الملحوظ أن الأجواء بين صالح والإصلاح بدأت تميل الى الصحو آثر غِيِّم تواصل منذ مؤتمر الأصلاح الثالث في فبراير 2005م, عندما اشار المرحوم الشيخ عبدالله في افتتاح المؤتمر بأن "اليمن يمر في نفق مظلم" ليأتي سريعآ رد (صالح) عبر إعلام المؤتمر: " الشيخ عبدالله هو الباب الواسع للنفق المظلم ". شفق الصحو الذي يخترق ظلام النفق, يقودنا الى التوقف قليلاً إزاء المستجدات وثنايا اللقاء بلاحدود الذي اجرته الجزيرة مع الأستاذ محمد عبدالله اليدومي في 12/9/2012. لقاء يمكن القول أن الأمور اصبحت بعده أكثر انكشافآ. اللافت ان مقدم البرنامج حاول إقناع (اليدومي) إن صالح مخلوع, إلاّ ان رئيس حزب الإصلاح أبى واستكبر على هذه الحقيقة, مصرآ إن صالح رئيس سابق. الفارق بين الإصطلاحين هو سر الحصانة. أما المفارقة الإصلاحية في تعريف صالح: ان السيدة توكل كرمان في اول لقاء تلفزيوني لها, بعد حصولها على ثلث جائزة نوبل للسلام, كانت وهي الشابة الإخوانية الإصلاحية, كانت في بلا حدود(الجزيرة ) تصر على إسباق إسم صالح بالمخلوع رغم تنبيه ذات المقدم: إن صفة المخلوع لا تنطبق على الرجل كونه أنذاك لا زال رئيساً للجمهورية. واللآفت الأبرز أن المذيع الإخواني شزر المرأة بنظرة تحذيرية عندما همَّت النطق بإسم الحراك الجنوبي, فبلعت ال(رَاك) بعد إن كانت قد نطقت ب(الحِ). والحلقة مسجلة لمن يريد التأكد من عملية البلِّع. فما نشهده اليوم من تحولات في المواقف, يدل على رغبة بعودة تدريجية للضوء الى النفق المظلم, عبر البوابه الضيقه أولاً ومن ثم الواسعة. البداية الزاعقة كانت على مأدبة الإفطار الرمضاني والعشاء الرئاسي في الأول من أغسطس الماضي, تمثلت بعناق أمين عام الأصلاح عبدالوهاب الأنسي لقائد الحرس الجمهوري العميد أحمد إبن الرئيس السابق, المخلوع لا تتوافق والحدث, وتبادلا القبل في لحظة عبرا فيها عن دفيِّن إشتياق, مما دفع القطب المؤتمري (البركاني) للتعليق بالقول "يا عبدالوهاب كل هذه السنة والنصف وأنت خاور وخازي" .. أقروا بالقبل بعد رفض لكنهم نفوا العناق, حسب مأرب برس. ومن البدايات التي لم تعلن في وقتها ما أكدته كرمان ل(التاريخ) مؤخرآ, من على قناة سهيل الفضائية: ان (الأنسي) طلب منها عدم رفع شعار "الشعب يريد اسقاط النظام". وهو دليل بان الأخوان مُضطربين في علاقاتهم مع القوى السياسية كونهم جماعة دعوية تدثرت رداء الحزبية لا لممارسة العمل السياسي, وإنما للوصول الى السلطة وتحويلها الى دعوية, وكل المؤشرات تدل إنهم بالغريزة مستعدين للمساومة بأي ثمن ومع ايٍ كان, تجدهم يراقبون اتجاه الرياح بدقة بالغة الذاتية, ويغلبون مصلحة الجماعة على ارادة التغيير المجتمعي, والثورة عندهم تكتيك وليست استراتيجية. بغض النظر عن حديث القبل ورفض الإسقاط, فالكثير من المؤشرات وكم الدلاءل يشير الى إن اخوان (القباطي) يعملون هذه الإيام على صيانة خطوط احتياطية للرجوع الى إبن أبيه, الرجل الصامت, إذ تدل جهودهم المخفِّيه: إنهم بحاجة الى واجهة خرساء أو شبه, يستمعون لها أكثر مما يسمعون عنها, واجهة يتحركون بحسها, أكثر من إحتياجهم لثرثرات وعقائر مفوّه, يجدِّف جنوبآ, وبحق شباب ونساء التحرير, وأكثر من احتياجهم لتأتآت وارث المشيخة, الذي