غالباً ما تكون مهمة الأممالمتحدة محصورة فقط في أبدأ «الشعور بالقلق» أزاء كل مشكلة أو حادثة تحدث في أي دولة من دول العالم، إلاّ فيما يخص إقتحام مطار الحديدة وميناءها فقد أختلف الأمر تماماً. حيث ترى الأممالمتحدة أن تدخلها قد أصبح ضرورة ملحّة لفتح جولة جديدة من المشاورات الجنيفية لإنقاذ أبناء الحديدة واليمن - كما تقول - من وضع كارثي في حال استمرت معارك الساحل الغربي وتوغّلت القوات المنضوية تحت مظلة شرعية هادي والمدعومة إماراتياً باتجاه مدينة الحديدة محقّقة إنتصارات ساحقة على جماعة الحوثي. قد يصبح وضع مدينة الحديدة حسب نظرة الأممالمتحدة لما ستؤول إليه معارك الساحل أكثر كارثية لا شبيه له في حجم الكارثة إلا وضع المدن الساحلية التي تجتاحها موجات المد العاتية «تسونامي» مما تسبب العديد من الكوارث المختلفة تؤدي إلى خسائر بشرية ومادية وحتى بيئية واسعة النطاق. وعلينا هنا - من باب السخرية طبعاً - أن نضع تحت كلمة «كارثة» خط أحمر عريض لأنها لم تأت في سياق الحديث الأممي إلا للتأكيد على كل ما تحمل الكلمة من معنى لغوي وإصطلاحي في كل قواميس والغات شعوب العالم المحبة للهدوء والسكينة والسلم والسلام، بصرف النظر عن معاناة أبناء الحديدة في مواجهة خطر المجاعة، الكارثة الكبرى التي عاشوها بقسوة منذ إندلاع الحرب دون أن تنبس الأممالمتحدة ببنت شفه. فالجميع يعلم حتى الذين لا يفقهون في أبسط أبجديات السياسة إن إصرار المبعوث الأممي ودعوته المفروضة على جميع أطراف النزاع بما فيهم التحالف للتهدئة وإستئناف مشاورات جديدة في وقت كانت القوات المحسوبة على التحالف على مشارف مدينة الحديدة إنّما جاءت لعرقلة هذه القوات من التقدّم والسيطرة على آخر منفذ يربط بين جماعة الحوثي والدول الداعمة لها. عدا شرعية هادي القابعة في فنادق مدن الرفاهية فإنها لم تستوعب بعد، فهي لا تجيد إلاّ رفع شعارات بالية لا تتناسب مع ما يدور على أرض الواقع ولا تزال تدّعي عزمها بكل ما أوتيت من «أقلمة» على رفع علم ما يسمّى بالوحدة فوق جبال مرّان، وفرض ما أطلق عليه باليمن الأتحادي عن طريق تمسّكها بالمرجعيات الأممية الثلاث، ولكنها في الأخير ستتضطر رغماً عن أنفها بعد أن تفوق من غيبوبتها على أن تبل المرجعيات المتمسّكة بها طوال الفترة السابقة وتشرب ماها.