بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة تحليلية موضوعية في اسباب انحراف الثورة اليمنية عن مسارها
نشر في عدن الغد يوم 06 - 09 - 2012

مما لالبس ولامدعاة للشك فيه القول ان امريكا وشركائها الغربيون الذين تقودهم قد تمكنت منذ امد بعيد من احكام قبضة السيطرة التامة على الحكام والانظمة العربية واستطاعت بواسطة مخططاتها الاستراتيجية ومعها السياسيات التكتيكية ايضا.
التي اتبعتها طويلا ومازالت تتبعها حتى الان على طريق الهيمنة الكاملة على دول وشعوب العالم الثالث التي ننتمي اليها ((كعرب))وبكل الوسائل والاساليب والامكانيات الهائلة التي سخرتها لذلك وعبر كل الابواب والمنافذ والثغرات التي لم تتوانى يوما عن استغلالها للوصول لهذا المبتغى فاستطاعت كما قلنا ان تخترق الاسوار السياسية والعسكرية والوطنية والشعبية الهشة التي تحيط بها وتتغلغل فيها بعد ان نجحت وبالادوات ذاتها ايضا في السيطرة على جميع القائمين عليها من الحكام الذين اشرنا اليهم وضمتهم ان لم نجزم بانها قد اجبرتهم.للالتحاق بطابور التبعية الذي يدين لها بالطاعة والولاءالمطلق..فاما الذين رفضوا او ترددوا في التسليم والانصياع اليها منهم تآمرت عليهم فاطاحت ببعضهم وقتلت بعضهم الاخر...واستبدلتهم واتت بغيرهم من العملاءوالمتآمرين معها اممن اعدتهم لهذا الغرض ..
ومعلوم لكل خلق الله في سائر بقاع ارضه ان الدول الاستعمارية الكبيرة وتلك التي تسعى لفرض سيادتها على الشعوب وتتطفل على مصالحهم ومقدراتهم الوطنية كما هو الحال بالنسبةلامريكا اليوم _ مثلما كان الامر بالنسبة للدول الاوربية التي استعمرت عالمنا عسكريا بالامس وعملت على تجزئته عند رحيلها _ان تختار اسوأ من تجد فيها وارذلهم اخلاقا وارداهم اصولا واجهلهم فهما وادراكا واقلهم حظا من العلم والتعليم واكثرهم ميولا واستعدادا وقابلية لللارتهان والدسيسة لتنصبهم حكاما عليها ورؤساء لها ثم تعمل على حمايتهم مالزم الامر لبقائهم على كراسي الحكم لاطول فترة ممكنة كي يتسنى لها بعد ذلك ومن خلاله وفقا لتلك الشروط تنفيذ سياساتها الاستعمارية ضد هذه الشعوب عبرهم ضمن استراتيجية تستهدف على المدى البعيد اذلالها وتجهيلها ومحاربتها وتعطيل دورها والحاق الاذى والظلم بها(اعني هذه الشعوب) كي تبقى على ضعفها وتمزقها وتيهها على مختلف الاصعدة والميادين مع حرصها في الوقت نفسه على الاساءة المتعمدة لهولاء الحكام وانظمتهم وتشويه صورهم في عيون شعوبها واثارة نقمتها واحقادها عليها بالتوازي مع حرصها في العمل على استغلال هذه العلاقة المتوترة بينهم لتحسين وجهها وتنميق صورتها القبيحة لدى هذه الشعوب والتقرب بتقمصها لدور المنقذ والمخلص لها من طغيان وجبروت وعدوانية اولئك الحكام وانظمتهم حتى اذا اشارت الساعة للميقات الذي ضبطته وحددته مسبقا للاطاحة بهم والتخلص منهم دفعت بتلك الجماهير المتضررة من سياساتهم اللعينة الى ميادين الثورة لاسقاطهم ..وهي لاتعمل ذلك من باب الحرص على مصلحة هذه الجماهير ولا من قبيل الشفقة عليهم او تقديم المساعدة اليهم اوتحريرهم من مخالب الظلم والفساد كما يظنون ..فهي التي خططت وبرمجت وهيئت الاسباب والظروف من حيث يعلمون او لايعلمون للوصول بهم الى هذه اللحظة التاريخية التي يثورون فيها على حكامهم الظلمة للمطالبة برحيلهم تحقيقا لاهدافها في السيطرة الكاملة على هذه الشعوب الى جانب سيطرتها على الانظمة ومن قبلهم الحكام..
