كثيرا ما اسمع هذا المثل (شجن قتل العجوز) والذي يحكي مأساة عجوز شاهدت بالمصادفة مجموعة من الناس.. فقادها الفضول الى ان تحشر نفسها بينهم لتعرف مالموضوع حتى ماتت دهسا دون ان يشعر بها احد.. وهكذا هو شعبنا العزيز (شجن الحوار قتله ) ..الجميع يلتقط اقرب جملة قيلت ولو حتى لم تكن اكيده..او ان قائلها متجنِ .. يعدون انفاس الحوار .. وهم حقيقة لايهتمون كثيرا لما سينتج عنه ..وهل سيكون نافعا ام مخيبا للامال..لاني اظنهم عرفوا مقدما خيبة املهم فيه..لكنهم وبكل حماسة ينظرون بأعين ثاقبة نحو قتال الاخوة الاعداء في لجنة الحوار ومن سيليهم.. والحقيقة الوحيدة التي يؤمنون بها انها إنما نظرة محاصصة ليس اكثر..فكل مترقب منهم ينتظر ان ينتصر ذلك العضو الهمام الذي ينتمي في الاساس الى تكتله او حزبه ..وينتظر بلهفة عميقة زلة قدم الطرف الاخر .. (فزلة قدم خير من الف حوار) ولان زلة( القدم واللسان) في بلادنا اصبحت مشروعا قوميا يتمناه كل طرفا للاخر..ليصبح بعدها(لكل حوار كبوة)ويصبح الاخوة المتحاورين (لقمة) طرية تتقاذفها السن الشعب العظيم.. ويبدو مبدأ الحوار هنا اكثر بشاعة مما كان مخططا له .. ليس لانه لاقيمة له..بل لانه اصبح حجة من لاحجة له..ولكل حجة عمياء لقيطة الف باب تقود الداخل فيها الى عالم التوهان المتعمد والمقصود.. فتلك الجماعة او الحزب لاينوي الدخول في مجمل الحوار الوطني لان تلك الجماعة او الحزب موجوده ويفترض ان لا تكون حاضرة هنا لانهم لايتنازلون بوضع ايديهم في يد العدو..لم يعد العدو خارجيا اذا بقدر ماهو داخلي المبدىء والمنشأ.. وإن نوقشت نقطة كبداية لجر الحوار المهترئ نحو نقطة الجدية ..ولم تعجب تلك النقطة فئة من الفئات ..تبدأ تلك الفئة بنصب الكمائن وتصيد الاخطاء للجهة الاخرى التي تبنت النقطة..تماما كما حدث مع (الناشطة امل الباشا )..عندما تقدمت بطلب قانون يُحدد فيه سن الزواج للقاصرات..وكان المطلب شعبيا حقا..وانثويا بالدرجة الاولى..وكحد لماتعانيه القاصرات في وطني من عدم مبالاة ذويهم لما قد يؤول اليه حالهم من تدهور صحي او موت..لان ثمان من القاصرات اليمنيات على الاقل يمتن يوميا بسبب الزواج المبكر حسب التقرير الرسمي الذي نشره(المركز الدولي للدراسات) ولأن الفكرة لم ترق لكثير ممن يبيعون ويشترون فينا .. ولاننا مشروع قابل للمساومة في نظر اولي الامر فهم لايقبلون فينا مساومة إلا بإذنهم...بدأ التربص بالناشطة (امل الباشا )..واصبحت فريستهم بكل المقاييس..وهذا ان دل انما يدل عن عدم نضوج فكرة الحوار لدى الطرف الاخر ومهما كانت مسمياته وتوجهاته..فلافضل لطرف على طرف إلا بالاقاويل والخطط المحاكة ومدى نجاحها في إيذاء الاخرين.. لم تكن رحلة حوار كهذا يفترض بها ان تمثل وطن وتقوده نحو الخلاص رحلة سيئة او غير مجدية..لكن الفكرة التي حولته الى جحيم هي مبدىء المحاصصة والمتاجرة في حلم شعب وضع ثقته وامله فيهم.. والفكرة الاكثر خطورة ..هو ان يمثل ذلك الحوار اشخاصا كانوا هم سببا رئيسيا في قمع حياة شعب بأكمله .. لم يتركوا حيلة يقتلون بها وينهبون عالمنا الا وسلكوها.. خرج المواطن المسكين نحو الشارع وكله امل ان معاناته ستنتهي بنهايتهم وانه سيصنع غده المأمول بقوة وإصرار وعزيمة.. ..وإذا به يجدهم يقفون على رأسه يحركونها كيفما يشاءوا في جميع الاتجاهات ليشتتوه ويرهقوه..يرمون له الطعم..ويقفون يتفرجون كيف سيلتقطه ثم يوزعه على البقية كما يريدون هم.. وجدهم هم انفسهم من سرقوه يقودون حوار مستقبله الآتي..ولم تثمر كل صرخاته بجديد.. إذ لم يترفع اؤلئك الاشخاص صانعي مجد الفساد السابق عن صنعه مجددا..وتحويل كل نقاط الحوار الى مناحرات شخصية..وعبث جديد لم يعد يطقه احد.. لم يأت اذا الحوار بجديد فلاهيكله للجيش ..ولا أزالة لرموز فساد مضى ..ولا وطن جديد..إنما كره وعداوة واستعداء للجميع..ونثر الفرقة بين ابناء الوطن الواحد...والاستحواذ قدر الامكان على الاخرين ..ونفيهم..واغتيالهم..واللهو كيف يحلوا لهم.. وهنا لم يعد يخفى علينا جميعا من هو المسئول الرئيسي عن كل هذا العبث..جميعهم يعرفون انفسهم..ولم يخرجوا بالوطن كما وعدوا نحو النور..بل قادوه نحو ظلام جديد ومتاهة اخرى لايعلم احد متى تنقذنا منها الصدفة المحضة بالخروج..ولنا فيما يحدث في ريده عبرة من الاتي المجهول..