامية ويمنح المؤسسات المالية مهلة لتصفية حساباتها    من بين (201) منظمة أهلية عربية.. مؤسسة "التواصل" تحصد التقييم الذهبي في شهادة الالتزام المؤسسي    وكلاء الغاز في تعز ينفذون مسيرة شاحنات تنديدا باحتجاز مقطوراتهم بلحج    رئيس الوزراء يوجه بتوفير منظومة اتصالات وانترنت حديثة في عدن والمحافظات المحررة    اجتماع يناقش أوضاع مشاريع المياه والصرف الصحي في البيضاء    الرهوي يتفقد العمل بمشروع سفلتة الشارع الرئيسي في جامعة صنعاء    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفيرة بريطانيا ومسؤولي البنك الدولي آخر المستجدات السياسية وأزمة الكهرباء    الفريق السامعي: إرادة الشعوب لا تُقصف بالطائرات والحرية لا تُقهر بالقنابل ومن قاوم لعقود سيسقط مشاريع الغطرسة    ارتفاع ملحوظ في الكميات المطرية وتوقعات باستمرار الهطول على 10 محافظات    ارتفاع ضحايا الإبادة الصهيونية في غزة إلى 55 ألفا و959 شهيداً    ريال أوفييدو يعود إلى «لاليغا» بعد 24 عاماً    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الدكتور الأفندي بوفاة شقيقه    "عدن التي أحببتُها" بلا نازحين.!    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    كشف أثري جديد بمصر    إشهار الإطار المرجعي والمهام الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    فئة من الأشخاص عليها تجنب الفراولة    المواقف تكشف الأقنعة عمّن فقدوا بوصلة الجنوب.!    الحديدة و سحرة فرعون    الكثيري يدعو البيئة لتعزيز التنسيق مع المنظمات الدولية    ادانات دولية واسعة لجريمة العدوان الأمريكي على ايران    الدولار في عدن 3000    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    أيها الرئيس ترامب.. لا تنتحر    أيش ذا يا عم علي.. ليش ذا؟    إيران تطلق دفعتين صاروخيتين وإعلام إسرائيلي يتحدث عن دمار كبير    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (3)    أول موجة إيرانية بعد العدوان الأمريكي    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    الرئيس الزُبيدي يُعزّي الشيخ عبدالرب النقيب في وفاة شقيقه    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    السلبية تسيطر على ريفر بليت ومونتيري    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    العليمي وبن بريك والمعبقي يصادرون موارد الصناديق الإيرادية الجنوبية    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    الدفاعات الإيرانية تدمر 12 طائرة مسيرة صهيونية في همدان    بتواطؤ حوثي.. مسلحون يحرقون منزلاً في محافظة إب بعد نهبه    تدشين الدورة الآسيوية لمدربي كرة القدم المستوى "C" بالمكلا    تشيلسي يقترب من إبرام صفقة مؤجلة    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    الترجي التونسي يهدي العرب أول انتصار في كأس العالم للأندية 2025    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    البحسني يكشف عن مشروع صندوق حضرموت الإنمائي    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توكل من النوبليّة إلى العوبليّة!
نشر في عدن الغد يوم 27 - 07 - 2012


توكل من النوبليّة إلى العوبليّة ..

يبدو أن السيدة توكل عبدالسلام كرمان امتهنت مؤخرا مهنة العرافة واتقنتها وبشدة متناهية , فبعد ان فاض بها الكيل من اضواء فلاشات الكاميرات وعدسات التصوير والشهرة , دخلت باب السياسة من اوسع ابوبه متسلقة على السلم الثوري , ولأنها ''عالمية'' فهي تعرف كل شئ وتتحدث عن كل شئ بمنتهى الدقة والإدراك , فمن الثورة الى السياسة الى الاقتصاد وحتى في امور وعلوم الدين , فهي بارعة جدا وصلت لدرجة الإفتاء في امور دينية خطيرة , فحللت ما شاءت وحرمت ما شاءت وحورت مفاهيم الشريعة الإسلامية حسب رؤيتها الناضجة الملهمة من متطلبات العصر ومدرسة الإخوان المسلمين .

ولأن السياسة اليمنية ساحة مفتوحة و خصبة للمتسلقين السياسيين عديمي الخبرات والمؤهلات ولمن هبّ ودبّ , انتهجت توكل كرمان مؤخرا طريق العرافة السياسية على الطريقة العوبلية الشهيرة - لعل وعسى- ان تجد لها مكانا ايضا في عالم السحر و الشعوذة وفي المجال السياسي الجديد , مع الفارق الوحيد ان العوبلي يشعوذ في امور الدنيا والأمراض والشفاء , ولكن توكل حلقت في سماء العوبلة السياسية والدنيويه والدينية فلم تفتها فائتة ولم تغب عنها خافية , فصارت عليمة ببواطن الأمور و خفايا الأسرار ,بالرغم ان مجالها كان حقوقيا صرفا, ففاقت تنبؤات مستر نوستر اداموس وهاري بوتر !!