قد يسأل سائل منكم عن الاسباب التي قد تجعل امريكا تميل الى الاطاحة بهولاء الحكام عن طريق استفزاز الجماهير للقيام بذلك طالما كانت قادرة على تغييرهم عندما تشاء وكما تشاء وكيفما تشاء ودون الحاجة لحشر هذه الجماهير في ثورات لاتخدم مصالحها ؟؟
وسؤال كهذا لايمكن ان يطرحة قارئ يعلم بان الجزء الاكبر من مصلحة امريكا كما قلنا انما يتمثل في سعيها للسيطرة التامة على هذه الشعوب و يتحقق من خلال اتمام مخططات احكام قبضتها عليها بعد ان فرضت سيطرتها الكاملة على الحكام وان لم نستطع ان نعمم ذلك على جميع الانظمة ايضا التي يبدوا ان لم يكن مؤكدا بانها قد واجهت مشكلة كبيرة مع مراكز القوى المستفحلة في البعض منها ...ففي دول وبلدان مايسمى بالربيع العربي التي اندلعت فيها الثورات الجماهيرية ضد انظمتها الفاسدة التي تحكمها الساقطة منها وتلك التي اصبحت على وشك السقوط لم يكن بوسع امريكا ان تغير الزعماء وحدهم الذين يتربعون على عروشها دون البدء بتغيير الانظمة اولا ..بل انها لم ترى اي جدوى من وراء قيامها بتغيير اولئك الزعما مع الابقاء على تلك القوى التي استحوذت خلال سنوات وعقود عديدة من الفساد والفوضى على كل مراكز السلطة ومفاصل النفوذ ومصادر القرار واستطاعت بوسيلة وباخرى ان تغرس جذور ثباتها المتشعبة في اعماق الدولة بنفس المسافات والابعاد التي امتدت اليها فروعها في سماء المجتمع ..بشكل استأثروا معه وعن طريقه بكل صلاحيات الحكام وانتزعوها منهم انتزاعا اضعفهم وجعلهم في مجرى الخطر الذي بات يحدق بهم ويتهددهم من كل صوب اذا ماحاول كل حاكم منهم على حده الانفراد باي قرار سيادي او وطني يمكن ان يتخذه دون علمهم وموافقتهم عليه حتى وان كان هذا القرار يتعلق برغبته في التنحي من منصبه كزعيم شكلي لهم ولشعوبهم وانظمتهم .
ومن هنا فقد اقتضت الضرورة على امريكا بالاتفاق المدروس مسبقا مع هولاء الزعما ومع اطراف سياسية واجتماعية وثقافية واعلامية اخرى كثيرة معارضة وغير معارضة في الداخل والخارج على ان تتولى الجماهير الشعبية خوض المعركة الثورية للقيام بعملية التغيير التي تستهدف بدرجة رئيسية تلك القوى المتمردة في النظام والخارجة عن سيطرة الحكام بل المتسلطة عليهم والتي تشكل خطرا على اهدافها ومصالحها..