توعد الجنوبيين بقطع الألسن, ان لم يكفوا عن محاولات الخروج عن الطاعة. على هذا الأساس يمكن فهم ما قاله اليدومي في بلا حدود: "إن هناك من الشخصيات الأجتماعية تحاول إن تجعل من هذا الشعب قبلي" وكرر القول: "وهناك من الشخصيات الإنتهازية تريد ان تجعل الشعب اليمني شعب قبلي" وثَّلَث القول "الشعب اليمني لا يمكن أن تُحجِّمة في القبيله". وهذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها حديث عن القبيلة على هذه الشاكلة, من قبل شخص يقود تحالف القبائل, بقيادة اولاد الشيخ الأحمر مع جماعة الأخوان بقيادة الشيخ ياسين عبدالعزيز القباطي, تحت اسم حزب التجمع اليمني للإصلاح .. ومعنى (هاتريك) اليدومي واضح الدلالات ولا يحتاج الى كثير العناء! معناه إن ثرثرات الملياردير القبيلي, وتأتآت الشيخ المحرجة, تضع الأخوان في الأهبة وعلى خط نار متواصلة, بارده صحيح, إلا إن قابليتها للصعود سخونة تأثرآ بطقس عدن الجنوبية الخارة أكبر من قابليتها للهبوط من جبال صنعاء الشاهقة, فحاجة الاٍخوان في المرحلة الحالية, وهم مقاولوا قطف ثمار الثورات: الياسمين في تونس واللوتَّس في مصر, حاجتهم لواجهة مؤقته, كحاجة اخوان مصر التي كانت للمجلس العسكري, واجهة تمزج بين القوة والغموض, في مرحلة يستعدون فيها لقطف اغصان (القات), ان سمح لنا ثوار الستين بالتسمية. فالسرية والغموض هي القاعدة الذهيية التي يدارون بها شموع إنارة دروب الوصول الى القصر, أكان جمهوري كما في مصر وتونس او ملكي كما هو مؤمل في المغرب والأردن, وتجربة أخوان السودان وغزة تؤكد أن السذج وحدهم, من يبنون على وعود تشاركية مع الإخوان, أو مع شيوخ الإسلام السياسي بعامة وأخوان اليمن لن يشذوا عن القاعدة. فمبلغ إرادة هؤلاء وغاية أمانيهم هي السلطة, وهي حق لهم مثلما هي لغيرهم, لكنهم يبدون عزوفاً ظاهريآ عنها في الوقت الذي لا يترددون عن احتضان الشيطان (السياسي) ان كان فيه دفىء وطاقه تساعدهم على بلوغ المراد وحين تعز المواقف تجدهم كبرّادة الحديد يتجمعون حول الطرف المنافر من قضبان المغناطيس, وميزانهم يرجح كفة العشيقة على كفة الزوجة, كمفاجأة انكار الرئيس محمد مرسي مراسلة شيمون بيريز, مما دفع الثاني الى نشر الرسائل في محاولة إسرائيلية خبيثة لفضح تشدد لفظي تواصل ما يربوا من الثمانين عام. أخطر ما في المقابلة الأخوانية بلا حدود هو السئوال الإرتجالي, الذي اعقب تندر المقدم ببيعة الإشتراكيين والناصريين وكل القوى الساسية اليمنية بيعتهم للأخوان, وكان السئوال بصيغة تهكمية: "يعني الإخوان في مصر سايبينكم تشتغلوا زي ما انتم عايزين"؟؟؟ .. بغض النظر عن حالة الأحراج التي تملكت (اليدومي) والمفاجأة من الصيغة التي لم يكن يتوقعها من قطب في تنظيمهم الدولي, وبغض النظر عن الأجابة التي كانت تبريرآ لتقصير في تواصل, لا رفضاً لتبعية او إنكاراً لولاءٍ, فإن السئوال يحمل في طياته ومدلولاته رسالة صادمة لكل يمني, وتحديداً في هذه المرحلة رسالة مفادها: إن اكبر حزب سياسي في اليمن, يتأهب لإستلام السلطة, يدار من قبل الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان من منطقة (المقطم) في القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية!!