وبعد الشهرة الواسعة والعالمية الباهرة طرقت ابواب العرافة والتنبؤ بجدارة, وجندت قريحتها وذكاءها الشديد في سبر اغوار المستقبل , ووضع رؤية واضحة الملامح لغد اليمن المشرق , وعملت مالم تستطعه الأوائل مجتمعة في فك شفرة اليمن , ولانها تربية إصلاحية اخوانية بإمتياز , فالولاء للحزب قبل الولاء للوطن , والإنتماء للجماعة مقدم على المصلحة العامة, وفن التعايش مع الأزمات لنيل الغايات والمكاسب على (الطريقة الميكافيلية) الغاية تبرر الوسيلة منهجا وخيارا – لا يمكن الحياد عنه- يضمنه لها حزبها حسب ادبياتة الشائعة .

فالولاء والطاعة العمياء لقائد فصيل الإخوان – فرع اليمن- والحزب المخضرم المتلون سياًسيا وشعبياً , ألهم الأخت توكل كرمان للعزف على وتر العرافة السياسة , والدق على طبول الشعوذة والتنبؤ , والتغني حالمة بمستقبل اليمن , وشنّت مؤخراً حملة شعواء على الأخوة الحوثيين في شمال الشمال , وقرأت عن التدخلات الإيرانية بل وحذرت منها حسب مايراد لها من سعادة الشيخ جيرالد امفرستاين , بل ونثرت البخور على طاولة جمرات التنبؤات في الحلقات المعرفية والروحانية, وصاغت رؤية مصيرية لما سيكون علية مستقبل الحرس الجمهوري , حين يتحول -بقدرة قادر عليم- الى حرس ثوري مملوكاً لصاحبه أحمدي نجاد!!.

وهي تغمض عينيها وتدور برأسها وتحلق في فضاء مخيلاتها , وتلوح بيديها تارة أخرى , يبدو انها استعانت بشئ من الجن واستدعت العفاريت والشياطين المصفّدة ليأتوا لها بالخبر اليقين , فسكتت لوهلة .. والجمع فاغر فاه ينتظر بقية الحدوتة والأمر الجلل , وبعد ان عّم المكان رائحة الدخان والبخور واحمرت العيون وتصبب العرق من الحضور , رفعت يديها بإيماءة شديدة مستوحاة وشخصت بعينيها في السماء وصرخت قائلة '' ان تدخل ايران مؤخراً لم يعد سياسيا فحسب بل عسكريا وبالعتاد والأسلحة والمال الوفير '' , فشهق الحضور مما يسمعون .. و من هول الفاجعة والصدمة , واستطردت بعصبية مبالغة '' بل ويقودون الحرس الجمهوري بقيادات ايرانية وضباط من الحرس الثوري الإيراني '' , فأغمي على البعض غير مصدقا تأويلات الحاجة توكل .

ومن شدة المفاجئة والصدمة امتلأت اجواء القاعة بالولولة والغرابة الشديدة , وعلت الهمسات وشخصت العيون للعرّافة توكل بترقب شديد , وليتها سكتت .. ولكنها أردفت قائلة وبكل ثقة وهي تقلب الكرة الزجاجية الزرقاء وتدورها امامها , وتنظر من خلال عين المستقبل السحرية برهبة وخبرة '' بل ان على جماعة الحوثي الإندماج في العمل السياسي والثوري الوطني السلمي , وترك العنف المسلح مالم ستصنف كأنها جماعة ارهابية وسيجري التعامل معها كما جرى التعامل مع القاعدة في شبوة وابين , والكاتب يكتب ويدون الكلام الدرر , وهناك من يسجل , وهناك من ينشر للمواقع والصحف , وهناك من ينقل الأوامر للقصر , حتى يتم التنفيذ مباشرة , قبل ان تحل الأوجاع والكوارث والمصائب العظام , وقبل ان يغرق الوطن في وحل التآمر والعمالة والإنهزام, وقبل ان تنزل الطامة الكبرى وتتحقق نبؤات العمة توكل والعم سام.

وتحدثت بإسهاب شديد عن العلاقة والتعاون مع النظام السابق , وترجمت (مثلث الرعب) صالح والحوثيين وايران كفزّاعة لتخويف الشارع , وهناك من يصدقها ويتبرك على ابوابها فهي ولّية من أولياء الله , وحامي حمى الثورة والإصلاح معاً..