ولعل في هذا الحديث (بالنسبة لحالة اليمن كنموذج) مايهدي الحائر ويعفي السائل من مشقة البحث والتنقيب عن جواب يرشده لمعرفة الاسباب والعوائق التي طالما ادت الى فشل كل الجهود والمساعي والمحاولات الوطنية المتكررة التي بذلها الفرقاء السياسيين على طريق الحوار خلال الفترة التي سبقت اندلاع هذه الثورة ضد النظام بغية الوصول لصيغة مشتركة لتوافق الجميع ((السلطة والمعارضة )) حول الرؤى والحلول الكفيلة بتحقيق التغيير المطلوب وفقا لرغبة امريكا التي ظلت ترعى الازمات الوطنية والاحتقانات السياسية وتعمل على تفاقمها بفعل ذلك يوما بعد اخر حتى وصلت باليمن الى ماوصلت اليه اليوم ...كما ان فيه فضلا عن ذلك مايكفينا للاستدلال على حقيقة الدوافع التي جعلت الرئيس صالح يعبر عن نيته ويعلن عن قرار اعتزامه عدم ترشيح نفسه لمنصب الرئيس مرة اخرى في اخر اخر انتخابات جرت للتنافس على هذا المنصب قبل ان يضطرفي اخر المطاف للتراجع عنه مستسلما للضغوط التي تعرض لها بفعل ذلك من خلال المظاهرات الشعبية والجماهيرية التي حشدها ومولها اولئك المفسدون والنافذون في النظام المستفيدون من بقاءه على راس هرم السلطة كمظلة لهم , فكان ان اخرجوها تجوب شوارع المدن في حشود مليونية لتطالبه بالعدول عن قراره بماحملته هذه المظاهرات والحشود من رسائل ضمنية خطيرة للرئيس ومن يقف خلفه في حال مالو اصر على تطبيقه ولم يمتثل لمطالبهم بالتراجع عنه ...ومن ضمن التهديدات التي حملتهاهذه الرسائل للمعنيين باستلامها وتفسيرها تلك التي اخبرتهم ((بان محاولات التغيير عن طريق الانتخابات لن تجدي وستقود البلاد والعباد مع وجود هولاء النافذين في السلطة او في النظام الى ذات النتيجة التي كانت ستترتب على اصرار الرئيس بتنفيذ قراره بعدم ترشيح نفسه في تلك الانتخابات فعلا ,,وترشيح نفسه في هذه الانتخابات مشروط بنجاحه الحاسم فيها باي شكل من الاشكال على منافسيه والا فان النتيجة هي ذات النتيجة التي يخشاها الجميع من اي محاولة اخرى للتغيير..بعد ان ثبت للجميع عمليا بان التغيير التدريجي والتكتيكي عن طريق الحوارات والمؤتمرات والفعاليات الوطنية والسياسية والتنظيمية والضغوط الخارجية فشله الذريع وصعوبته الشديده وبات في حكم المستحيل بالنسبة لهم ..حتى تبينوا ان الرهان على اي محاولات من هذا القبيل لم يعد مجديا .
وانطلاقا من ذلك فقد انبثقت حاجتهم لدور الجماهير الشعبية لاستخدامها في ميادين المواجهة مع النظام كاداة بيد اولئك الانتهازيين لتحقيق التغيير بواسطتهم وعن طريق التضحية بهم ...
ومقابل حاحتهم تلك للجماهير الشعبية في القيام بمهمة التغيير فقد كان ان استعدوا بالمؤنة والعتادوالتدابير اللازمة التي تضمن لهم السيطرة عليها والتاثير فيها والانفراد بقيادتها وتحريكها وكبح جماحها في الساحات كيفما اقتضت مصالحهم ..
فلو اجلنا النظر ووقفنا لحظة للتامل في الاسباب والعوامل التي ادت الى عرقلة الثورة حتى الان او حرفت مسارها الجماهيري الطبيعي نحو الاتجاه السياسي سنجد ان معظمها انما تعودفي الاصل وترتبط بشكل وثيق و مباشر وغير مباشر بالموقع الذي اتخذ منه الشباب ساحة لثورتهم واعتصاماتهم الشعبية امام جامعة صنعاءيومها بعد ان اغلقت في وجوههم بقية الساحات والميادين المناسبة الاخرى بل والاكثر موائمة منه لثورتهم على نحو يوحي بان اختيار هذا الموقع كان مرتب له سلفا من قبلهم ولم يكن وليد اللحظة التي تم فيها او عن طريق المصادفة او بشكل عفوي او تلقائي كما بداء الامر في عيون اولئك الشباب وانما بنََي على الشروط والمواصفات التي تخدم مصالحهم وغاياتهم الشخصية والفئوية والحزبية دون الشباب ودون علمهم ..وتلك الشروط والمواصفات التي نشير اليها هنا لا ولم تقتصرعلى العوائق التقنية والميدانية والجغرافية والاجتماعية التي مثلها هذا الموقع للشباب على طريق مسيرتهم الثورية من حيث بعده عن القصر الجمهوري والمقرات المركزية للحكومة ومؤسساتها الرسمية ووقوعه في شارع ضيق ومزدحم بالسكان في اقصى جهة من المدينة ماتسبب الى حد كبير في صعوبة الحركة وامكانية التوسع الجماهيري فيه وجعل المقدمة المفترضه له في المؤخرة والمؤخرة في المقدمة وحول قبلتهم الثورية بالاتجاه المعاكس لها,,بل انها امتدت لتشمل الابعاد الفنية والمعنوية والثقافية ايضا التي مثلها هذا الموقع علاوة على ذلك بالنسبة لمن رتبوا لاختياره في تسهيل طرق سيطرتهم على الجماهير التي احتشدت فيه وهيئت لهم المناخ المناسب لممارسة اساليب التاثيرفيهم والضغط عليهم وتوجيههم ,..على ان الاهم من كل تلك الشروط تمثل في وقوعه على مقربة من قيادة الفرقة الاولى مدرع وثكناتها العسكرية التي يقودها اللواء على محسن صالح الاحمرالذي امتلك (اكثر من اي طرف اخر ولاعتبارات توفرت له دونهم) صولجان الضغط والتاثير عليهم وكان صاحب اليد الطولى والكلمة العٌٌلياء في توجيههم وادراة انشطتهم الثورية وتحديد مسارات وجهتهم على نحو ماجرى بعد ان اعلن انضمامه اليهم وانشقاقه عن النظام كأول رد فعل عملي يصدر بصفة رسمية عن واحد من اهم واخطر اعمدة الحكم العائلي واركانه العسكرية احتجاجا على مجزرة جمعة الكرامة التي اودت بحياة العشرات من الشباب الابرياء والضحايا(كما ادعى) فضلا عن جرح الكثيرين منهم بنيران الغدر ورصاصات الحقد والخيانة التي صوبت الى رؤسهم الطاهرة وهم في جلال السجود لربهم لاداء صلاة الجمعة يومها..ومن الثابت حتى الان بان الشعب بكل فرد فيه قد صدقوا واقتنعوا بما ادعاه لتبرير انشقاقه عن النظام وانضمامه اليهم في الساحات من خلال الخطاب الذي القاه على مسامعهم بُعيد ارتكاب تلك الجريمة الشنعاء مباشرة ..غير ان الصحيح _حسب تقديري ووفقا للتحليل المنطقي والقراءة الموضوعية للوقائع ومجرياتها الفعلية _ هو العكس!! اذ لاشئ يدعونا للاقتناع بمبرر كاللذي اراد علي محسن ومن خطط له ان يقنعنا به وخصوصا اذا كنا نمتلك الحجة ليس فقط لدحضه وتفنيد دعواه بل ولإثبات نقيض ماحملته من مبررات حول ذلك .