ففي الفترة الأخيرة ومع كثرة الزلات والعثرات للسيدة توكل , وبعد الفضيحة الشهيرة( كرمان جيت) بانتشار صور جمعتها مع (عوفير برانشتاين) مستشار نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق (بن أليعازر), وللفت الأنظار عن هذه الفضيحة الإعلامية الجلل , من قبل قيادية تنتمي الى جماعة اسلامية أوصلتها الأقدار وعلى غفلة من الزمان فجأة – بفضل الثورة- الى ان تحوز على جائزة نوبل للسلام , وبدلاً من ان تعتذر للشعب اليمني عن تلك الإساءة المتعمدة اعتذرت ل برانشتاين شخصياً ووصفت الأمة بالجاهلة التي ضحكت من جهلها الأمم .
يبدو أن محاولاتها المستميتة للفت الأنظار لم تجدي نفعاً في ذر الرماد على العيون واسكات صوت الشباب الحر, المناهض للمتاجرة السياسية بالثورة , المعارض والمتابع لتقدم توكل كرمان في مسيرة الخداع والتلون السياسي والحزبي المقيت , فاتجهت مؤخرا وحسب تعليمات ال (ريموت كنترول) والأوامر القيادية العليا , الصادرة من قصر الشيخ وبفتوى دينية جاهزة من ذوي اللحى الحمراء الملّغمة لشن حملة دعائية واعلامية ومغرضة ضد جماعة الحوثيين خاصة والتيارات المستقلة عامة , والذين يمثلون جزءا رئيسيا وهاما وشريحة كبرى في المجتمع اليمني , ولاقوا من الظلم والقتل والتشريد مالاقوا , وكانوا دوما الجهه المسالمة الداعية للسلام من صعدة السلام .

كلام العرّافة توكل لا يعني الغاء جزءا رئيسيا من كتلة الشعب والأمة اليمنية, بل يعني الغاء روح التوافق والإنسجام , ويعكر صفو أجواء الحوار الذي يدعون إليه, ويشكك في مصداقية ووطنية اطراف ومكونات أخرى ايضا في الجنوب , فالحملة الإعلامية الشرسة ضد الجمهورية الإيرانية وتدخلاتها المزعومة في المنطقة لم تستثني احد , فمرة يلقى الإتهام على الحوثيين ومرات على المدينة الباسلة تعز وقياديين ثوريين مستقلين وحتى قوى الحراك الجنوبي وممثلي القضية الجنوبية لم يسلموا من الإتهامات أيضا, والسؤال الأهم هنا.. مالمقابل ومالغرض من تفريق وحدة الصف الوطني؟ ولصالح من تعمل هذه الأطراف مجتمعة ؟ ومن يديرها ويقف وراءها ويمولها ؟ أم أنه العجز الكلي والفشل في إلقاء اللائمة على الآخر !!

فتوكل وامثالها ماهي الا أدوات رخيصة مستهلكة لتنفيذ سياسات وأجندة خارجية في المنطقة اكبر من نطاق حزبها وحكومتها مجتمعة , السياسة وان كانت فن .. ولكن يبدو ان العرافة لها نكهة أخرى و مفعول اقوى ولها فعل السحر في العقول والأبصار , فكيف تتحدث توكل وتتكلم من موقع قيادة وقدرة , وتهدد وتتوعد وتطلق الويل والثبور , وليس لها اي موقع سياسي او صفة و منصب رسمي , او حتى لم تكن متحدثة رسمية بإسم الحكومة , وكيف هي قادرة على شن (حرب سابعة) على صعدة - حسب زعمها- وحزبها وحكومتها ليسوا بقادرين على تغيير قيادات الأمن المركزي والحرس الجمهوري , بل ليسوا بقادرين على تبديل ضابط صغير او حتى نملة كسيحة في اي موقع عسكري .

فالوطن والولاءات لا تقسم ولا تصنف حسب الأهواء والمزاجات , ولا توزع وتوهب حسب الإنتماءات والتوجهات والرغبات , فالأخوة الحوثيين.. والأخوة في الحراك وبقية مكونات المجتمع اليمني تمثل نسيجاً متكاملاً متضامناً ضمن الثوب الوطني الكبير الواحد , ليس لأحد -كائنا من كان- الحق على تخوينة او اخراجة من المنظومة المجتمعية اليمنية , هم هكذا .. حزب الإصلاح وجماعة الإخوان , اليد السعودية الطولي والممتدة في اليمن , كلما بدأت جراح الوطن في الإلتئام والإتفاق , وكلما كانت هناك بوادر أمل وانسجام تلوح في الأفق , وكلما بدأت مظاهر الحوار تدق الأبواب , يبدأون بنبش الجراح وشق الصفوف واذكاء نار الفتنة الطائفية والمذهبية والفرقة , وليت كانت توكل او غيرها وهذا لسان حالها تتحدث بهذه الأقاويل يوم أن بدأت الثورة وفي عزّ وقمة التآخي والصفاء الثوري بين مختلف مكونات المجتمع اليمني, و لكن الأمور تبدّلت والأحوال تغيّرت ونال الحزب ما ناله من محاصصة وزارية ومناصب سياسية , ولم تعد للأطياف الثورية المختلفة أية أهمية تذكر.. وللحديث بقية ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.