وان اردنا ان نتحقق من هذا الامر فعلينا اولا ان نفرق بين مدلول كلمة ((السبب) وبين مدول كلمة (المبرر) من الناحية اللغوية والمنطقية واذا تمكنا من التفريق بين مدولول كل من المفردتين على هذا الاساس فسندرك ان الاولى تعني الدافع او العامل او المحفز او المصدر المسؤل عن اقدامك على اي فعل او حركة او نشاط تقوم به في الحياة ..في حين ان الثانية تعني فيما تعنيه الحجة او الذريعة او العذر او الدعوى التي يتخذها المرء لاثبات ((السبب)) او نفيه.. كماتعني ايضا القناع الذي يتستر به للظهور امام الاخرين بغير صورته او لإخفأحقيقته عنهم (والحقيقة التي نقصدها هناهي السبب)ا.اي ان الانسان فينا قد يرتكب مثلا خطيئة بسبب معين وينسبها الى سبب مختلف او يبررها بذريعة اخرى ..ان لم يبررها بالسبب الفعلي ذاته الا انه لايستطيع ان يبررها بالسبب الفعلي ذاته في الحالة التي يمتلك المنطق فيها برهانا او مبررا اخر للنفي اكبر منه او يساوية من حيث القوة الواقعية للاقناع ..واذا طبقنا هذا الاستدلال المنطقي على حالة اللواء علي محسن التي نتحدث عنها فسنصل الى الاستنتاج الذي يقرر النتيجة التي تقول((ان مجزرة الكرامة انما حدثت في حقيقة الامر لتبرير انضمامه الى صفوف الثوار وليس العكس الذي ادعاه ...اي انه احتاج لوقوع هذه العملية قبل ان تقع ليتخذ منها مبررا لاثبات شئ ودفع اخر عنه امام المعنيين بالامر او المستهدفين منه ليتحقق له من وراء ذلك الوصول لغاية محددة ..غير ان حاجته المسبقة لوقوع تلك الجريمة لايعدوا ان يكون دليل ادانة عليه بارتكابها فيمالو وقعت فعلا أو بعد وقوعها..وان وضعه ذلك في دائرة الريبة او في قفص الاتهام ..الا انه يظل برئيا حتى تثبت ادانته ....
واذا كان بوسعنا ان ندعي من باب الادعأ لااكثر ان علي محسن لم يكن بحاجة الى مجزرة كتلك التي ارتكبت بحق الشباب في جمعة الكرامة لتبرير انضمامه الى ثورتهم فاننا في المقابل لا ولن نستطيع في الوقت نفسه او في اي وقت اخر ان نزعم ايضا بانه لم يكن بأشد الحاجة اليها لتبرير انشقاقه عن النظام ,
فقد كان بمقدوره ان لاينضم لطرف او ينشق عن اي طرف ,,وان يعلن موقف الحياد منهما ويمسك بمنتصف العصا بدلا من اختيار الموقفين معا ..عملا بماتقتضيه الحكمة الوطنية وتحقيقا لماتستوجبه مصلحة الشعب وامتثالا لفروض الاخلاص والولاء الوطني التي تقع عليه كمواطن قبل ان يكون قائدا ..هذا ان لم تكن حاجة الرجل لاعلان انشقاقه عن النظام تنبع من شدة حاجته لاعلان انضمامه الى صفوف الثوار في ميادين التغيير ,,في حين ان حاجته للانضمام الى صفوفهم لم تأتي فقط من باب الحاجة التي اقتضتها حسابات السيطرة والتأثير التي استهدفت هولاء الثوار بل وليتمكن في اللحظة نفسها من ترجيح كفة التوازن الشعبي للثورة وتعزيز قوتها لمواجهة قوة وتماسك النظام سعيا لخلخلته وتفكيكه من الداخل اذ لم تكن الاعتصمات الجماهيرية في الساحات كافية وحدها لتحقيق ذلك مقارنة بالقوة والامكانيات المادية والعسكرية والاعلامية الكبيرة التي تملكها عصابات النظام
حادثة النهدين
بوسعي ان ازعم بالجزم الى حد اليقين بان حادثة مسجد النهدين التي قيل بانها استهدفت الرئيس صالح وبعض من قادة النظام الشكليين الذين كانوا معه لاداءشعائر صلاة اول جمعة من رجب لم تكن الا عملية نفذت بتخطيط وتدبير خارجي بعلمهم جميعا وبالاتفاق المسبق مع قادة احزاب اللقاء المشترك واطراف اخرى بقصد تخليص الرئيس على وجه التحديد من ورطة التوقيع على المبادرة الخليجية التي وجد نفسه فيها بعد ان واجه وهم معه ايضا ذات الصعوبات والمخاطر والتهديدات التي سبق وان واجهها مع تلك القوى المتنفذه في النظام والمهيمنة على مفاصل الحكم فيه عندما اصدر ذلك القرار الذي عبر فيه عن انعدام رغبته الشخصية والسياسية في ترشيح نفسه مجددا لخوض الانتخابات الرئاسية التي خاضها في نهاية المطاف مع منافسيه في العام 2006 م بعد ان راى من بوادر خطرها ومؤشراته على الارض ماحمله على التراجع عن ذلك.
بوادر ومؤشرات هذا الخطر ذاتها تكررت مرة اخرى وظهرت بوتيرة اشد منها في اول موعد تم اقراره وتحديده للتوقيع على المبادرة الخليجية بحضور الامين العام لمجلس التعاون الخليجي الذي كان يرعى المهمة ويتبناها في العاصمة صنعاء يومها عندما دفع هولاء المتنفذين في النظام بمناصريهم ومؤيديهم من الجماهير الشعبية لقطع شوارعها الرئيسية وطرقها العامة تعبيرا عن اعتراضهم الغاضب ورفضهم القطعي للمبادرة الخليجية وتحذيرا للرئيس والاطراف المعنية بها من مغبة توقيعه عليها .
الامر الذي اثبت مخاوفهم السابقة و اللاحقة ايضا من المخاطرالتي كانت محتملة عن اقدام الرئيس على خطوة كبيرة كهذه من شانها ان تضر بمصالح هذه القوى وتهدد بقائها في مراكزها النافذة بالسلطة والنظام بشكل قد يضعها في الزاوية الضيقة ويقودها الى اغتياله او يدفعها للقيام بانقلاب عسكري ضده فيما لو قرر الاقدام على تنفيذها ..لذلك فقد لجأ مضطرا الى اساليب المراوغة وفنون المخاتلة والمناروة ومهارات المساومة واللعب على الحبلين التي يجيدها ببراعة تارة باعلان القبول واخرى باعلان الرفض وثالثة بالقبول والمهادنة والاشتراطات العرجى التي ظل يطرحها من وقت الى اخرفي محاولات بائسة منه وممن يملي عليه ويقف خلفه لكسب الوقت و لترويض هذه القوى وتكييفها وخلخلتها وزرع الاستعداد لديها للقبول بذلك وللحيلولة دون قيامها باي عمل مناهض له من قبلها الا ان كل تلك المحاولات قد باءت بالفشل ولم تؤدي الا الى نتائج نقيضه ...حتى اشتد به الخناق بين قوة الضغوط التي شكلتها عليه تلك القوى المتنفذه في النظام من خلال رسائل التهديد والوعيد التي ظلت تبعثها اليه وبتعبيرات مختلفه كلما همّ بالتوقيع على هذه المبادرة من جهة وبين قوة الضغوط الشعبية التي واجهها على الجانب المقابل من ساحة التغيير التي كان غليانها الجماهيري المتأهب للزحف الثوري على القصر الرئاسي والمطالب له بالرحيل الفوري قد بلغ ذروته القصوى من جهة ثانية فلم يجد امامه والحال كذلك مخرجا يتسع لخروجه من هذه الورطة بسلام ودون ان يتسبب ذلك باحد الضررين الذين كان يخشى منهما او كلاهما الا من خلال اختلاق دعوى تبرر موته ومقتله في تلك الاثنأ بواسطة التنفيذ المفبرك لحادثة النهدين التي انتجت في المعمل الامريكي بالسيناريو الذي رأيناه لانقاذ مصالحهم من الخطر الذي كان وشيكا عليها اذا ما استمر الرئيس في مناوراته ومراوغاته السياسية على ذلك المنوال,,وبالتالي اعفاءه من مهمة التوقيع على المبادرة بعد ان وقع عليها ممثلي حزبه مع ممثلي بقية الاحزاب المعنية بالتوقيع عليها في وقت سابقبحيث تظل امكانية انتقال السلطة بشكل سلمي وامن الى نائبه الفريق عبده ربه منصور هادي قائمة عملا بمانصت عليه البنود الواردة فيها فان لم يكن ذلك ممكنا فبمقتضى المواد الدستورية التي نصت ايضا على ذات الاجراء في حالة ما اذا تعرض الرئيس الى اي عارض من هذا القبيل ..ومن هنا فقد اقتضى الدور الذي انيط بعبد ربه منصور هادي على وجه الخصوص باعتباره نائبا للرئيس ان لايكون من ضمن الحاضرين _رغم انه يفترض ان يكون اولهم لولم تكن العملية مدبرة حقا بالاتفاق معهم _مع من جرى انتقائهم بعناية بالغة وفقا للدور الملقى عليهم لتأدية شعائرصلاة الجمعة مع الرئيس بجامع القصر الجمهوري يومها ليس فقط ليصدق الناس ويقتنعوا بوقوع الحادثة فعليا من ورأ الزعم بتعرضهم لما تعرضوا له معه اثر ذلك بل ولان الاهم منه كان يستهدف تبديد الخيارات الدستورية لانتقال السلطة لاي شخص او طرف اخر غير نائب الرئيس بحيث يقطعون الطريق في نفس الوقت امام كل من قد تسول له نفسه باستغلال هذا الظرف لاغتياله (اقصد النائب).
ولما كان التاكيد على نبأ موت الرئيس ومقتله هو بالذات من بين البقية في الحادثة على هذا النحو المفاجئ يعتبر مجازفة غير محسوبة ولامضمونة النتائج وتنذر باحتمالات وخيمة في الغالب وردود فعل عكسية وتنطوي على ذات المخاطر التي انطوت على خيار قيامه بالتوقيع على المبادرة فقد كان للمُخرج الذي دبر لها وانتجها ان يسرب معلومات متضاربة وغير مؤكدة حول مصيره وعن حالته الصحية الحرجة..ولتفادي تلك الانعكاسات الخطيرة التي كان من الممكن ان تترتب على ذلك وبالذات من اولئك المتنفذين في النظام وكي لايقومون باي انقلاب عسكري لاستلام الحكم من بعده او باي اعمال فوضوية من شانها ان تقود البلاد الى اتون حرب اهلية او قبلية او اضطرابات شعبية فتبعثر باوراق اللعبة فقد كان عليه بعد وقت قصير من وقوعها ان يلقي خطابا مقتضبا على مسامع الجميع لبث بعض الطمأنينة في نفوسهم واشاعة نوع من التوازن المعنوي لديهم وكان لابد ان يشير فيه ايضا الى براءة ثوار الساحة من تهمة ارتكاب هذه الجريمة ضده ومرافقيه لا ليعفيهم من عقوباتها كما اوحى اليهم بل ليجردهم من اي فضل قد يحسب لهم في التغيير وليحرمهم من شرف المشاركة في تحقيق هذا الانجاز التاريخي وليسلبهم نزوة الشعور بالنصر الذي قد يخامرهم بفعل ذلك وليقلل من اهمية دورهم الثوري في الساحات وينتقص من تاثيرهم الجماهيري فيما حدث له في حين يجيّركل ذلك ومن حيث لايعلمون باسم الطرف الذي ظل ينسب اليه تهم الوقوف خلف ماحدث وماكان يحدث من قبل ويحمله المسؤلية الكاملة عنها وعن نتائجها ويوجه له مجمل التهم والافتراءات والانتقادات التي ظل يكيلها اليه من باب الاعتراف بجهوده وقدراته الخارقة والاقرار بدوره الفاعل وتأثيره البالغ على خلخلة نظامه وزعزعة قوته على نحو تعمد التهويل فيه من امكانياته الكبيرة وطاقاته القوية لاحداث التغيير ليمهد له طريق الوصول الى السلطة وليمنحه الشرعية والاولوية الكاملة والحق الذي لاينبغي لسواه لاستلامها بدلا عنه دون الجميع او دون اي طرف اخر وليس من باب الخصومة والعداوة التي ابداها له امامهم لتمرير ذلك عليهم وفي نفس الوقت يحسن من صورة هذا الطرف في عيونهم فيحظى بقبولهم وتقربهم اليه وتقديمه عليهم .
في وقت لاحق من عمر هذه الحادثة وبالتحديد عندما بدأت شكوك الناس تتزايد حول حقيقتها واخذت الجماهير الشعبيةفي الساحات تصعد من حدة غليانها الثوري مجددا على اثر ذلك كان على المطبخ ان يعمل على وضع حدا لهذه الشكوك واخمادها بشكل او باخر لاقناعهم بوقوع هذه الحادثة بالفعل قبل ان ينكشف امرها وان استدعى ذلك الاستشهاد بوفاة رجل مثل رئيس مجلس الشورى الاستاذ عبد العزيز عبد الغني الذي سبق وان بثوا خبر اصابته مع من اصيبوا في الحادثة معه,,بحيث لايعد لمخلوق ان يشك او يتشكك في صحة مثل هذا الخبر على الاطلاق لاعتبارات يعتقد الكثيرون بانه يستحيل على احدهم كائن من كان ان يوظفها لتضليل الناس باكاذيب تصل الى هذا الحد المستبعد بالنسبة لهم من الافتراءات التي لايصدقها العقل فيقبل بها كحقيقة ماثلة بكل براهينها المفتعلة امامه وبذات المراسم والتجهيزات والطقوس والمراثي والدموع التي عادة ما يشيعون بها جنائز الموتى الحقيقيون ممن في مستواه الى المقابر .
لذلك فقد يتهمني اغلبكم بالهراء والمبالغة في هذا الطرح غير ان الامر في نظري يعد امرا مؤكداوواقعيا ايضا ....والذين يؤمنون ويدركون بان حادثة النهدين انما كانت تمثيلية تراجيديه لتزييف الواقع وتسميم العقول وتضليلها كما ذكرنا سلفا هم وحدهم فقط الذين يؤمنون ويدركون في الوقت نفسه بان موت عبد العزيز عبد الغني انما كان واحدا من فصول تلك التمثيلية التراجيدية الطويلة التي لم تنتهي فصولها بعد ...ولايمكن لمدعي ان يقر بالاولى ولايعترف بالثانية او العكس ..فأما ان يقر بالاثنتين معا او ينكرهما معا وعلى من ينكرهما معا ان يعلم ان اراد ان يعلم بان كلفة التاكيد للناس على موت هذا الرجل او غيره دون ان يموت فعلا بعد التاكيد الذي سبق عن اصابته في تلك الحادثة دون ان يصاب حقا لاتساوي شيئا يذكربالمقارنة مع القيمة الكبيرة للاهداف والغايات التي حققها المستفيدون واصحاب المصلحة الحقيقية من قيامهم بذلك ..وهم لايحتاجون لتاكيد هذه الافتراءات والاكاذيب واقناعنا بها الا لعقول كعقولنا العربية وكفى ,,


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.